الفنانة كلوي ماسوتا تعرض في برشلونة لوحات رقمية بقلم: عمار المأمون

  • 9/17/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

صور التقطتها الفنانة كلوي ماسوتا أثناء ممارستها لحياتها اليوميّة يخلق تسلسلها صيغة شعرية ترتبط جميعها مجازياً لتخلق قصيدة لدى من يفكّ مجازاتها.العرب عمار المأمون [نُشر في 2017/09/17، العدد: 10754، ص(14)]المعرض يعكس فنون ما بعد الحداثة يمكن اعتبار البيكسل المعادل الاصطناعي للحمض النووي البشري وحدة اختزان الصور/الضوء الأصغر، فسلسلة أو مجموعة من البيكسلات قادرة على تكوين صورة أو فيديو على الشاشات أمامنا لتحكي كلّ منها قصة مختلفة، فنحن أمام احتمالات لا نهائية من الصور التي يمكن للشاشة أن تخلقها. فالبيكسلات أشبه بوحدات ضوئيّة تختزن خصائص لا نهائية كحمض نووي بلا أصل، وهي قادرة على أن تكون امتدادا للذاكرة البشرية أو مفتاحاً نحو عوالم الخيال والفانتازيا، لكن ما يميز البيكسل عن الحمض النووي أنه أكثر مرونة وقابلية للتشكيل، إذ تمكن إضافة المعلومات وحذفها، وهو جوهر الرؤية المستقبليّة المحكومة بالصور والشاشات. تقيم مؤسسة خوان ميرو في برشلونة معرضاً للفنانة كلوي ماسوتا بعنوان “من بيكسل إلى قصيدة”، وفيه نرى سلسلة من الصور التي التقطتها ماسوتا بهاتفها النقال مرتّبة بطريقة أِشبه بقصيدة بصرية، سلسلة من الصور واللقطات التي يخلق تسلسلها صيغة شعرية ترتبط جميعها مجازياً لتخلق قصيدة لدى من يفكّ مجازاتها وينساب معها.الأمر أشبه بتجربة رومانسية لشاعر هذه السلسلة من البيكسلات التي تنتمي للعوالم الرقميّة تشبه اللغة في قدرتها على “الكتابة” وتكوين المعنى، لكن عوضاً عن القلم هناك الكاميرا، وعوضاً عن الأحرف هناك نقاط البيكسلات الضوئيّة التي يمكن لمجموعها أن يكوّن صورة/كلمة، ليغدو البيكسل أشبه بخليّة جذعيّة قادرة على الانقسام والتحول لتصبح وجهاً أو مدينة أو حتى قصيدة. تتألف سلسلة الصورة من حوالي الـ30 لقطة مختلفة، إما لكتاب أو وردة أو حذاء في الشارع أو زينة على جدار، هذه الصور التقطتها ماسوتا أثناء ممارستها لحياتها اليوميّة، فالأمر أشبه بالتجربة الرومانسية للشاعر الذي يلهمه ما حوله، يجمع خيالاته وعناصر إلهامه ليُعمِلها ضمن القصيدة التي قد تصيب أو لا تصيب، أي من الممكن أن تضيع هذه التأملات والإلهامات هباءً إذ لا توجد منهجية في اختيار الصور والتقاطها إلّا ما تثيره من مشاعر لدى الفنّانة. لكن ما تمكن ملاحظته في عمل ماسوتا أن كل واحدة من الصورة تحمل قيمة تقنيّة مرتبطة بجودة التقاطها، مع ذلك نرى أغلبها مألوف بالنسبة إلينا، فهي أشبه بتلك الموجودة على البطاقات البريدية أو مواقع التواصل الاجتماعي التي يمكن لأيّ هاو أن يلتقطها. إلا أنه من المفترض أن تكون لمجموعها وتسللها صيغة شعريّة تزيحها عن سياقها اليومي والمتداول، وهذا ما يجعلها كبنيةٍ مفتوحةً على تأويلات من يشاهد المعرض، وخصوصاً أن سلسلة الصور معروضة عند المدخل، أي في مكان لا ينتمي لفضاء العرض، هو مكان للعابرين والمنتظرين، أشبه بالصور نفسها، تفاصيل يومية نهملها عادة كالممرّ أو المدخل، مساحات هامشية تحاول القصيدة أحياناً تصيّدها. تتبنى ماسوتا مقولة الشاعر الكاتالاني خوان بروسا “الفن هو الحياة، والحياة هي التحول” الذي استوحاه من متلازمة فريغلو الهذيانيّة، وأن هناك أصلاً واحداً للعالم يتغير دوماً ويتقنّع لنراها في مجموعة الصور تسعى لالتقاط هذا الجوهر الكامن فيما حولها، وبمجرد أن “تلتقط” صورة نراها تنزاح من قطاع الحياة إلى قطاع الفنّ، مكتسبةً قيمة جديدة وهي شعريّة كسر الألفة التي يمتلكها الفنّ، محيلة إلى ذاك الجوهر الجمالي الخفيّ، وحينها حسب تعبيرها لا تبدو الأشياء على ما هي عليه، بل تكتسب دلالات ومعاني أخرى. يُذكر أن ماسوتا (1977) حاصلة على درجة الماجستير في السينما والدراسات البصرية المعاصرة، إلى جانب نشاطها النظري والعملي في متحف الفن المعاصر في برشلونة كباحثة ومدرّسة، كما تعمل ناقدة سينمائية وعضو لجنة تحكيم في عدد من المهرجانات السينمائيّة في إسبانيا وخارجها. كاتب من سوريا

مشاركة :