من العلامات المميزة في الأحاديث الشيقة التي استمعت إليها في أشرطة أهدانيها العم بو فيصل النوخذة عيسى عبدالله عبدالعزيز العثمان رحمه الله، والتي ضمت مقابلات تلفزيونية عدة، أجراها معه كل من العم بو مرزوق سيف مرزوق الشملان الرومي والأخ يوسف أحمد الشهاب والأخ د.نجيب عبدالله الرفاعي والأخ عدنان اللوغاني، كل على حدة. أقول: من المعالم الواضحة في الأحاديث الشيقة للعم بو فيصل النوخذة عيسى عبدالله العثمان، رحمه الله، التميّز العجيب في الحياة البحرية الكويتية، وذلك من خلال الوقفات التالية: الوقفة الأولى: عجباً لأمر الكويتيين والخليجيين الذين ارتادوا البحر وأبدعوا فيه، رغم أن طبيعة بلادهم صحراوية، تكاد تكون قاحلة جرداء، فمن أين لهم الأخشاب ليصنعوا منها السفن الكبيرة، كالشوعي، والبوم، والجالبوت، والسنبوك، والبغلة، والبقَّارة، حتى بلغت المئات من السفن بأنواعها؟ كيف أحضروا الأخشاب ليصنعوا منها السفن في الكويت أمام عماراتهم على ساحل الخليج؟ إنها الإرادة الكبيرة، والهمة العالية، وهذه هي عزيمة الإنسان الذي سخّر الله تعالى له الأرض وما عليها من دواب وجماد، فسخرها ليعمر الأرض ويكون خليفة الله في الأرض، كيف لا وقد ارتاد الإنسانُ الفضاءَ عندما تقدم العلمُ والتكنولوجيا؟ لقد صنع الكويتيون هذه السفن، وعلى رأسها وأشهرها البوم السفار الذي حمل علم الكويت خفاقاً في موانئ العالمين الشرقي والغربي من آسيا إلى أفريقيا، مما يدل على استقلالية الكويت عن أي بلد خارجي. الوقفة الثانية: ويستطرد النوخذة عيسى عبدالله العثمان في حديثه: من الذي أوصل العراق بالعالم الخارجي من ناحية تجارة التمور؟ من الذي حمل آلاف الأطنان من التمور من شط العرب ليقوم بتسويقها في الهند وأفريقيا واليمن وعدن وعُمان وسواحل الخليج، سواء في رحلات السفر أو رحلات القطاعة؟ وقد زدتُ على سؤاله: أين حضارة «الستة آلاف» سنة التي ادعاها الطاغية صدام حسين عندما احتل الكويت عن الحركة البحرية التي يدعي بشأنها النظام البعثي آنذاك عدم وجود منافذ بحرية له على الخليج العربي والبحر بشكل عام، وقد أبانت الحقائق كلها بما لا يقبل الشك حقيقة دامغة أنه كان ولا يزال يمتلك ما يزيد على سبعين كيلو متراً على البحر، وهو الخليج العربي ولديه ما يفوق سبعة موانئ بحرية؟ ولكن العجيب انه ومنذ القدم لم يكن للعراقيين من النشاط البحري ما يمكنهم من تسويق تمورهم، فقام الكويتيون بذلك، حيث كانت تخرج سفنهم خالية من الكويت لكي تحمل التمور من شط العرب ثم تتوجه بها مباشرة إلى موانئ الهند أو أفريقيا الشرقية أو سواحل اليمن وعمان أو الخليج عموماً، فتبيعها هناك وتحمل مكانها الرز والشاي والتوابل والسكر وجوز الهند، وغيرها بالإضافة إلى جميع أنواع الأخشاب التي تستخدم في عمارة البيوت من جهة، وفي بناء السفن من جهة أخرى. يتبع في المقال القادم إن شاء الله. د. عبد المحسن الجارالله الخرافيajkharafi@yahoo.comwww.ajkharafi.com
مشاركة :