الانقسامات السياسية تطرق بقوة أبواب لبنان

  • 8/11/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت - ثارت موجة من ردود الفعل على الساحة السياسية اللبنانية مؤخرا على خلفية اعتزام عدد من الوزراء اللبنانيين زيارة سوريا بمبادرات شخصية دون تكليف حكومي رسمي. وأعلن وزير الإعلام ملحم الرياشي الذي أشار بعد جلسة للحكومة الأربعاء، ردا على أسئلة للصحافيين إلى أن "قرار مجلس الوزراء اللبناني هو النأي بالنفس عن محاور الخلاف وأي زيارة إلى سوريا لن تكون بقرار رسمي من الحكومة". وفي وقت سابق أعلن كل من وزير الزراعة غازي زعيتر من حركة أمل (شيعية) ووزير الصناعة حسين الحاج حسن (حزب الله) ووزير المال علي حسن خليل (حركة أمل) نيتهم زيارة سوريا بعد أن تلقوا دعوات رسمية من جانب الحكومة السورية، وسط انقسام سياسي حول الموقف من هذه الزيارات. وفي هذا الاطار قال عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل الكاتب والمحلل السياسي راشد فايد إن "الكلام عن زيارة وزراء لبنانيين لدمشق هو محض افتعال، فالجميع يعلم في لبنان أن العلاقات بين حزب الله وحلفائه كحركة أمل والحزب القومي السوري الاجتماعي مثلا، ماتزال قائمة مع نظام الأسد وهناك زيارات يقومون بها الى سوريا والهدف من الاعلان عن هذه الزيارات الآن هو دفع لبنان ليكون معبرا للنظام السوري إلى دول أخرى، وتحديدا الدول العربية". وأضاف "من هنا تم الحديث في الإعلام عن استيراد لبنان الكهرباء من سوريا من أجل إحراج قوى الرابع عشر من آذار أو القوى الرافضة لهذه الزيارات الرسمية إلى سوريا (تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي)، والقول لهذه القوى انكم تقبلون بالكهرباء من سوريا وترفضون الزيارات الرسمية إليها مع العلم أن موضوع استيراد الكهرباء هو اتفاق قديم بين البلدين يعود إلى ما بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية مطلع تسعينات القرن الماضي" وتابع "أعتقد أن الوزراء اللبنانيين سيزورون سوريا، لكن الحكومة لن تقرّ أي اتفاقية بين الطرفين، لأنه ووفق القانون لا يمكن للوزير البت باتفاقيات بين الدولتين لأنه بحاجة إلى توقيع كل من رئيسي الجمهورية والحكومة ووزير المالية والأكيد أن رئيس الحكومة سعد الحريري لن يوقع على أي اتفاقية مع دمشق". لكن الكاتب والصحافي المقرب من حزب الله قاسم قصير قال إن "موضوع الزيارات إلى سوريا يأتي بفعل الظروف الواقعية والميدانية وهذه الظروف تغيرت اليوم، ما يعني الحاجة إلى تغيير الأداء ولا يمكن التعاطي اليوم مع سوريا كما كان التعاطي معها في السنوات القليلة الماضية أيام احتدام الأزمة هناك، فنظام الرئيس بشار الأسد قطع مرحلة الخطورة وبات واضحا بقاؤه في الحكم". وأسهب قصير في الحديث عن انجازات النظام السوري خلال الفترة الماضية مسوقا لصورة نظام قادر على استيعاب صدمة ست سنوات من الحرب والدمار. وقال "بالفعل عاد النظام ليبني مؤسساته ويستعد لمرحلة إعادة الإعمار مع ما يرافق هذه المرحلة من عمل ولقاءات ومؤتمرات وللبنان دور أساسي في مرحلة إعادة اعمار سوريا وهو أمر أكد عليه رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وبالتالي من المنطقي للبنان أن لا يبقى الوضع على ما هو عليه، لذا تمت دعوة الوزراء اللبنانيين من قبل نظرائهم السوريين". وأكد أن العلاقات مع سوريا لم تنقطع أبدا وأن اتفاقيات التعاون بين البلدين ما تزال قائمة، إلى جانب استمرار التمثيل الدبلوماسي. وأشار إلى أن وجود سفير سوري في لبنان وسفير للبنان في سوريا، مضيفا "في الفترة السابقة كان هناك أمر واقع على الأرض، أما اليوم فقد تغير الواقع الميداني لذلك أعتقد أن الزيارات ستتم ولن تؤثر على العمل الحكومي". وتأتي تلك التحركات مع الانتهاء من معركة جرود عرسال اللبنانية على الحدود مع سوريا واتمام صفقة بين حزب الله من جهة وجبهة فتح الشام (النصرة سابقا) من جهة ثانية والتي انتهت باستعادة حزب الله ثمانية أسرى وخروج مسلحي فتح الشام وأهاليهم من جرود عرسال إلى الشمال السوري. وشهدت منطقة جرود عرسال في يوليو/تموز معارك بين حزب الله ومجموعات سورية مسلحة، أبرزها جبهة تحرير الشام، استمرت عدة أيام ثم توقفت قبل أن يعلن الطرفان نهاية الشهر ذاته صفقة تبادل أسرى ومدنيين تحت إشراف مدير جهاز الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم. وشن حزب الله الهجوم من محورين أحدهما من الجانب السوري والثاني من داخل الأراضي اللبنانية. ولم يشارك الجيش اللبناني مباشرة في هذه المعركة واقتصر دوره على التصدي لهجمات تشنها المجموعات المسلحة قرب مواقعه الموجودة على أطراف الجرود من جهة عرسال. وتضم بلدة عرسال مخيمات تضم عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين الهاربين من الحرب في بلادهم. ويشارك حزب الله منذ عام 2013 في القتال إلى جانب النظام السوري وينتشر مقاتلوه في عدد من المحافظات السورية رغم دعوات من داخل لبنان لسحبهم تطبيقا لسياسة "النأي بالنفس" التي أعلنتها بيروت عقب اندلاع الأزمة السورية في مارس/آذار 2011. ويبدو أن حزب الله يسعى ايضا لفرض أمر واقع وهو التطبيع مع دمشق من بوابة الاتفاقيات السابقة وملف النازحين السوريين وأيضا ملف اعادة الإعمار. ويعتقد أن الجماعة الشيعية اللبنانية التي وضعت كل ثقلها العسكري تقريبا إلى جانب النظام السوري في مواجهة المعارضة المسلحة، يخطط لإحراج الحكومة اللبنانية ودفعها للتطبيع الرسمي مع دمشق. ومن شأن أي تواصل بين لبنان الرسمي وسوريا الأسد أن يفك عزلة الأخير الاقليمية ويمهد الطريق لدول أخرى قد تضطر بدورها لإعادة العلاقات المقطوعة أو المجمدة مع نظام الأسد. إلا أن لبنان يكتسي أهمية خاصة بالنسبة للأسد ولحزب الله بالنظر للقرب الجغرافي وأيضا للتحالفات القائمة الداعمة والمناوئة للنظام السوري. ويرى محللون أن فتح قنوات اتصال بين لبنان الرسمي ودمشق أقل كلفة ووقتا والطريق الأقصر لفك العزلة. لكن فك العزلة تحتاج إلى أدوات وقد يكون حزب الله الذي يعزز موقعه في الساحة اللبنانية العسكرية والسياسية بدعم ايراني، الأداة الأكثر فاعلية.

مشاركة :