رجال في الذاكرة المفكر والعلامة البارز أ.د.محمود عزب

  • 8/2/2014
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

رجال في الذاكرة المفكر والعلامة البارز أ.د.محمود عزب بقلم / د.غازي زين عوض الله المدني لقد اختطف الموت قبل أسابيع في القاهرة فقيد من أبناء الأمة الإسلامية المفكر والعلامة الإسلامي أ.د.محمود عزب أستاذ اللغات والحضارات الإسلامية بجامعة السوربون بفرنسا ومستشار فضيلة الامام الأكبر لشؤون حوار الأديان وقد نعاه شيخ الأزهر وكافة أعضاء مؤسسات الأزهر برجالها وعلمائها وأعضاء هيئة التدريس. كان – يرحمه الله – من خيرة علماء الإسلام الذين خدموا الإسلام بكل صدق وأمانة، كان – يرحمه الله – فكره وسطي ومعتدل في المنهج الإسلامي، وكان يرفض التعصب الديني أو التطرف أو الراديكالية العقائدية التي تسيء لسمعة الإسلام والتي تتعارض مع الحضارة الإسلامية في منهجها وأصولها وقواعدها التي أنزلت بها. لقد كان الأستاذ الدكتور محمود عزب أحد الفرسان الذين شاركوا في ندوة الحوار والتعايش بين الأديان والثقافات في القرن الحادي والعشرين الذي نظمها صالون غازي الثقافي العربي في القاهرة، ولماذا في القاهرة؟ لأن القاهرة محطة واسعة وحاضنة للثقافات والأديان بكل حرية وفي رحابها أقيمت هذه الندوة وقد كان عنوان الندوة فكرة التعايش والوحدة والاندماج بين البشر والتسامح بين الأديان والتلاقي بين مختلف الثقافات والتقارب بينها.. وقد حشد لتلك الندوة صفوة من المفكرين ورموز التنوير والمتخصصين في مجال الحواروالتعايش بين الأديان والثقافات وهم المفكر البارز الدكتور محمود عزب ونيافة الانبا بسنتي أسقف كرسي حلوان والمعصرة والسكرتير الشخصي لقداسة البابا شنودة الراحل وفضيلة العالم الجليل أ.د.أسامة محمد نبيل علي عميد المعهد العالي للغات بالسادس من اكتوبر ونائب رئيس الجمعية المصرية لحوار الحضارات والأستاذة الدكتورة فوزية شفيق حامد الصدر رئيس قسم اللغة الانجليزية وعميد المعهد العالي للغات وعضو المجالس القومية المتخصصة وسعادة الأب جوزيف سكا تولين استاذ التصوف الاسلامي في المعهد البابوي للدراسات العربية والاسلامية بروما، والمحاضر الدولي في العديد من الجامعات حول العالم، وقد اقيمت هذه الندوة برعاية الهيئة العامة لقصور الثقافة وباهتمام شخصي كبير من رئيس الهيئة أ.د.أحمد مجاهد يحفظه الله الذي رحب انذاك باقامتها في قاعة الهيئة وكان الهدف من هذه الندوة كيف نرسخ مفهوم التعامل مع الواقع الثقافي بمنتهى الموضوعية والشفافية وان من اهم الأسباب التي تكمن في الإسهام في وضع رؤية للتعايش في المرحلة القادمة ونحن من أصحاب الرؤية في منظورنا للأديان ومن العجيب أن تتهم الأديان بمفهوم معوق للحوار والتعايش وهي السبيل الأكثر في ترسيخ وتفعيل تحقيق الحوار والتعايش بين الشعوب وفي سياق الندوة وفعالياتها جرت عدة مداخلات بين المشاركين في الندوة وبين جمهور الحضور وكانت في الحقيقة من أهم ما جاء في المداخلات كانت للدكتور محمود عزب الذي ركز على مفهوم وتوضيح أهمية التواصل الثقافي والديني وقد سبق هذه الندوة عدة ندوات، على سبيل المثال وليس الحصر عنوان المنتدى الكبير الذي عقد في مدينة فاس بالمغرب في شهر ديسمبر الذي سبق العام الذي أقيمت فيه ندوتنا وكان عنوانها دور الدبلوماسية الدينية والثقافية في حماية الأمن والسلام العالميين وفي هذا السياق وضمن سلسلة الندوات كانت هناك مؤتمر مدريد لحوار الحضارات المنعقد في عام 2008م والذي نال دعم وتأييد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – يحفظه الله – كما نود أيضا أن نشير الى ذلك المؤتمر الدولي الكبير الذي عقد بمدينة الرياض بعنوان تحديات حوار الحضارات تحت رعاية ملك المملكة العربية السعودية وكان ذلك عام 2009م، وقد احتفت كلمة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود والرئيس نيكولا ساركوزي في تلك الندوة أخذت صبغة دبلوماسية على فعاليات وتوصيات هذا المؤتمر كوثيقة، ولا يمكننا أن نفعل هذا الدور الذي يوليه الامام الاكبر شيخ الأزهر كل اهتماماته بل وفي كل أنشطته التي تتعلق بالحوار والتعايش ونتوقف هنا في هذا السياق بل وفي هذا المفهوم عن الأديان وتحاورها مع بعضها نرى أن أ.د.محمود عزب كان له أدوار بارزة في تفعيل الحوار والتعايش السلمي بين الأديان والاهتمام بها وبلمحة بسيطة تاريخية وفي سيرته الذاتية أنه عاش أكثر من 11 عاما بفرنسا درس فيها في جامعة السوربون بفرنسا وكان من اهم المواد التي يدرسها حوار الأديان والتعايش السلمي لأنه مؤمن بها وايمانه بها آت من آيات القرآن الكريم، كما أنه وضع أقدامه لأول مرة لتدريس في السوربون رجع بالذاكرة إلى الشيخ رفاعة الطهطاوي الرائد الأول للنهضة والتطوير في ثقافتنا العربية الإسلامية والتاريخ يذكر أن الشيخ الطهطاوي عندما ذهب الى فرنسا كان في أول رحلتها العلمية قدم الى اوربا إلى دراسة استعادة رؤية الاسلام وثقافته فوظفها خير توظيف على أسس جديدة أعمق وأشمل وغزارة علمية وموضوعية من ذي قبل كما يحدثنا الاستاذ الدكتور محمود عزب في خطابه في ندوة الصالون حينذاك أنه كان يمارس الحوار عن ايمان ومعرفة وجد أن اوربا في الواقع تمارسه بشكل خاطيء ورؤية قاصرة ويضيف أنه في زيارته للفاتيكان مرة أنه بدأ حواره عن الاسلام والمسيحية مع مجموعة من الأساقفة والمفكرين في هذه المؤسسة وكان الحوار يتعلق بمفهوم الشمال والجنوب، فالمسيحية على حد قوله نعرفها هي التي فتحت الاسلام عينه عليها منذ نشأة دار الحكمة في بغداد والرهبان النصارى الذين نعرفهم فيستطرد قائلا أن حنين بن اسحاق واسحاق بن حنين وحمص بن ناعمة وغيرهم.. هؤلاء أسهموا في بناء الحضارة الاسلامية واسسوا معنى العلوم، والأجيال الاولى من العلماء في بغداد، وهكذا اخذ يقف موقف المتفحص والمفكر في كل نقطة من تاريخ حضارتنا الاسلامية يفندها ويوضحها بشكل علمي بانها تلاحقت مع كل الأديان واستفادت منها وعلى وجه الخصوص الدين المسيحي ويختتم ا.د.محمود عزب خطابه عن الحوار والتعايش السلمي بين الاديان ليقول أنه آت من قلب القرآن الكريم ويبرهن على ذلك بعدة نماذج جاء ذكرها في القرآن أن القرآن في تنمية مباديء الحوار وقواعده وأصوله مما يبرهن على صدق ما اشار اليه انفا في كل نقطة وقف عندها من آيات القرآن ومن استدلاله بها على ان بداية الاسلام كان نبيه صلى الله عليه وسلم حين كان يعايش الحوار وأصدر وثيقة المدينة المنورة وتلقى واستقبل نصارى نجران وحوارهم في مسجد المدينة وأنهم صلوا في ركن من المسجد وتبعهم من بعده صحابته الاجلاء مثل الخليفة العادل عمر بن الخطاب وعقده مع اهل بيت المقدس بالا تمس كنائسهم والا يكرهوا في دينهم والا يجبروا في عقيدتهم ولهم ما لنا وعليهم ما علينا، هكذا الاسلام وصورته المشرفة التي نعرفها ونعايشها ونعرف ايضا الكتاب المقدس خير المعرفة وجهل كثير من المسلمين بالاسلام وجهل كثير من المسيحين بالمسيحية وبرسالة الاسلام والمحبة.. وخرجت الندوة ولله الحمد بنتائج وبتوصيات علمية مدروسة تدعو المسلمين والمسيحين وبقية الأديان أن يتعاونوا على الخير والبر وان يؤمنوا بمبدأ عقيدة التعددية الدينية والثقافية وان يدركوا بامتياز هي ارداة الله في خلقه وان يتعايشوا فيما بينهم على المحبة والسلام وان يكونوا جسما واحدا وأمة واحدة تؤمن بوحدانية الله والله الهادي الى سواء السبيل..

مشاركة :