محمد العبدالله و«الجاهلية الحديثة»! - مقالات

  • 9/22/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تعود بي الذاكرة إلى ما قبل 20 عاماً، حيث كنا في ديوان العم فلاح الحجرف، رحمة الله عليه، وكان من بين الضيوف الشيخ مبارك العبدالله، شقيق وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الإعلام بالوكالة الشيخ محمد العبدالله، ومن عرض ما ذكره الشيخ مبارك، «لكل زمان دولة ورجال»... وما زالت راسخة في مخيلتي. أذكر هذا بعد أن قرأت زاوية رأي «الراي» حول ما ذكره معالي الوزيرالشيخ محمد العبدالله عن انعدام ثقة الناس بالحكومة نقدا ورأيا أو وجهة نظر. لم يكن تحليلاً مسايراً للأجواء العامة... كان اعترافاً مباشراً واضحاً وصريحاً من شخص مسؤول يعرف القول المناسب في التوقيت المناسب («الراي» عدد السبت 17 سبتمبر 2017 ). يتحقق ما ذكره الشيخ مبارك مع ما ورد على لسان أخيه بوعبدالله. في الجاهلية القديمة، نذكر قصة أبو سفيان٬ لما كان كافراً٬ خرج في قافلة مع قريش في أرض الروم٬ فاستدعاهم هرقل ملك الروم ليسألهم عن محمد صلى الله عليه وسلم... سألهم: هل تتهمونه بالكذب؟ هل يغدر؟ هل يقتل؟ قال أبو سفيان: «فوالله٬ لولا الحياء أن يأثروا علي الكذب لكذبته»... يعني رفض التعرض للنبي لأنه خاف إذا رجعوا مكة، ان يقال إن أبو سفيان كذب... خاف على سمعته وهو كافر! (وفق ما نقل إلي). هذه هي سمات المجتمع الجاهلي الذي يرفض آفة الكذب والحرص على السمعة والتمسك بالأطر الأخلاقية في التعامل... كان ذلك زمان تختلف رجاله. أما في زمننا الحاضر الذي إن صح تسميته بعهد «الجاهلية الحديثة»... كيف؟ وبعد الجاهلية القديمة نذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «إنما أهلك الذين قبلكم٬ أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه٬ وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد» وخطة العمل في تنصيب القياديين مبنية على قاعدة «لا يقدم في القوم إلا أخيارها». نحن الضعفاء البسطاء ذكرنا في مقالات عدة مكامن الخلل الذي تعاني منه مؤسسات الدولة وتدني تصنيف الكويت في مجال التعليم٬ الصحة٬ الخدمات والمستوى القيادي من قاعدة أساسها العلم والخبرة وعرضنا الحلول... وهذا هو السبب الرئيسي الذي أوجد إحساس/انطباع عدم ثقة الناس بالحكومة. وقبل أيام خرج لنا الشيخ علي جابر الأحمد برسالة لسمو رئيس مجلس الوزراء، محددا فيها أوجه القصور الذي تعاني منه مؤسسات الدولة وفق ما يلمسه عامة الناس ومعظم ما ورد فيها، قد ذكرناه وكثير من الزملاء ذكروه في مواقع مختلفة. يعني الكل يشتكي...! الجاهلية الحديثة تركت «الأخيار» ووسدت الأمر لغير أهله وأصبحت الأنفس والمصالح تقود المشهد. كان الشيخ محمد العبدالله صريحاً... وهذا ما يميزه حيث العفوية في الطرح. لا يهمني طريقة التقاط البعض لتصريح أبو عبدالله خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي بقدر ما يهمني نقله لواقع الصورة. في المجتمع الجاهلي، كان «الكذب» فعلا مخزيا أخلاقيا وكانت الناس في ما بين بعضها البعض تعمل وفق مسطرة أخلاقية بقيم ثابتة محددة يحترمها الكبير والصغير، أما في عهدنا الحالي «الجاهلية» الحديثة٬ صار الكذب «عادي جدا» والسب والقذف وتلميع الأشخاص وفبركة الأخبار من الممارسات المعتادة ورموز الفساد «تسرح وتمرح»! الزبدة: يا شيخ... ابن الشيخ حفيد مبارك «نكن للأسرة كل احترام٬ ونبادلهم المحبة والتقدير والقضية ليست متوقفة في الاعتراف بعدم ثقة الناس بالحكومة... إننا أحوج إلى إعادة بناء قيمنا الاجتماعية واستبدال الطاقم الاستشاري وتقييم فوري لقياديي مؤسساتنا العام منها والخاص ومنح الكفاءات الفرصة لإعادة بناء الثقة بالحكومة». أتمنى أن يفهم ان الولاء الحقيقي هو للوطن وولي الأمر وأي جانب من حزب وقبيلة وكتلة وأي تصنيف آخر يجب أن يتلاشى ليكون المعيار الأول والأخير هو «الكفاءة والجدارة» وحسن السيرة والسلوك... من هنا تعود الثقة. موشرات عودة الثقة تبدأ من وجود تعليم جيد٬ رعاية صحية بجودة عالمية٬ خدمات إلكترونية وشوارع بلا زحمة وتركيبة سكانية متزنة و... الله المستعان. terki.alazmi@gmail.com Twitter: @Terki_ALazmi

مشاركة :