أيها العاطسون في الأزمة الخليجية! - مقالات

  • 9/10/2017
  • 00:00
  • 41
  • 0
  • 0
news-picture

كل العاطسين الذين ظهروا على وسائل الإعلام وأججوا أجواء الأزمة الخليجية الأخيرة من خلال الفجور في الخصومة والضرب عن بعد واختراق الحس المشترك الشعبي لسكان الخليج من خلال استخدام ألفاظ حرمها الله وأباحها أبو نواس... لكل هؤلاء أقول لا تضيعوا ضربة الجزاء التي حسبها للجميع المخلصون حفظهم الله الذين اعتادوا أن يرسوا بالسفن في الشواطئ الآمنة. إنها فرصة لكي يحقق الجميع أهدافه ثم يراجعوا أنفسهم ويبنوا على ما هو موجود من مشتركات بينهم بدلاً من التماهي نحو طريق مسدود للجميع. لقد كانت الشعوب التي يسميها بعض المثقفين والمحللين الاستراتيجيين بالغوغاء والدهماء والصعاليك ويقولون فيها ما لم يقله الحطيئة في الزبرقان بن بدر، أكثر حكمة وتقديراً للمشاعر الإنسانية في الأزمة الخليجية الأخيرة من بعض المثقفين والفنانين ودعاة الحقوق الذين قرأوا لديدرو وسيمون فايل وميثاق حقوق الإنسان. حسناً... ينبغي عليّ أن أوضح مَنْ المثقف الذي أقصده؟ لا أشير بإحدى يديّ إلى الثقافة، ولا أشير بالأخرى إلى المثقف من ناحية التعريف الأكاديمي، ولا أتكلم عن السلطة - أي سلطة كانت - ولا أقصد أي دولة، أي دولة كانت، ولكنني أتكلم عن المثقف الذي كنا كأطفال نشاهده على التلفاز على اعتبار أنه ذلك الرجل الموسوعي الذي يضع اعتبارات الإنسانية والأخلاق على أي اعتبارات أخرى، ويسمو على الحدود، وإن كان ينطلق منها ويعود إليها ليتبع الحقيقة ونور الشمس وليس ظلال الكهف. ذلك المثقف الذي تشعر أنه ينطق بالحقيقة حتى لو كان مخطئاً... فصدقه في البحث يغفر له ما وصل إليه. لذلك، فجميع الكتب التي تتحدث عن المثقف، سواء بالمدح أو الرفث في القول، كانت تضعه إما ناصح السياسي بصدق أو متلامساً معه عن بعد أو يقف في مواجهته كقطعة شطرنج... ولكنها أبداً لم تُشر إلى ذلك المثقف الذي يتحدث بلسان الدولة وكأنه متحدث رسمي، ولكن براتب مستقطع بالقطعة أو بالحلقة أو بالحملة أو بالجملة. لقد أصبحت العملية عملية «فزعة» أكثر من كونها بحثاً عن النقاط المشتركة وما يمكن البناء عليه بين بعضنا البعض، وكيف نخرج من هذا النفق؟ لقد أثبتت الأزمة الأخيرة أن مساحة الثقافي ضاقت على حساب توسع السياسي، وأن المثقف دخل في عباءة السياسي عبر ارتداء «الزي الوطني» وتخوين كل المختلفين معه والحط من قدرهم والاستقواء عليهم، وأصبحت الدولة غولاً قادراً على ابتلاع الثقافي والديني والفني، بل وكما قال اللمبي «هطلعلك في بنطلونك»! وربما كان ذلك من مصلحة الدول للحفاظ على كياناتها، وهذا من حقها تماماً كدولة تبحث عن المصلحة وليس الحقيقة، لأن الدولة لا ترتدي عمامة أو لحية أو تضع قلماً في جيبها الأيسر، لكنني أعتقد أن المثقف يتبع النور، والمتدين يتبع الإيمان الذي زيّن في قلبه والفنان يتبع الخيال الخلاق الملتزم، ويقولون ما يعتقدونه وليس ما يكتب لهم. فالاحتماء بالنص لا يحمي اللص، فكفى أرجوكم! لقد تم تشويه آخر معاقل الهوية المشتركة، والحصن الأخير لوطن عربي تفتت منذ زمن. وأنا هنا لا أزايد على أحد، ولا أدعي أنني مثقف لكي أتزين أمامكم بأجنحة مزيفة، كما أنني لا أملك رؤية أو صيغة إنقاذية لما نحن فيه. أنا ابن الثلاثين الذي وجد نفسه فجأة في الصحافة أمام الجمهور وبلا وسيط، فما الذي يمكن أن أقوله سوى محاولة فتح نقاش ما على طاولة المفاوضات التي بعثرت ما تبقى من معاقلنا الأخيرة؟... أريد فقط طرح بعض التساؤلات، مثل: إذا استمر الجميع يشعل الحرائق في الغابة، فمن الذي سيزرع الشجر؟ متى سيجف غسيلنا الذي نشرناه حول خصر الكرة الأرضية لنجعلها ترقص فرحاً وطرباً لما وصلنا إليه؟ وإذا جف هذا الغسيل كيف سيرتديه أو يراه أبناؤنا؟ هل فكرنا في الغيب بقدر تفكيرنا في ما مضى؟ كانت هذه عطسة على مستوى الخليج، فإذا عطستم معي... فيرحمنا ويرحمكم الله، وإذا لم تعسطوا... فليرحمنا الله. كاتب كويتي moh1alatwan@

مشاركة :