مشروع الثورة الداخلية يضع المنتخب الجزائري على حافة الانفجار بقلم: صابر بليدي

  • 9/24/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

مشروع الثورة الداخلية يضع المنتخب الجزائري على حافة الانفجارلم يتأخر رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم خيرالدين زطشي في الرد على التطورات الأخيرة التي يعيشها المنتخب الجزائري الأول عقب قرار الإبعاد المثير لخمسة عناصر من التربص القادم في الجولة الخامسة من تصفيات كأس العالم، حيث حاول احتواء حالة الانفجار الداخلي الناجم عن خلافات عميقة بينه وبين العديد من عناصر المنتخب الناشطة في الدوريات الأوروبية.العرب صابر بليدي [نُشر في 2017/09/24، العدد: 10761، ص(22)]منتخب محاربي الصحراء يبحث عن استرجاع هيبته الجزائر - أكد خيرالدين زطشي، قبيل انعقاد اللقاء الجهوي لمسؤولي رابطات غرب البلاد بمدينة وهران، بأن الثورة التي وعد بها عقب الهزيمة المرة في ملعب قسنطينة أمام المنتخب الزامبي في التصفيات المؤهلة لمونديال 2018 قد بدأت بفتح الباب أمام عناصر جديدة لتقمص ألوان المنتخب، وأنها ستمسّ الكثير من المسائل المتعلقة بالانضباط والقانون الداخلي وأحقية حمل الألوان. وفي محاولة لاحتواء الضجة التي أثارها قرار إبعاد عدد من العناصر أكد المسؤول الأول في الاتحاد بأن الأمر يتعلق بمنح فرصة لصالح عناصر جديدة بغية تجريبها وأخذ فرصتها، بما أن مواجهة منتخب الكاميرون شكلية للمنتخبين وتواريخ الفيفا غير متاحة خلال الأشهر القادمة وعليه تقرر توجيه الدعوة إلى عناصر جديدة لخلافة المبعدين في لقاء ياوندي في السابع من أكتـوبر المقبل. وشدد المتحدث على أن الأمر “لا يتعلق بإبعاد كما يروّج له البعض وإنما بعنصرين يعتزمان الاعتزال دوليا وهما عدلان قديورة وكارل مجاني، وأن الأخير أبلغنا بقـراره بعد مبـاراة زامبيا وعزمـه ترك مكانـه لعناصر شابة، وعليه سيتم تكريمه في اللقاء الأخير أمام نيجيريا في الجـولة السادسة والأخيرة”. وقال “بالنسبة إلى رياض محرز و نبيل بن طالب وإسلام سليماني يمكنهم العودة في المستقبل قياسا بقدرتهم على المـزيد مـن العطـاء، وقد اتصلت بهم لإبلاغهم بالقرار وشرحه لهم وتفهموا المسألة وكان ردهم إيجابيا، ولا أحد منهم قال لي سأعتزل اللعب الدولي”. وهي إشارة لنفي الأخبار المتداولة عن قرار رياض محرز الاعتزال الدولي بعد استثنائه من التربص القادم ودخوله في ملاسنات كلامية في الهاتف مع رئيس الاتحاد بسبب عدم اقتناعه بمبررات الإبعاد له ولبعض زملائه. وحاول خيرالدين زطشي النأي بنفسه عن القرار المذكور وأرجعه للمدرب الإسباني لوكاس ألكاراز الذي اتخذ قراره بناء على توجيهات مسؤولي الاتحاد بإحداث ثورة داخل المنتخب، وقال “لست أنا من اتخذ القرار بل المدرب هو الذي رأى حاجة المنتخب إلى ضخ دماء جديدة”. واعتبر الإعلامي المتخصص في شؤون كرة القدم رفيق وحيد في اتصـال مع “العـرب” أن “مـا يحدث للمنتخب الجزائري في الظرف الراهن هو نتيجة طبيعية لتراكمات سابقة ساهمت فيها العديد من العوامل والأسبـاب ومـا يحــدث الآن كان شيئـا منتظـرا بسبب استمرار ممارسات معينة”. وقال “الجزائر امتلكت مجموعة ولم تملك منتخبا خلال السنوات الماضية، ولمّا غابت الأسباب الموضوعية للنجاح كالإرادة والعزيمة حقق المنتخب النتائج المعروفة، ولمّا انفجرت المجموعة تراجع المنتخب، ولا أعتقد أننا نملك أوراق احتواء الوضع لغياب قواعد الإدارة المحترفة للمنتخب وللكرة الجزائرية على العموم”. وأضاف “الجزائر تراجعت قاريا وعالميا في مطلع الألفية، واستطاع المدرب السابق رابح سعدان وضع أسس الطفرة بمجموعة منسجمة وعازمة رغم الإمكانيات الفنية المتوسطة لذلك تحقق النجاح، لكن عملية البناء لم تكن على أسس سليمة ومحترفة في الاتحاد والمنتخب ولذلك انتهى المطاف بالخضر إلى هذا المآل “. استغرب متابعون إدراج إبعاد رياض محرز في خانة الأسباب الانضباطية، في حين أن المسؤول الأول للاتحاد هو من رخّص له بمغادرة معسكر المنتخب الوطني للسفر لإسبانيا من أجل التعاقد مع أحد النوادي على أن يعود في اليوم الذي يسبق مواجهة زامبيا في لوزاكا، وأعلن ذلك رسميا على موقع الاتحاد قبل أن يسحب البيان بعد احتجاج مسؤولي نادي ليستر على تسريح اللاعب دون إذن منهم. ومع عدم توقيع محرز ولا عودته وظف أساسيا في لقاء العودة بملعب قسنطينة. ونفس الشيء بالنسبة إلى إسلام سليماني، الذي يوجد في خلاف مع المسؤول الاتحادي أمين عبدي وتم الضغط لإبعاده إرضاء للمسؤول المذكور. وبشأن مستقبل المدرب أكد رئيس الاتحاد بأن المكتب سيجتمع الأحد لمناقشة مصير لوكاس ألكاراز مع الخضر وأن إجماعا سائدا داخل المكتب على ضرورة منحه فرصة المقابلتين المقبلتين أمام الكاميرون ونيجيريا لتأكيد لمسته وقدرته على التكيف مع خطة المسؤولين، في مشروع الثورة داخل المنتخب. وتذكر مصادر مطلعة بأن المدرب الإسباني لم يكن محل إجماع منذ البداية، وأن خيرالدين زطشي المولع بالكرة الإسبانية هو صاحب القرار وهو من يتحمل مسؤوليته، وأن مستقبله لن يتعدى شهر نوفمبر القادم، بعدما أكد محدوديته في وضع لمسته الفنية الخاصة وإيجاد الحلول والتحكم في المجموعة.بشأن مستقبل المدرب أكد رئيس الاتحاد خيرالدين زطشي بأن المكتب سيجتمع الأحـد لمناقشة مصير لوكاس ألكاراز وأن إجماعا سائدا داخل المكتب على ضرورة منحه فرصـة المقابلتين المقبلتين أمام الكاميرون ونيجيريا لتأكيد لمسته وأرجع الإعلامي المتخصص رفيق وحيد الأزمة التي يعيشها المنتخب إلى أساليب تسيير الاتحاد، من نرجسية وتسلط رئيس الاتحاد السابق محمد روراوة إلى الأخطاء الساذجة للرئيس الحالي خيرالدين زطشي، وتوظيف الهيئة الكروية في خدمة المصالح الخاصة والضيقة، فالعمل الإيجابي الذي قام به المدرب الفرانكوبوسني وحيد خليلوزيتش تحطم بعدم الاستقرار والارتباك مما أدى إلى الفقدان التدريجي لروح المجموعة والعزيمة والإرادة. وتابع وحيد “الكرة الجزائرية والمنتخب إذن دفعا في السابق ثمن مساوئ محمد روراوة في المستوى العالي، ويدفع الآن ثمن المساوئ من المستوى الهاوي لخيرالدين زطشي، وغياب الشفافية والنزاهة في انتخاب الهيئة الكروية والتدخل المباشر أو غير المباشر للسلطة، وتظهر نتائجه في أداء ومستوى الهيئات المنتخبة (الاتحاد)”. وأكدت المصادر من جهة أخرى على أن جهات مسؤولة ضغطت على زطشي مباشرة بعد هزيمة زامبيا لفسخ عقد المدرب، إلا أن الرجل ظل يماطل لغاية الانتهاء من الجولتين المتبقيتين من أجل تفادي تبعات العقد الفنية والمالية، فهو من جهة يتحمل مسؤولية استقدامه لوحد وإقالته سريعا تضعه في موقع الرجل الفاشل في أول مشواره على رأس الاتحاد، كما أن قرار الإقالة دون الفسخ بالتراضي سيكلف خزينة الاتحاد حوالي مليوني دولار، وهو مبلغ ضخم لا يتوجب إنفاقه في صفقة فاشلة. ولم يظهر المدرب الإسباني اللمسة التي كان ينتظرها الشارع الرياضي في الجزائر، حيث قاد المنتخبين (الأول والمحليين) إلى إقصاء من كأس العالم وكأس أفريقيا للمحليين، ولم يحقق إلى فوزا صعبا على المنتخب الطوغولي في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس أفريقيا 2019، كما أبان عن فشل في تسيير المجموعة وصعوبة في تحقيق قنوات التواصل معهم. تفاصيل المهمة الأخيرة شرح رئيس الاتحاد لوسائل الإعلام تفاصيل مهمته الأخيرة في سويسرا ولقاءه مع رئيس الاتحاد الدولي جياني أنفانتينو، لا سيما فيما أسماه بقضية إلغاء مشروع فندق خمس نجوم الذي شرع فيه الاتحاد السابق بتمويل من الفيفا، وتعويضه بأربعة مراكز جهوية للتكوين، وهو ما يكون قد تفهمه الرجل الأول في الفيفا حسب زطشي، لكن يبقى العائق الكبير هو أن مشروع الفندق استهلك مليون دولار في صورة دراسات ومخططات وأن المشروع تقرر بتزكية من الجمعية العامة للاتحاد وهو ما يطرح إشكالات لتحويل وجهة المشروع والتزكية الشرعية. ووجه المدير المقال في غضون الأسبوع الماضي من مركز تدريب المنتخبات الوطنية عمر جفافلة انتقادات لاذعة لرئيس الاتحاد متهما إياه “بتحويل المركز إلى إقامة للمقربين والأصدقاء وناديه السابق (بارادو)، مما حوله عرضة للتدهور وسوء التسيير وتراجع نوعية الخدمات التي يقدمها، خاصة مع التغييرات التي مست كوادره الإدارية والتسييرية، واستقدام عناصر تستقوي بسلطة رئيس الاتحاد لخدمة مصالحها وأغراضها الخاصة”. وجاء قرار الإقالة بالموازاة مع الاستقالة التي قدمها مدير المنتخبات الوطنية فضيل تيكانوين في نفس الأسبوع، وإن ربطها بأسباب صحية فإن المتابعين ربطوها بخلافات بين الرجلين خاصة بعد استقدام الخبير الفرنسي فرانسوا بلاكار بغرض خلافته، فضلا عن تلاسنه مع الموظف في نفس المديرية المدافع السابق للمنتخب عبد القادر حر. وفي سياق متصل ذكرت مصادر مطلعة بأن مخطط تصفية المنتخب من لاعبي الدوريات الأوروبية سيستمر بطرق متعددة لغاية الوصول إلى تقليص تعدادهم إلى أقل عدد ممكن، مقابل فسح المجال للاعبي الدوري المحلي وهو المخطط الذي يدخل في صلب مشروع الاتحاد الجديد منذ انتخابه في شهر مارس المـاضي، ولو لـم يعلن رسميا وعلنيا خشية ردود فعل الشارع الرياضي والمعنيـين. وينتظر أن يكون الظهير الأيسر لنادي نابولي الإيطالي فوزي غولام الضحية القادمة، حيث وجهت له الدعوة للتربص القادم ضمن القائمة الموسعة التي تضم 30 لاعبا ثم يتم الاستغناء عنه بعد تقليص القائمة للتعداد الرسمي وهو النهج الذي ينوي الاتحاد انتهاجه لغاية تحقيق هدفه بدعوى أن لاعبي الدوريات الأوروبية لا يمكنهم الحضور في كل وقت وأن الاعتماد الكلي عليهم أثّر على مردود الدوري المحلي بسبب فقدان الطموح لدى لاعبيه في تقمّص الألوان الوطنية. وتشكل المنتخب الجزائري الأول منذ ما قبل مونديال جنوب أفريقيا 2010 من لاعبي الدوريات الأوروبية بسبب سياسة رئيس الاتحاد السابق محمد روراوة الذي فقد الثقة في الدوري المحلي في إنتاج لاعبي منتخب، وهو ما أدى في نهاية التسعينات من القرن العشرين ومطلع الألفية الجديدة إلى اختفاء الجزائر من الساحة الكروية العالمية والقارية، ولذلك توجه إلى منتوج مدارس التكوين الفرنسية وللاعبي النوادي الأوروبية والاستفادة من قانون البهاماس، مما مكّنه من بناء منتخب عاد للواجهة العالمية في 2010 و2014. وأمام التضارب في سياسات تطوير الكرة الجزائرية والتحول من النقيض إلى النقيض دخل المنتخب الجزائري في أزمة عميقة، ولم يشهد أن عرف تمردا غير مسبوق ولا حالة تململ وغليان داخلي كما يشهده الآن، فلأول مرة يجري الحديث عن مقاطعة جماعية من اللاعبين للمنتخب وإبداء الرغبة في الاعتزال الدولي بعدما كان الأمر يتعلق بحالات معزولة. وأظهر رئيس الاتحاد الجديد تخبطا في تسيير ملفات الكرة الجزائرية وقصورا في التعاطي مع المسائل الثقيلة ففتح على نفسه جبهات صراع وانتقادات لاذعة رغم أنه لم يمرّ على انتخابه إلا ستة أشهر، لا سيما مع بروز ملامح تصفية حسابات مع مسؤولي الاتحاد السابق، وتبنّي خيار تحطيم الماضي لبناء الحاضر والمستقبل، مما أوقعه في مطبات متواصلة وأفقده دعم الوصاية الرسمية (وزارة الشباب والرياضة) التي مهدت له الطريق، وفعلت كل شيء لإقصاء منافسيه وسلفه من منافسته في الجمعية العامة الانتخابية.زطشي يعد بإحداث "ثورة" في المنتخب وبات وزير الشباب والرياضة الهادي ولد علي متذمرا من توجهات وقرار خيرالدين زطشي ومن النتائج السلبية، فبعدما تم الرهان عليه بناء على خبرته في إدارة وتسيير نادي بارادو (الصاعد الجديد للدوري الممتاز هذا الموسم)، ومحو إنجازات الرئيس السابق محمد روراوة لخلافات بينهما تتعدى أسوار الاتحاد والوزارة، حيث انتقده مؤخرا أمام وسائل الإعلام. وهو النقد الذي لم يسلم الوزير نفسه منه بسبب تدخله في جميع التفاصيل المتعلقة بالمنتخب والاتحاد، مما دفع بالبعض إلى وصفه بوزير المنتخب الوطني وليس الشباب والرياضة، وحذر من مغبة تدخله المستمر، ما قد يجر الكرة المحلية إلى عقوبات الفيفا، لأن نصوصها واضحة بشأن علاقة الحكـومات بالهيئـات التابعة لها. وشكل عدم الحسم لحد الآن في مسؤوليات دائرة التحكيم في الاتحاد والتلاسن المستمر مع رئيس الرابطة محفوظ قرباج وتعيين فضيل تيكانوين على رأس المديرية الفنية والتفرد بقرار استقدام المدرب لوكاس ألكاراز وتوجيه الدعوة مؤخرا للخبير الفرنسي فرانسوا بلاكار للجزائر، وهو المتهم بالعنصرية في بلاده، وتدهور مركز تدريب المنتخبات بضاحية سيدي موسى قبل أن تنضاف إلى كل هذا قضية اللاعبين المبعدين باعتبارها مسلسلا دراميا هوى بالكرة الجزائرية إلى الحضيض. إحداث ثورة كان خيرالدين زطشي قد توعّد بعد نهاية لقاء زامبيا بإحداث “ثورة في المنتخب وطرد عدد من العناصر”، وهي الرسالة التي تلقفها اللاعبون وأكدت لهم المخاوف من التغيير في إدارة الاتحاد، خاصة لمّا بادر بتجريدهم من بعض الامتيازات والتلميح إلى بناء منتخب من لاعبي الدوري المحلي، الأمر الذي خلق حالة من الحساسية بين لاعبي الدوري المحلي وباقي الدوريات، وتغذى من بعض الأصوات التي لم تتوان عن كيل التهم والانتقادات للاعبين المحترفين ولسياسة الرئيس السابق محمد روراوة. وهو ما يكون قد تكرس في مناوشة كلامية في أعقاب المقابلة المذكورة في غرفة الملابس بين رئيس الاتحاد والمدافع فوزي غولام حيث قام الأول بتوجيه انتقادات للاعب واتهمه بالتخاذل وعدم العطاء في المنتخب كما هو الشأن في ناديه نابولي، وعدم المجيء في المستقبل، وهو ما رد عليه اللاعب بالقول “هذا الكلام قله لمدربك، ففي نابولي لديّ الحرية الكاملة، بينما هنا حاصرني في مساحة ضيقة، وإذا أردت ألا نأتي أعلنها مباشرة، واستخلفنا بنادي بارادو”. وهو نفس الموقف تقريبا الذي حدث مع رياض محرز الذي لم يقتنع بمبررات زطشي وطلب منه عدم استدعائه في المستقبل مما أغاض زطشي فرد عليه “من تكون أنت.. قادرون على صناعة مئة محرز ومئة إبراهيمي”، مما يعكس حجم تدهور العلاقة بين رئيس الاتحاد وبين العديد من اللاعبين. ويعتزم لاعبو البطولات الأوروبية، التشاور فيما بينهم لبناء موقف موحد تجاه مستقبلهم مع المنتخب وعلاقتهم مع مسؤولي الاتحاد في ظل ما وصفوه بـ“سوء التسيير وخلق التمييز بين أبناء الوطن الواحد وتحميلهم مسؤولية الإقصاء من المونديال لوحدهم دون البحث عن باقي الأسباب والعوامل “، ولا تستبعد مقاطعة جماعية للتربص القادم في سابقة أولى، إذا لم يتم احتواء الأزمة وتدخل العقلاء لتلطيف الأجواء.

مشاركة :