أصدقاء الأخبار الكاذبة بقلم: طاهر علوان

  • 8/29/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يلفت نظر دارسي الظاهرة إلى أنه على الرغم من تكرار افتضاح زيف تلك الأخبار ومصادرها، إلا أنها لم تتوقف يوما بل إنها صارت قوتا لوسائل التواصل الاجتماعي.العرب طاهر علوان [نُشر في 2017/08/29، العدد: 10737، ص(18)] لا يكاد يمرّ يوم وفي موج الأخبار المتلاطم إلا وتسمع عن خبر كاذب ولا أساس له من الصحة. حكومات وأشخاص يصدرون بيانات ينفون فيها نفيا قاطعا ما نُشِر بصددهم من أخبار، فيما آخرون بلغ بهم الغضب مأخذه إلى درجة إدانة مصدر الخبر الكاذب ومقاضاته. القصة لم تنته ولن تنتهي، وحتى والقضاء يحاكم منتجي تلك الأخبار المزيفة ومروّجيها وحتى بعد افتضاح المصدر، إلا أن جمهور أصدقاء الأخبار المزيّفة والكاذبة يتعاظم حتى صارت ظاهرة إعلامية عالمية تُكتب عنها الدراسات. ولا يكاد بلد من بلدان العالم يكون بعيدا عنها وعن إشكالياتها. ساعد في إنعاش الظاهرة وجود جمهور متساهل، يستقبل الخبر الكاذب كما الصحيح، جمهور لا يزعج نفسه في القيام بعملية التحقّق اللازمة بل إنه يقوم بدوره في إشراك الآخرين تلك الأخبار الكاذبة وتحت يديه وسائل التواصل الاجتماعي المجانية التي صارت مصدرا أساسيا للأخبار الكاذبة. يتحدث جيستن كولر أحد منتجي الأخبار الكاذبة والمفبركة أن مؤسسته كانت توظف العديد من كتّاب القصص الكاذبة وأنه كان يجني شهريا أرباحا من الإعلانات المرافقة ويتحدث عن دور منصات التواصل الاجتماعي في إنعاش الأخبار المفبركة وانتشارها، وعلى الرغم من أنه ترك ذلك العمل إلا أنه لا يتورّع عن الكشف عن تفاصيل يومياته. ومن جهة أخرى يروي بول هورنر وهو صحافي ومن أشد معارضي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يروي ما كان يقوم به خلال حملة ترامب الانتخابية في ضخ أخبار ملفقة استهدفت الحملة، قائلا إنه على الرغم من ندمه عمّا قام به، إلا أن ما أثار استغرابه أن القصص الملفقة التي كان يفبركها سرعان ما كانت تتصدر محركات البحث وتجد لها أصداء في وسائل التواصل الاجتماعي. لا شك أن ما يشاع عن الصحافة الصفراء التي يمتد وجودها تاريخيا بامتداد عمر الصحافة عبر العالم إنما تقدم اليوم حقيقة واقعية ملموسة لأجنحة الصراعات السياسية والمنافسة بين الأحزاب وأصحاب المصالح واللوبيات والكارتلات الاقتصادية، لكل هذه القوى أثرها في إنعاش الأخبار الكاذبة وتوفير أصدقاء مروّجين لها هم الذين يسميهم هورنر أنهم أصدقاء الأخبار الكاذبة والملفقة. ومن جهة أخرى يلفت نظر دارسي الظاهرة إلى أنه على الرغم من تكرار افتضاح زيف تلك الأخبار ومصادرها، إلا أنها لم تتوقف يوما بل إنها صارت قوتا لوسائل التواصل الاجتماعي. في ظاهرة غريبة تتعلق بالوضع في العراق اليوم، فهذا البلد مبتلى بالفساد المالي والإداري ويحتل المواقع الأولى في انتشار هذا الوباء ولم يعد أمرا غريبا نشر قصص الكثير من المسؤولين الحكوميين اللصوص حتى صار أمرا مستغربا أن يكون هنالك مسؤول حكومي خارج تلك الدائرة، لكن في الوقت نفسه صار من السهل بثّ أي أخبار كاذبة لفساد أي مسؤول في الدولة العراقية وسرعان ستجد تلك الأخبار من يروّجها حتى لو كانت كاذبة وحتى لو نفى من أثيرت حوله تلك القصص والتلفيقات، لسبب مهم وهو انتعاش مساحة أصدقاء الأخبار الكاذبة وسرعة تلقفهم لما يصل إليهم عبر وسائل الإعلام أو التواصل الاجتماعي وسرعة تبنّيه ونشره. كاتب عراقيطاهر علوان

مشاركة :