منصة أزياء بتوقيع تلاميذ بقلم: شيماء رحومة

  • 9/19/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تزين تلاميذ اليوم ولن أقول كلهم بل أغلبهم بالمساحيق وألوان وأشكال من الملابس، ونسوا سهوا أو عمدا زينة العقل، فتبنوا قواميس تعمق جهلهم بقواعد السلوك الرصين وتحيد بهم عن الطريق القويم. العرب شيماء رحومة [نُشر في 2017/09/19، العدد: 10756، ص(21)] "صرت على أتم الاستعداد للعودة المدرسية وحافظة أقلامي عامرة بكل ما أحتاجه ولم أغفل عن تزويدها بكل جديد وقديم من أدوات زينتي، ماكياجي لا ينقصه شيء وملابسي لا تشوبها شائبة، وغدا يوم آخر"، هكذا دونت بعض الفتيات رؤيتهن للعودة المدرسية داخل بعض الغروبات على موقع فيسبوك. قراءة من القراءات المستجدة للواقع تعرض منصة للأزياء والموضة بتوقيع تلاميذ من مختلف الشرائح العمرية والجنسية فالأمر لا يتعلق بالبنات دون البنين، ولعل مع الفتيان يعد الوضع أسوأ بكثير، حيث يتشبه أغلبهم بالفتيات حتى أنك يمكن أن تعتقد أن الواقف أمامك فتاة بالنظر لما يرتديه وبمجرد أن يلتفت تعيد حساباتك وأحيانا تظل تخمن وتضرب أخماسا بأسداس؛ فتاة لا فتى، الشعر الوجه، الأمر يبعث على اللخبطة حقا. ومع التقدم في العام الدراسي تصبح مقولة التلاميذ النجباء “كلما ازددت حرصا على هندامي ازددت ثقة بتقصيري” بدل “كلما ازددت علما ازددت ثقة بجهلي". ذكرني حالهم بمشهد من فيلم مصري كوميدي سأل خلاله مدرس طالبته المنشغلة بقراءة مجلة "ماذا كنا نقول؟ فأجابت ما هو لون الشعر؟، فتوجه لبقية الطلبة وقال لهم المرة القادمة تحضرون معكم صبغة". الأمر لا يختلف كثيرا مع بعض تلاميذ اليوم، أولياء أمورهم يكدحون لتحصيل قوت أبنائهم وتوفير كل ضروراتهم وكماليتهم، وفي المقابل الأبناء يحرصون على كل شيء ما عدا الاهتمام بتحصيلهم الدراسي. هذا الحرص ولّد جملة من السلوكيات المنبوذة يقع الكذب والرياء أعلى سلمها القيمي الجديد، حيث يعمد بعض الأطفال إلى ادعاء التحاقهم بسلسلة من الدروس الخصوصية تضع الوالدين المنشغلين بالعمل في متاهة دفع المصاريف دون استيعاب كامل ومتكامل لما يصنعه الابن أو البنت بالمال، بالإضافة إلى احتيالهم المستمر على القائمين على مدارسهم ومعاهدهم، حيث يخططون للانفلات من الدرس والعبث في الشوارع وبعد ذلك يحبكون مسرحية ناجحة يكون بطلها شخصا مارا لا تربطهم به أي صلة فيدفعون له مقابل تمثيل دور الولي، وهكذا ينجح البعض رغم صرامة الفضاء الدراسي الذي ينتمي إليه. ولكن هذا فقط جزء بسيط من المشكل وإن كان اللبنة الأولى والأساس المتين للمشكل الأصلي والذي يكمن في تعلم السرقة، وهو ما يبدأ عند البعض بالتحايل على الوالدين وعند البعض الآخر بأخذ أغراض الآخرين وذلك كله عائد إلى الرغبة في التنافس على منصة الأزياء الوهمية، وغالبا ما يكون أبناء العائلات المعوزة ومتوسطة الحال ضحايا سهلة للانسياق داخل دوائر مفرغة لا تفضي بالضرورة إلى أن يصبحوا أفرادا معترفا بهم ضمن شلة المترفين العابثين، بل قد ترمي بهم بعيدا عن مقاعد الدراسة، وتحمل أولياء أمورهم على اللهث خلف فرصة الظفر بمدارس خاصة ترفق بعجزهم المادي والمعنوي. تزين تلاميذ اليوم ولن أقول كلهم بل أغلبهم بالمساحيق وألوان وأشكال من الملابس، ونسوا سهوا أو عمدا زينة العقل، فتبنوا قواميس تعمق جهلهم بقواعد السلوك الرصين وتحيد بهم عن الطريق القويم، وضاع عنهم ما قيل إن “الألفاظ هي الثياب التي ترتديها أفكارنا.. فيجب ألا تظهر أفكارنا في ثياب بالية”. كاتبة تونسيةشيماء رحومة

مشاركة :