القدس في وجدان كويتي (7 من 9) - ثقافة

  • 8/21/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

مكانة القدس عند المسيحيين: ترى الباحثة الإنكليزية كارين آرمسترونغ أنه «عندما اعتنق الإمبراطور قسطنطين الديانة المسيحية وجعلها إحدى الديانات المسموح بها للإمبراطور الروماني. وكانت روما تطارد المسيحيين وتمنعهم من بناء الكنائس أو شراء الممتلكات، إلا أنهم تحت حكم قسطنطين بدأوا يشغلون مناصب مهمة وكبيرة. ورغم حماسته الشديدة للمسيحية بقي قسطنطين وثنيـًّا في قلبه ولم يشترك في ازدراء الأماكن المسيحية المقـدّسة؛ فأعطى أوامره بأن يقوم الأسقف ماكريوس في القدس بالتنقيب عن قبر المسيح الذي كان قد دفن، كما تقول الأسطورة المحلية، تحت معبد أفروديت الوثني. فهدم المعبد وأزيل وأجريت الحفريات تحت أساساته وكانت عملية ضخمة استغرقت مدة عامين وأثارت سكان القدس على الوثنيين الذين كانوا يشكـّلون أغلبية في المدينة. وكانوا بالطبع يكرهون أن يروا إحدى أبرز معابدهم يهدم ويزال على يد إمبراطور مسيحي. وفي عام 327 م. رفع التراب أخيراً عن قبر صخري صغير، مع تلة صغيرة عرفت مباشرة بأنها الجلجلة، تلك التلة الصخرية التي صلب عليها المسيح»أ.هـ والباحثة كارين، حينما سردت لنا أسطورتها المحلية على حد قولها، كانت قد تكلمت في بداية بحثها عن قدسية القدس عند المسلمين واليهود، فقالت «والمسيحيون أيضا كـرّسوا رؤية متفردة لقداسة القدس مبنية على العزل، إلا أنهم خلال القرون الأولى من تاريخهم لم يبدوا اهتماما كبيرا بالقدس. وقد كانوا يؤمنون إن القدس ليست مدينة مقـدّسة بل فعليـًّا مذنبة لأنها رفضت المسيح وكانت مسؤولة عن موته»أ.هـ... ثم تختم الباحثة كارين، بحثها قائلة «إن هذا الاكتشاف الأثري الأركيولوجي أذهل العالم المسيحي برمـّته. وبعد أقل من ست سنوات بدأنا نسمع عن حجـّاج يأتون من أمكنة بعيدة مثل فرنسا – وهي رحلة طولها ثلاثة آلاف ميل- منجذبين إلى القبر بشيء كأنه المغنطيس. فالقدس لم تعد المدينة المذنبة، بل أصبحت مركز الديانة المسيحية، وطـوّر المسيحيون ديانة مكتملة للأماكن المقدسة. وأديرة في مشروع تعمير وإنشاء ضخم عملت العائلة الإمبراطورية على تمويل جزء كبير منه، وبدأ الرهبان يستقرون في صحراء يهودا لقربها من القدس»أ.هـ كما استقت مدينة القدس قدسيتها أيضا من وجود كنيسة القيامة وكنيسة رقاد العذراء وكنيسة الصعود. مكانة القدس عند اليهود: يركـّز الباحث محمد رشيد عناب «على ما يدعى بالعلاقة التاريخية بين مقولة»شعب الله المختار«أي اليهود، ومقولة»أرض الميعاد«أي فلسطين، وعلى الميثاق الذي قطعه الرب على نفسه لإبراهيم عليه السلام، عندما اقتاده في أور في العراق إلى أرض كنعان، وإعطاء هذه الأرض لنسله. وهذا الميثاق يقول«في ذلك اليوم قطع الرب مع إبراهيم ميثاقا قائلا، لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات». وهناك وعد آخر أيضا قطعه الرب لنبيه إسحاق عليه السلام، يقول فيه«تغرب في هذه الأرض فأكون معك وأباركك لأني لك ولنسلك أعطي جميع هذه البلدان، وأفي بالقسم الذي أقسمت لأبيك إبراهيم». وكان هذان النصان التوراتيان الأساس الذي بنى عليه اليهود ما وصفوه بالوعد الإلهي في القدس وفي فلسطين. بحيث اعتبرت هذه النصوص صك توريث لإبراهيم وإسحاق ولنسلهم من بعدهم في فلسطين»أ.هـ. تطويق النصوص التوراتية: يشير الباحث محمد رشيد عناب، إلى مقولتين تاريخيتين يتشبث بهما اليهود، هما: شعب الله المختار، وأرض الميعاد. أما المقولة الأولى: شعب الله المختار، التي تستهوي اليهود، ويتباهون بها؛ فنحن لا ننكرها، حيث إن الله سبحانه وتعالى قد ذكر ذلك في القرآن الكريم، وأنه عز وجل - وفي كل مرة لا يقـدّرون فيها نعم الله عليهم - يعفو الله عنهم ويفتح معهم صفحة جديدة، ومع ذلك لم يلق منهم عز وجل إلا الجحود ونكران الجميل، وتبديل قول الله، وقتل الأنبياء، ونكث المواثيق، وكتمان الحق..إلخ. قال تعالى: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) البقرة: 40، ولكن هل تحقق هذا الشرط فأوفى بنو إسرائيل بعهد الله، وهو الذي فضلهم على العالمين؟ قال تعالى: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ) البقرة: 47. لا حظ معي كيف تعامل اليهود مع الله سبحانه وتعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ) البقرة: 93. أما المقولة الأخرى: أرض الميعاد، فإن الله عز وجل يبدأ معهم منذ أن نجاهم من فرعون، انظر الآيتين 49 و 50 من سورة البقرة. فلم يشكروا الله عز وجل، بل أساؤوا لرسوله ونبيهم سيدنا موسى عليه السلام، قال تعالى: (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ، وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ، وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ) البقرة: 49 و 50 و 51. وللحديث بقية. * كاتب وباحث لغوي كويتي fahd61rashed@hotmail.com

مشاركة :