بدأت كتالونيا، بما فيها نادي إف سي برشلونة، إضراباً عامّاً، الثلاثاء 3 أكتوبر/تشرين الأول 2017، للدفاع عن "حقوقها"، والتنديد بعنف قوات الأمن، على هامش استفتاء تقرير المصير الأحد، المحظور، في حين تتسع الهوة على ما يبدو أكثر مع مدريد. وتأتي هذه التعبئة الكبيرة التي تتخللها تظاهرات، بعد يومين من تنظيم الاستفتاء. واقتحمت الشرطة الإسبانية والحرس المدني مئة مكتب تصويت لمصادرة صناديق الاقتراع ومعداته، لكن ذلك لم يحدث دون عنف. وفتح الاستفتاء الذي شارك فيه عدد كبير من الكتالونيين الأزمة السياسية الأعمق التي تمر بها إسبانيا منذ إرساء الديمقراطية فيها في 1977. وأعلن قادة كتالونيا التي تبلغ مساحتها 30 ألف كلم مربع ويقطنها 16% من سكان إسبانيا، أنهم ينوون جدياً إعلان الاستقلال بعد التأكد من فوز مؤيدي الاستقلال في الاستفتاء بأكثر من 90% من الأصوات بحسب نتائج غير نهائية. وكانت نقابات صغيرة دعت في الأصل لهذا الإضراب. لكن بعد أعمال العنف الأحد، التي تطلبت تقديم مساعدة طبية لأكثر من 800 شخص، قررت النقابات الكبيرة الانضمام إلى الإضراب لإظهار وحدة الصف في مواجهة هذه الاعتداءات. كما دعت للإضراب الجمعيات والأحزاب الداعية لاستقلال كتالونيا، التي تملك قدرة كبيرة على التعبئة. وقال رئيس كتالونيا كارليس بيغديمونت، الذي يسعى من خلال الإضراب أن يظهر أن المجتمع يدعمه في صراعه مع سلطات مدريد، للحصول على الأقل على استفتاء لتقرير المصير، "أنا مقتنع بأن دعوة الإضراب ستلقى تجاوباً كبيراً".تظاهرة سلام وعملياً فإن الإضراب مقرر في ميناء برشلونة والجامعات العامة ووسائل النقل ومتحف الفن المعاصر والأوبرا، وحتى الكاتدرائية الشهيرة "ساغرادا فاميليا". ويريد المنظمون أن يكون الإضراب تظاهرة "سلام". ويأتي الإضراب بعد تعاظم الحراك الاجتماعي في الأسابيع الأخيرة في كتالونيا. وبعد الاعتقالات وعمليات التفتيش التي استهدفت تنظيم الاستفتاء، منتصف سبتمبر/أيلول، وعدت الجمعيات الداعية للاستقلال بـ"تعبئة دائمة" للمجتمع ضد ما وصفته بـ"قلة الاحترام" و"الإهانة" الدائمتين من قبل مدريد. في المقابل تصمّ الحكومة الإسبانية المحافظة آذانها إزاء الانتقادات، وتندد من جانبها بـ"التلاعب" بالحشود. ورسالة الإضراب موجَّهة أيضاً إلى المجتمع الدولي لطلب مساعدة كتالونيا على "ضمان حقوق" مواطنيها. وطلب رئيس كتالونيا، الإثنين، "وساطة دولية" في النزاع بين برشلونة ومدريد. ولزم رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي الصمت. واجتمع راخوي الإثنين مع قادة الحزب الاشتراكي وحزب المواطنة (وسط معارض لاستقلال كتالونيا) لبحث "التحدي الخطير الذي تطرحه" هذه الأزمة. وتنامت مشاعر الاستقلال في كتالونيا منذ 2010، وتغذيه أزمة اقتصادية، وإلغاء جزئي من المحكمة الدستورية لوضع كان يمنح كتالونيا سلطات أوسع. ومنذ 2012 تزايد عدد الكتالونيين الذين يطالبون مدريد بتنظيم استفتاء لتقرير المصير من أجل حسم النقاش، وذلك رغم انقسام سكان كتالونيا إزاء الاستقلال. لكن حكومة راخوي لا ترغب مطلقاً في الخوض في الأمر، مشيرة إلى أن هذا الخيار غير منصوص عليه في الدستور. لكن الاتحاد الأوروبي طلب الإثنين من راخوي أن يعتمد الحوار. وعبرت الأمم المتحدة عن رغبتها في إجراء تحقيق حول أعمال العنف، في حين عبرت برلين وباريس عن دعمهما لوحدة مملكة إسبانيا. وأعلن البرلمان الأوروبي أنه سيجري نقاشاً الأربعاء، حول الوضع في كتالونيا.الهوة تتسع لكن في البلاد يبدو أن الهوة تتعمق أكثر لتتجاوز الإطار السياسي. ففي برشلونة اضطر 200 من عناصر الحرس المدني لمغادرة فندقهم، بعد تجمع ليلي لمتظاهرين أمام الفندق، وتوجيه شتائم ورمي زجاجات. وفي مدريد تعرَّض اللاعب جيرار بيكيه إلى صيحات استهجان من الجمهور في أول أيام معسكر تدريب للمنتخب الإسباني، الذي يلعب ضمنه منذ سنوات. وهتف بعض الجمهور "بيكيه... إسبانيا بلادك"، في حين جابت صورة دموع اللاعب أنحاء العالم.
مشاركة :