التركيبة السكانية بين الطرحين الواقعي والعنصري - مقالات

  • 8/8/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تشير بيانات الهيئة العامة للمعلومات المدنية، إلى أن النسبة الإجمالية لغير الكويتيين إلى عدد السكان تبلغ 70 في المئة، بينما يمثل المواطنون الكويتيون 30 في المئة فقط من إجمالي السكان؛ تبين هذه النسبة الخلل الكبير في التركيبة السكانية، حيث يمثّل المواطنون أقلية في وطنهم، ناهيك عن الضغط الكبير على موارد البلد وبنيته التحتية ومرافقه العامة. والحديث في هذا الموضوع قد يكون حساساً جداً، فهناك شعرة بسيطة تفصل بين مناقشة قضية اختلال التركيبة السكانية بموضوعية، وبين الانجراف وراء الطرح العنصري المقيت ضد الوافدين... فالوافد في النهاية إنسان لا يميزنا عنه شيء، ولكن شاءت الظروف أن يغترب بعيداً عن وطنه سعياً وراء لقمة العيش ولولا الحاجة لاستقر في بلده. كما أنه لم يدخل البلد متسللاً، بل أن هناك حاجة واقعية لمساهمة الوافدين في تقديم الخدمات والعمل في العديد من القطاعات التي تتطلب وجودهم. ما يحدث لدينا من تفاقم لمشكلة التركيبة السكانية جاء لأسباب عدة؛ أهمها سيادة ثقافة المجتمع الاستهلاكي والاعتماد على العمالة الوافدة في كل شيء تقريباً، وعدم الاهتمام بتطوير العمالة الوطنية، وتفشي تجارة الإقامات بشكل بشع، كذلك امتناع القطاع الخاص عن القيام بمسؤولياته الاجتماعية من خلال توفير فرص عمل للكويتيين، وحرصه على تشغيل العمالة الوافدة بحيث يتم استغلالها بأبشع الطرق. ولنا في إضرابات العمال المتتالية في شركات المقاولات أوضح مثال؛ حيث تمر عليهم ثلاثة أو أربعة أشهر من دون أن يتسلموا رواتبهم، ما يدفعهم للإضراب للمطالبة بصرف أبسط حقوقهم، وهو الحق في الأجر نظير العمل. كل هذه المشاكل والعوامل بالإضافة لعدم وجود سياسات وطنية واضحة للتشغيل والاستخدام والهجرة واستقدام العمالة الوافدة، تعتبر أهم الأسباب في اختلال التركيبة السكانية. أما بالنسبة للحلول المطروحة لحل هذه القضية، فمن المهم أن تكون هناك سياسة جادة لتأهيل القوى الكويتية والاعتماد عليها في تشغيل القطاعات الحيوية، كالنفط وإنتاج الكهرباء والماء، كما يجب محاربة تجار الإقامات وتطوير قانون الإقامة، أما بالنسبة للخدمات الأساسية كالتعليم والعلاج، فيفترض أن يكون هناك قانون يجبر رب العمل أو الكفيل على دفع تأمين يضمن حق هذا الوافد بتلقي تلك الخدمات، كما يخفف العبء على الدولة عند تقديم تلك الخدمات للوافدين. في الختام، خلل التركيبة السكانية يعتبر مشكلة جدية بحاجة لحلول موضوعية، أما السبب في تفاقم هذه المشكلة فهو يقع على عاتق الحكومات المتتالية التي رسخت الثقافة الاستهلاكية في المجتمع ولم تهتم لتطوير العمالة الوطنية، كما أن هناك دوراً مهماً للمتنفذين وتجار الإقامات في جلب أعداد مهولة من العمالة الوافدة ثم التخلي عنهم من دون أي التزام، وتخلي القطاع الخاص عن مسؤولياته بالاعتماد على العمالة الوطنية، لذلك يجب أن نبدأ بمعالجة تلك الأسباب ووضع سياسة جادة لتعديل ذلك الخلل البنيوي من دون المساس بالحقوق الإنسانية للوافدين. dr.hamad.alansari@gmail.com twitter: @h_alansari

مشاركة :