خواطر من أحاديث النوخذة عيسى عبدالله العثمان(3-3)

  • 9/25/2017
  • 00:00
  • 21
  • 0
  • 0
news-picture

الوقفة الرابعة: وعجباً كل العجب من أهل الكويت الذين كانت لديهم إرادة التحدي، أي بلد هذا الذي يعيش كله وتدب الحياة بأوصاله من دون ماء يتدفق من أراضيه؟! ولا محطات تحلية لماء البحر، حيث لا بترول ولا كهرباء؟! لقد وصل الكويتيون بسفنهم إلى شط العرب ليحضروا الماء بسفنهم إلى الكويت ثم يوزعونه على «الكندر» والدواب بيتاً بيتاً فيرتوي الناس ويطعمون ويأكلون ويشربون. عجباً لهذه الإرادة التي هم معذورون منها.. فلو نزحوا إلى الماء، كما نزحت قبائل بأسرها وشعوب بأكملها طوال العصور على امتداد التاريخ، لما عتب عليهم التاريخ، فهي سنة كونية، وحركة مشروعة طلباً للرزق وامتلاك مقومات الحياة في غياب النفط، لكنهم جلبوا أهم مقومات الحياة وهي الماء من مسافات بعيدة. الوقفة الخامسة: لن يفهم أحد قول المولى عز وجل في كتابه الكريم إلا من عايش هذا القول وأحسه بنفسه، وهو ما يحصل مع النوخذة والبحارة على ظهر السفينة حين تشتد الأزمات وتضربها الأعاصير ويهاجمها الطوفان، ومن ذلك قول الله تعالى في سورة النور «أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُورٍ». (سورة النور آية 40) نعم عاش البحارة الكويتيون والخليجيون هذه الآية الكريمة فعلاً، فكان أحدهم حين تَدلَّهِمُ عليهم خطوب البحر وصروف أعاصيره لا يكاد يرى يده ولو كان في وضح النهار، حيث تغيب الشمس وراء الغيوم المتلبدة والأمطار المتراكمة، والأمواج المتلاطمة في وضح النهار، وكم ابتلعت هذه الأمواج من رجالات، وهذه طبعة النوخذة بلال الصقر خير شاهد، وطبعة عبدالكريم ولد غيث تنطق، وطبعة عيال بهمن تتكلم، وطبعة بوقماز تتحدث، وضربة الغواصة لسفينة ابن جارالله في عرض المحيط الهندي بالغَِّبة تنبئ بالخطر البشري فضلاً عن أخطار الطبيعة، وصدق أجدادُنا حين وصفوا البحر قائلين: «داخله مفقود وطالعه مالود» (أي مولود). عزيزي القارئ الكريم: خواطر كثيرة، تجيش في خاطري وأنا أستمع بإنصات إلى أشرطة النوخذة عيسى عبدالله العثمان، غير أنني اختصرت لك أبرزها في المواقف الخمسة آنفة الذكر. وقد كانت عن السفر، فماذا عن الغوص؟! دعني أحدثك عن خواطر أخرى عن الغوص، وذلك في حديثي مع العم النوخذة مبارك حمد الزوير في المقال القادم إن شاء الله. والحمد لله رب العالمين.   د. عبد المحسن الجارالله الخرافيajkharafi@yahoo.comwww.ajkharafi.com

مشاركة :