الأكراد يغلقون باب العراق الموحد بقلم: فاروق يوسف

  • 8/18/2017
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

تقاسم الحصص هو القاسم المشترك الذي اجتمع حوله أفراد الطاقم السياسي الذي عينه المحتل الأميركي تحت شعار مسعى إقامة عراق جديد.العرب فاروق يوسف [نُشر في 2017/08/18، العدد: 10726، ص(9)] يلقي الزعماء الأكراد في مسألة انفصال إقليمهم عن العراق باللائمة على شركائهم في العملية السياسية من الزعماء الشيعة الذين فشلوا في إقامة عراق جديد، يكون قادرا على احتواء مكوناته العرقية والطائفية بطريقة عادلة. وهي كلمة حق يٌراد بها باطل كما يُقال. فالزعماء الأكراد يريدون أن يفصلوا عراقا مناسبا لحجم أطماعهم في الإدارة المستقلة عما صار يُسمى في أدبياتهم بالعراق العربي، وفي الوقت نفسه فإنهم يرغبون في استمرار ذلك العراق في تمويل مشروعهم القائم أصلا على الانفصال النهائي. كان واضحا منذ كتابة الدستور الجديد بعد الاحتلال الأميركي إصرار الأكراد على أن بقاءهم في عراق موحد هو أمر مؤقت تفرضه الظروف الإقليمية، أكثر من أن يكون استجابة للقانون الذي يملي عليهم أن يكونوا جزءا من كيان جغرافي موجود ومعترف به دوليا. لقد وصل الأمر بهم إلى الحديث عن احتلال عراقي، كما لو أن كردستان كانت موجودة دولة مستقلة قبل تأسيس دولة العراق بحدودها الجغرافية الحالية. وهو ما لا يستقيم تاريخيا. أولا لأن العراق كان موجودا قبل سايكس- بيكو بآلاف السنين.وثانيا لأن الأكراد لم يسبق لهم أن أسسوا يوما ما كيانا سياسيا ومستقلا. لذلك فإن تعلقهم بفشل الزعماء الشيعة في بناء دولة حجة لانفصالهم هو في حقيقته عذر أقبح من ذنب. ذلك لأن حجم مساهمتهم في ذلك الفشل لا يقل عن حجم مساهمة الشيعة. لقد أدار الأكراد ظهورهم للعراق ولم يكن يهمهم سوى الحصول على حصتهم في الغنيمة. وهذا ما فعلته الأطراف الأخرى تماما. وهو ما يعني أن تقاسم الحصص هو القاسم المشترك الذي اجتمع حوله أفراد الطاقم السياسي الذي عينه المحتل الأميركي تحت شعار مسعى إقامة عراق جديد. لم يكن غريبا أن الأكراد لم يطرحوا مشروعا وطنيا، يكون بديلا عن مشاريع الفتنة والنزاعات. بل كانت لديهم دائما تحالفاتهم العلنية والسرية مع الطرف الشيعي من أجل تصفية الطرف السني. كانوا حريصين على ألا يقوم عراق عربي متماسك في إمكانه الوقوف أمام رغبتهم في الانفصال. كان الانفصال عن العراق هو مشروعهم الوحيد الذي لم يكفوا عن طرحه باعتباره ضمانة لخلاصهم من تلك الفوضى التي صارت عنوانا للعراق الجديد. غير أن تلك الفوضى التي صنعتها السياسات الطائفية، ما كان لها أن تتسع وتخرج عن نطاق السيطرة لولا أن الطرف الكردي كان قد باركها بوقوفه متفرجا لا لأن الأمر لم يكن يعنيه فحسب، بل وأيضا سييسر له مسألة هروبه من عراق حوّله العرب إلى جحيم تنتظر الكثير من الحطب. في كل أدبياتهم لا ترد جملة تقول “إن العراقيين فشلوا في إقامة دولة تجمعهم وتعبر عن آمالهم في المواطنة والحرية والعدالة الاجتماعية بسبب النزعة الطائفية التي تمكنت من زعمائهم”. في تلك الجملة ما يدينهم، فهم كانوا دائما حاضرين وزراء ونوابا وقادة عسكريين ووكلاء وزارات في بغداد. الأنكى من ذلك أن منصب الرئيس في العراق قد حسم لهم. وكما يبدو فإن ذلك المنصب قد حل مشكلة كردية حيث انفرد حزب البارزاني بالإقليم الكردي فيما صار ممثل حزب الطالباني رئيسا للعراق. يوم قامت الحرب الأهلية كان الرئيس كرديا، وكذلك يوم تم تسليم الموصل لداعش. أما الضباط الذين سلموا الموصل فقد لجأوا في لحظة الذعر من الشعب العراقي إلى كردستان. كل هذا الفشل الذي خاض فيه الأكراد لن يكون سببا مقنعا بالنسبة للولايات المتحدة أولا، ولإيران وتركيا ثانيا، لإقامة دولة كردية. ومن غير موافقة الولايات المتحدة لن ترى كردستان النور. يوم فرضت الولايات المتحدة منطقة لحظر الطيران العراقي عام 1991 لم يكن الهدف إنسانيا وهو ما فهمه الأكراد يومها. وقد لا يكون في نيتهم إغضاب الولايات المتحدة، غير أنهم يجربون فربما غيرت واشنطن سياستها. كاتب عراقيفاروق يوسف

مشاركة :