هل حقاً غادر نوري المالكي المشهد السياسي العراقي؟!..هل تعطي "داعش" في العراق قبلة الحياة لنظام بشار الأسد في سوريا أم يعجل الخوف منها برحيله؟!..هل تصبح كردستان العراق أحدث دول الشرق الأوسط "الجديد"؟!..هل بوسع الليبيين استعادة ليبيا؟!.. هل يستطيع انقطاع الكهرباء أن يغير حياة المصريين كما غير اكتشاف الكهرباء شكل الحياة على كوكب الأرض ؟!...أسئلة تبدو صغيرة، تتوقف طويلاً أمام تفاصيل قد تكون عابرة في التاريخ الانساني، لكنها حتماً تترك بصمتها على التاريخ والجغرافيا معاً.. قبل أيام هبت رياح رطبة على بلاد الرافدين، أعلن معها نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي عدم ممانعته في ترشيح عبادي لتشكيل حكومة عراقية جديدة خلفاً لحكومة المالكي الذي حرك "ميليشياته" وجيّش جيوشه للدفاع عن منصبه كرئيس لوزراء العراق.. الذين سمعوا وشاهدوا إعلان المالكي الترحيب بعبادي، أغلبهم لم يصدقوه، فقد ولى زمن البراءة، والرجل كان يلوح قبل قليل بحرب طائفية لا تبقي ولا تذر، الى أن تخلت عنه طهران وكشفت عنه غطاءها، في خضم حوارات "غير معلنة" مع واشنطن حول الملف النووي الإيراني. أمام عبادي بضعة أسابيع سوف تمر سراعاً، عليه أن يتمكن خلالها من تشكيل حكومة توافق وطني عراقي واسع، يصون وحدة العراق ويحول دون إنجاز مخططات تقسيمه، ويتأهب لحرب قدر الرئيس الامريكي أوباما أنها ستكون طويلة مع "داعش"..هل يستطيع عبادي ذلك؟.. وهل سيترك له المالكي تلك الفرصة دون إنتاج منغصات ووضع معوقات؟!.. سترينا الأيام ماذا تخبىء للعراق. قبل أيام أنجز رجب طيب أردوغان الجانب الأكثر أهمية في مشروعه الشخصي، ووضع حجر الاساس لخطة الخلافة العثمانية الجديدة، وذلك عقب فوزه بانتخابات الرئاسة وشروعه في إدخال تعديلات دستورية هامة أرجح أن ينجح في تمريرها ، تمنحه صلاحيات واسعة في إدارة البلاد وتمد له حبال الزمن لإنجاز حلمه باستعادة خلافة أجداده العثمانيين، لكن مشروع أردوغان لا يمكنه النجاح دون غطاء أمريكي، بدا أن ادارة أوباما مستعدة لتقديمه، ضمن مشروع أمريكي لإعادة هيكلة الشرق الأوسط "الجديد".. فرص أردوغان –أوباما في إنجاز مشروعهما تعتمد الى حد بعيد على أداء الجهاز المناعي للنظام الإقليمي العربي، والذي تجسده في اللحظة الراهنة سياسات ورؤى كل من السعودية ومصر والإمارات بشكل أساسي، والأردن والمغرب والبحرين، بدرجة تالية، ثم الكويت والجزائر . على ضفاف الخليج يبدو التهديد "ايرانياً" بامتياز، لكن درجات استشعار التهديد تتفاوت، وسياسات التفاعل معه والتحسب له تتفاوت ايضاً، ما يجعل المشهد غير باعث على الاطمئنان بالنسبة للبعض، خاصة في ضوء "ميوعة "أمريكية على الأقل ساهمت في تعظيم مشاعر القلق، لكنها في نفس الوقت ساهمت في دفع الجهاز المناعي للنظام الاقليمي العربي الى شحذ أسلحته، ورفع مستوى همته. المشهد في حرب غزة، لم يعد ، في ضوء ما تقدم، تعبيراً عن صراع حمساوي- إسرائيلي، أو فلسطيني- إسرائيلي، بمقدار ما اصبح انعكاساً لخارطة تحالفات جديدة انتجتها خارطة ما يسمى بسنوات الربيع العربي، وهكذا جاءت مستويات ردود الفعل العربية على حرب غزة، الشعبية من جهة، والرسمية من جهة أخرى، معبرة عن الإحباطات، والمخاوف، والآمال، في أعلى تجلياتها، فما يجري الآن في غزة، موت يمنح قبلة الحياة لارادة أوشكت على التآكل بفعل عوامل النحر الذاتية والإقليمية والدولية، لكن لا الموت وحده ولا الارادة وحدها بقادرين على صنع خارطة جدية إن غابت الحسابات وحضرت التحالفات الموقوتة والمشبوهة. غزة قد تكون أبرز لوحات المشهد الاقليمي في اللحظة الراهنة، لكنها مع ذلك قد لا تكون "الماستر سين" بلغة السينما، فهذا "الماستر سين" قد تكتبه سيناريوهات حواديت "الضلمة" في مصر، مع انقطاع متكرر للكهرباء في مختلف أنحاء مصر من شأن استمراره دون "خطة" او حتى اهتمام بالمصارحة والمكاشفة والتوضيح، أن يؤدي الى التباس بشأن مستقبل مصر السياسي وفرصها في التعافي الحقيقي، فلا يمكن التحدث عن دور لصانع التحولات الإقليمية الرئيسي في المنطقة، دون أن يتمكن المصريون من قراءة خارطة المستقبل تحت الأضواء الكاشفة، وليس على ضوء الشموع بكل ما يجلبه من ظلال وخيالات ورومانسية لا تليق بالساسة في لحظة مواجهة مع سؤال الوجود. حالة "المغص" الإقليمي، مستمرة، والتفاعلات بكل تداعياتها، مستمرة أيضا، والاستقرار مازال يترقب عند محطة الأمل، ولهذا فلا أحد يستطيع التكهن بالقادم في مقبل الأيام، غير أن مهمة مؤسسات النظام الاقليمي العربي وكذلك في داخل كل دولة من دوله أن تبني احتشاداً حقيقياً، لن يقوم بغير المكاشفة والمصارحة، واحترام عقول الجماهير البسيطة، فهم من يصنع التغيير وهم من يصون الحاضر ويحمي المستقبل. عندما ننغمس في قراءة خارطة الأيام، ونغرق في تفاصيلها الصغيرة دائماً، والتافهة أحياناً، فاننا لن نتمكن من قراءة المشهد الكلي في خارطة المقبل من السنين، لكنني ألتمس مع ذلك العذر لجمهور باتت تشغله رابطة عنق المالكي وعمامة البرزاني وغرة حسن نصر الله واصبع خالد مشعل، فالحوادث الجسام تحمل العقول قسراً الى حفلات الانشغال بالصغائر.. ومع ذلك ابتسموا للغد ولا تثرثروا كثيراً، فالراقدون تحت الثرى من صناع تاريخنا "المجيد بحق" كانوا يكرهون الثرثرة moneammostafa@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (21) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :