شنت «حركة مجتمع السلم» (حمس) الجزائرية، وهي أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد، هجوماً حاداً على رئيس الوزراء أحمد أويحيى، معتبرة عودته إلى المنصب «حلقة جديدة من حلقات الفشل، وطوراً من أطوار الهروب إلى الأمام، التي إن لم تتوقف، قد توصل البلد إلى حالة لا يحمد عقباها».واستمع أويحيى في البرلمان، أمس، إلى مواقف النواب من برنامج الحكومة الذي عرضه عليهم، أول من أمس، والذي يتضمن خطة اقتصادية عاجلة لمواجهة الأزمة المالية الحادة. ونشرت «حركة مجتمع السلم» رأيها في اختيار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لأويحيى، بوصفه «رجل مرحلة» مكلفاً بالتصدي لأزمة اقتصادية واجتماعية خانقة، ناجمة عن انخفاض عائدات البلاد إلى النصف بسبب انهيار أسعار النفط منذ 2014.وكتب هذا الرأي الرئيس السابق للحزب عبد الرزاق مقري الذي قال إن رئيس الوزراء «رجل ماكر سياسياً ومستبد يحب كسر إرادة المخالفين له». ومعروف عن أويحيى أنه شديد العداوة للإسلاميين. ورأى مقري أن أويحيى «يطمح لأن يكون رئيساً للجمهورية، بأي صفة من الصفات، ولكنه يُظهر الولاء للرئيس بوتفليقة وهو يتربص بمنصبه، ضمن سلوك معروف به هو الانحناء لمن فوقه وقهر من تحته». وأضاف أن «هذا السلوك رأيته فيه خلال مناقشات الحوار الوطني مع الرئيس اليمين زروال سنة 1994 حين كان رئيساً لديوانه، ثم أكدته الأيام وشهد به غيري. لم ينفع أحمد أويحيى البلد في شيء ذي بال بالمناصب المتعددة التي تولاها».واعتبر مقري أن «قيادته (أويحيى) الحكومة كانت صدمة على الجزائريين والنتائج تؤكدها الأرقام، ولو كان مسؤولاً حقاً وهو يتحدث عن الوضعية الخطيرة للبلد التي كان ينكرها لاعتذر للشعب الجزائري بأنه هو من أهم من ساهم في هذا التردي. ولا عيب أن يفعل السياسي ذو المصداقية ذلك حين تظهر أخطاؤه وتشيع».ورأى أن «البرنامج الذي يعرضه أويحيى هو نسخة أخرى من نسخ الوهم التي لن تنطلي إلا على الغافلين والانتهازيين والمنتفعين والسائرين وراء السراب»، في إشارة إلى تدابير عاجلة أعلنها تتمثل بطبع مزيد من الأوراق النقدية لسد عجز موازنة الدولة.وحذر خبراء من هذه الخطة، بحجة أنها ستتسبب بانفجار التضخم وفي فقدان الدينار الجزائري الكثير من قيمته. وقال أويحيى في البرلمان رداً على هذا التحذير: «إنكم تمارسون التخويف غير المبرر، ونحن نسعى إلى أن نضمن أجور ملايين الموظفين».ويرتقب أن يصوت البرلمان الخميس المقبل على برنامج الحكومة. وسيستفيد أويحيى من صك على بياض بفضل الأغلبية الموالية للرئيس، ومن بينها نواب الحزب الذي يرأسه وهو «التجمع الوطني الديمقراطي». وأعلن نواب «مجتمع السلم» و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» و«جبهة القوى الاشتراكية» وقوفهم ضد البرنامج.ودعا مقري رئيس الوزراء إلى «أن يقبل التحدي، وأن يترك تقييم نتائج أدائه وبرنامجه للشعب، عبر صناديق الاقتراع بلا تزوير ولا تحريف ولا استغلال لوسائل الدولة. إن نجح وتحول السراب بأعجوبة إلى حقيقة، سينتخبه الشعب رئيساً للجمهورية وسينجح حزبه في الانتخابات كلها، وأنا سأبارك له ذلك وأرفع له القبعة ثم أعتزل السياسة. وإن فشل كما فشل في مرات سابقة، فليترك الشعب يعبر عن رأيه بحرية فيعزله بالصناديق، ويعزل من جاء به ممن هو فوقه الآن، ومن يسنده ممن هو تحته ومعه، في حزبه وعلى مستوى رجال الأعمال وفي كل مكان... أما أن يحتمي بالجيش وأسلاك الأمن، فلا يستطيع الشعب استعمال ورقة الانتخاب لتصحيح المسار، ولا يستطيع الخروج إلى الشارع سلمياً ليغضب حضارياً، فتلك هي الفتنة ولن تسلم الجرة في كل مرة». واعتبر أن «المحافظة على المؤسسة العسكرية والمؤسسات الأمنية أكبر واجب وطني ينبغي أن ينتبه إليه الساسة».يُشار إلى أن مقري سيعود إلى رئاسة حزبه مطلع العام المقبل، في إطار خطة التناوب الدوري على القيادة بينه وبين وزير الصناعة السابق عبد المجيد مناصرة الذي يتولى رئاسة الحزب حالياً.
مشاركة :