الاقتباس في الدراما العربية ظاهرة متفشية بلا معايير بقلم: ناهد خزام

  • 9/7/2017
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

الاقتباس في الدراما العربية ظاهرة متفشية بلا معاييرفي الوقت الذي لا يُخفي فيه صناع بعض المسلسلات العربية اقتباس أعمالهم من أعمال أجنبية ويعلنون ذلك صراحة، تطالعنا أعمال درامية أخرى تمعن في الاقتباس من دون أي إشارة من قريب أو من بعيد تفيد باقتباس الفكرة أو المضمون من عمل آخر، وهكذا تراوح الكثير من الدراما العربية المقتبسة عن أعمال أجنبية بين الإعلان والتكتم الكامل، أو ربما يلجأ بعضها إلى حلول وسطى بين هذا وذاك بتسمية ذلك الاقتباس استلهاما أو تأثرا أو غيرهما من التعبيرات المواربة، ما يضع الكثير من علامات الاستفهام حول المعايير الأخلاقية التي تحكم عملية الاقتباس الدرامي.العرب ناهد خزام [نُشر في 2017/09/07، العدد: 10744، ص(16)]مثل القمر منقول حرفيا عن ماريمار بات من الضروري عند التطرق إلى موضوع اقتباس الأعمال العربية من الدراما الأجنبية، والتي أصبحت ظاهرة متفشية في سنواتنا الأخيرة، طرح الأسئلة التالية: لماذا يلجأ صناع الدراما العربية إلى اقتباس أعمالهم من أعمال أخرى سواء كانت أجنبية أو محلية؟ هل هو قصور في النصوص الدرامية المطروحة على الساحة، أم أنه مجرد استسهال وبحث عن نجاح مضمون اعتمادا على ما حققته الأعمال الأصلية من نجاحات في بلادها؟ هنا، حتى هذه النقطة الأخيرة لم تعد مقياسا، فالكثير من الأعمال الدرامية المقتبسة من أعمال أجنبية ناجحة لم تحقق النجاح أو الانتشار المطلوب عربيا عند تعريبها. ظاهرة عالمية لا يتوقف الاقتباس عند صناعة الدراما وحدها، فهو حالة معروفة في شتى المجالات الإبداعية، من موسيقى وشعر وأدب ومسرح وتشكيل وغيرها، كما تختلف الآراء حول طبيعة الاقتباس ومعاييره وضرورة الإفصاح أو عدم الإفصاح عنه، إذا كان الأمر قاصرا على مجرد استلهام الفكرة والبناء عليها بما يتوافق مع رؤية المبدع. وفي ما يتعلق بالدراما والسينما سنجد أن الاقتباس أمر شائع شرقا وغربا، فالكثير من الأفلام الأميركية على سبيل المثال مقتبسة عن أفلام أوروبية أو آسيوية، وبعضها لاقى نجاحا عالميا كبيرا عند معالجته أميركيا، من بين هذه الأفلام على سبيل المثال الفيلم الأميركي “هل نرقص؟” للمخرج بيتر تشيلسوم وبطولة ريتشارد جير، وهو مقتبس عن فيلم ياباني بالاسم نفسه، كما قدمته المخرجة المصرية إيناس الدغيدي أيضا تحت اسم “ما تيجي نرقص” بطولة يسرا وعزت أبوعوف وتامر هجرس. وفيلم “الخاتم” الذي يعد أحد أشهر أفلام الرعب الأميركية تم اقتباسه كذلك من فيلم ياباني، وكذلك فيلم “الساموراي السبعة” الذي قدمته السينما المصرية تحت عنوان “شمس الزناتي” بطولة عادل إمام، كما أن هناك العديد من الأعمال الدرامية التركية التي تتم دبلجتها إلى العربية هي في الأصل مقتبسة من أعمال آسيوية أو مكسيكية، فمسلسل “حكاية عشق” على سبيل المثال مقتبس من المسلسل الكوري “آسف أنا أحبك”، وكذلك مسلسل “موسم الكرز” مقتبس من مسلسل كوري آخر، ولا يقتصر الأمر على هذا الحد، فهناك قائمة طويلة من الأعمال الدرامية التركية تم اقتباسها من الدراما الكورية، وهو أمر لافت. وفيما يخص الدراما العربية هناك تاريخ طويل من الاقتباسات الفنية قد لا يتسع المجال هنا لحصرها، لذا سنتعرض لهذه الأعمال التي تم إنتاجها خلال السنوات القليلة الماضية. ويمثل المسلسل اللبناني “روبي” على سبيل المثال واحدا من بين أول المسلسلات العربية المقتبسة بالكامل من أعمال أجنبية، فالمسلسل مقتبس من عمل مكسيكي سبق أن تمت دبلجته إلى العربية، ولقي المسلسل نجاحا كبيرا عند عرضه عربيا في عام 2012. وفي العام الذي تلاه قدمت الدراما اللبنانية مسلسلا مقتبسا آخر وهو “لعبة الموت” والذي شاركت في بطولته سيرين عبدالنور وعابد فهد وماجد المصري، وهو مقتبس من فيلم “النوم مع الأعداء” للنجمة جوليا روبرتس. مصر على الخط في عام 2014 قدم المخرج السوري سامر البرقاوي مسلسل “لو” ضمن السباق الرمضاني مع النجمين نادين نسيب ويوسف الخال، والعمل مستوحى من الفيلم الأميركي “الخائن” الذي أنتج عام 2002 للنجم ريتشارد جير، وقد دفع النجاح الذي حظي به مسلسل “لو” مخرجه سامر البرقاوي إلى تكرار التجربة مرة أخرى بنفس النجوم السابقين من خلال مسلسل “تشيلو” المقتبس من فيلم أميركي أيضا أنتج في بداية التسعينات من القرن الماضي تحت عنوان “عرض غير لائق”، بطولة ديمي مور وروبرت ريدفورت. وفي العام الماضي قدمت الدراما اللبنانية مسلسل “مثل القمر” وهو مقتبس من المسلسل المكسيكي “ماريمار”، وحقق المسلسل عند عرضه نجاحا ملحوظا وإقبالا من الجمهور اللبناني رغم الانتقادات التي طالت سياقه البعيد عن الواقع العربي. وعلى الصعيد المصري شهدت الأعوام القليلة الماضية تزايدا ملحوظا في عدد المسلسلات المقتبسة من أعمال أجنبية، ويأتي في صدارة هذه الأعمال مسلسل “طريقي” للمطربة شيرين عبدالوهاب، وهو مقتبس من المسلسل الكولومبي “صوت الحرية” عن قصة حياة إحدى المطربات الكولومبيات، وكذلك مسلسل “جراند أوتيل” الذي عرض في رمضان عام 2016، وهو مقتبس من مسلسل إسباني تحت الاسم نفسه."حلاوة الدنيا" رغم الألم أما مسلسل “الأب الروحي” للنجم محمود حميدة والذي عرض العام الماضي، فهو مقتبس من الثلاثية الأميركية الشهيرة تحت التسمية نفسها، ويذكر أن الثلاثية نفسها تم اقتباسها مرتين خلال السنوات القليلة الماضية، المرة الأولى من خلال المسلسل السوري “العراب” الذي عرض على شاشات القنوات العربية عام 2015. كما تم اقتباسه مرة أخرى في العام نفسه من خلال مسلسل سوري آخر، وهو “العراب” أو “نادي الشرق”. ومن بين الأعمال المصرية المقتبسة التي لاقت شهرة واسعة عند عرضها يأتي مسلسل “هبة رجل الغراب” بأجزائه المختلفة. وهو واحد من ضمن ثلاثة مسلسلات مقتبسة عن أعمال أجنبية أنتجتها شركة “سوني بيكتشر” الأميركية منذ بدأت عملها في منطقة الشرق الأوسط (العملان الآخران هما “الباب في الباب” و”لسة بدري”)، ومسلسل “هبة رجل الغراب” مقتبس من مسلسل كولومبي أعيد إنتاجه أميركيا من قبل تحت عنوان “بيتي القبيحة”. ومن بين الأعمال المقتبسة التي عرضت في رمضان الماضي يأتي مسلسل “حلاوة الدنيا” للفنانة هند صبري وظافر العابدين، وهو عمل مقتبس من مسلسل مكسيكي تحت عنوان “محطات”، كما أوضح صناع العمل في تتر المسلسل. والأعمال السابقة تم اقتباسها من مسلسلات أجنبية وصرح أصحابها بالفعل بهذا الاقتباس معلنين إياه صراحة، ولكنْ هناك أعمالا أخرى لم يصرح أصحابها بذلك رغم التشابه الملحوظ بينها وبين الأعمال المقتبسة منها، مثل مسلسل “العراف” للنجم عادل إمام وحسين فهمي الذي عرض في 2013 وتتشابه خيوطه الدرامية مع أحداث فيلم “أمسك بي إن استطعت” للنجم ليوناردو ديكابريو والمخرج ستيفن سبيلبرغ والذي أنتج عام 2002، كما يتشابه مسلسل النجم يوسف الشريف “اسم مؤقت” الذي عرض في 2013 مع أحداث الفيلم الأميركي “مجهول” للنجم ليام نيسون. وفي هذه الأعمال وغيرها قام صناع العمل باقتباس الفكرة الرئيسية للفيلم أو المسلسل مع إضافة خيوط درامية أخرى لمعالجة السياق كي يتناسب مع الواقع العربي، من دون أي ذكر لهذا التشابه أو الاقتباس من العمل الأصلي.

مشاركة :