العنف كحق مكتسب بقلم: أبو بكر العيادي

  • 8/3/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

إخوان النهضة ينظرون إلى المرأة كأداة للتناسل، لا دور لها إلا الإنجاب والسهر على شؤون البيت، يستوي في ذلك ذكورهم وإناثهم اللاتي ما فَتئن يمارسن ما يسميه دولابواسيي.العرب أبو بكر العيادي [نُشر في 2017/08/03، العدد: 10711، ص(15)] أثار مشروع تقدمت به وزيرة شؤون المرأة والأسرة في تونس أمام مجلس نواب الشعب حول “مقاومة جميع أشكال العنف المسلط على المرأة” ردود أفعال متشنجة، تعكس الصراع بين قوى تقدمية تريد منح المرأة حقها في مواطنة كاملة، وسنّ قانون يحترم حرمتها الجسدية والمعنوية باعتبارها إنسانا في المقام الأول، فضلا عن دورها كركيزة أساس من ركائز المجتمع؛ وبين قوى رجعية تريد تكريس النظرة الباتريركية، التي لا تزال تقول بقوامة الرجل على المرأة، وحقه في التصرف في جسدها ومصيرها كما يشاء. والحق أن موقف إخوان النهضة كان متوقعا، لأنهم ينظرون إلى المرأة كأداة للتناسل، لا دور لها إلا الإنجاب والسهر على شؤون البيت، يستوي في ذلك ذكورهم وإناثهم اللاتي ما فَتئن يمارسن ما يسميه دولابواسيي “الرق الإرادي”، فقد انبرت منهن نائبات داخل المجلس يحذّرن من هذا المشروع، ويعتبرنه معولا سيقوض أركان الأسرة. وهذا ليس مستغربا من نسوة نزلن إلى الشارع للمطالبة بتعدد الزوجات، والتنديد باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة. ولكن الغريب أن يجاريهن في موقفهن بعض المحسوبين على النخبة المثقفة، على غرار نائب يدرس علم الاجتماع كان شغل منصب وزير للتربية لبضعة أشهر في عهد الترويكا. هو أيضا، وإن توسل بمرجعيات سوسيولوجية لمزيد الإقناع، رأى في هذا المشروع “أداة لتدمير أسس الأسرة، ومنفذًا إلى النسوية الراديكالية، وتشريعًا للمثلية، ومدخلا لوضع أسسِ أسَرٍ قائمة على السّحاقيات والمخنثين”. وبصرف النظر عن كونه يخلط عمدًا بين مختلف الحركات النسوية، الراديكالية منها والليبرالية والاشتراكية، ليوهم بأن هذا المشروع سيخلق مجتمعا نسائيا، متبنّيًا خطاب اليمين المتطرف في الغرب، الذي يربط هو أيضا النسوية بالمثلية، فإنه ينطلق من إحساس ذكوري باتريركي عام بأن منح المرأة مثل تلك الحقوق هو عنف رمزي ضد الرجال، سوف يُفقد المجتمع رجولته، ليفتح الباب أمام هيمنة نسائية، قد تستغني خلالها النساء عن الرجال تماما، وتدفع بهم إلى الشذوذ. كل ذلك باسم المحافظة على الهوية العربية الإسلامية، وكأن التمسك بالهوية يبيح للرجل أن يمعن في إهانة المرأة واستعبادها واغتصابها والتحرش بها كلما وجد إلى ذلك سبيلا. ولا ندري هل يرضى هذا المثقف أن تُعنّف أمه وأخته وابنته، وتُسلب منهن كرامتُهنّ بتعلّة صيانة صرح الأسرة، ووقايته هو وأشباهه من الشذوذ. يقول هلفيتيوس: “الرجال هم من الغباء ما يجعلهم يتوهمون أن عنفا متكررا يغدو حقّا مكتسبا”. كاتب تونسيأبو بكر العيادي

مشاركة :