ميدل إيست آي: الناس في سوريا ما عادوا يهتمون بما يحدث وقبلوا بانتصار الأسد لسببٍ واحد

  • 10/6/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

اعتبر موقع البريطاني الجمعة 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، أن الناس في العاصمة السورية سواء كانوا مؤيدين لنظام الأسد أو معارضين له، ما عادوا يهتمون بما يحدث، فعدد كبير منهم كره السياسة ومل منها، فيما قبل البعض الآخر بانتصار الأسد لأنهم ملوا الحرب. وأضاف الموقع البريطاني ستأتيك العلامات الأولى لخفوت الحرب، التي دخلت عامها السادس في سوريا، في غضون 6 دقائق من عبور الحدود البرية من لبنان إلى سوريا. وقبل عامٍ، كان هناك ثماني نقاط تفتيش حيث كانت القوات تتفقَّد وثائق المسافرين وتُفتِّش حقائب السيارات في الرحلة التي ستقطع فيها 30 ميلاً إلى دمشق. الآن هناك ثلاث نقاط فقط. وكما هو الحال داخل العاصمة، فقد رُفِعَت نصف نقاط التفتيش، على حد قول سكان دمشق، مما يُقلِّل من التوتُّر الناجم عن الاختناقات المرورية ويخلق إحساساً بالعودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية. ويحصل السكان الآن على 12 ساعة من الطاقة الكهربائية يومياً، بزيادةٍ كبيرةٍ عن العام الماضي. وتُعد تكلفة المازوت، وهو الوقود الثقيل الذي يُستخدَم في تدفئة منازل السكان، أعلى مما كانت عليه في وقت السِلم، ولكنه الآن متوفِّرٌ بخلاف العام الماضي. وقد اختفت طوابير الغاز المعبَّأ، وهو وقود المطبخ الرئيسي. وبغض النظر عن رأي الناس في بشار الأسد وحكومته، فإن الشعور الغالب في العاصمة السورية هو الحاجة إلى الغوث إذ أنَّ قذائف الهاون والسيارات المُفخَّخة للمعارضين لم تتوقف بعد. غير المُسيَّسين يهتمون بأنفسهم لم تكن المواقف ثنائية، أو مُقَسَّمة إلى معادلة بسيطة للحكومة أو ضدها. فلطالما كانت هناك مجموعة كبيرة من الدمشقيين المُتردِّدين، غير المُسيَّسين، إذ كانوا مهتمين في المقام الأول بحماية أنفسهم وأسرهم. في الأيام الأولى من الصراع، عندما بات واضحاً أنها ستكون حرباً بالوكالة تتلاعب بها القوى الخارجية، عارضت مجموعات كبيرة التدخُّلات العسكرية على الرغم من أنهم أرادوا إصلاح الحكومة أو تغييرها. وإلى جانب الارتياح الناجم عن أن الحرب قد وصلت لنهايتها، هناك نفورٌ من السياسة حتى بين الناشطين الذين جابوا الشوارع احتجاجاً قبل ست سنوات. قالت امرأة في بداية الثلاثينات من عمرها انتقلت إلى الخارج ولكنها تعود بانتظام لزيارة والديها: "قبل عامين، كنت لا أزال مُهتمة بالسياسة، الآن لم يعد الأمر يهمني". وفضَّلت المرأة عدم نشر اسمها. وأضافت: "السياسة تنتهي إلى طريقٍ مسدود، ما أراده الناس قبل بضع سنوات لم ينجح، وقد كان الدمار هائلاً. كل ما يريده الناس هو السلام لأنفسهم ولأحبائهم". وعلَّقَت إنه قد فُتِحَت العديد من الحانات والمقاهي الجديدة في الشوارع المزدحمة بمدينة دمشق القديمة. وتابَعَت: "لم يعد الناس يهتمون بمستقبل البلاد، فهم يدخِّنون الشيشة ويعيشون فقط في الوقت الحاضر، وأنا أشعر بنفس الشيء". وقالت امرأةٌ شابة تعمل كمترجمةٍ مستقلة، وهي أكثر يأساً من المستقبل، وإن كانت تشعر بنفس القدر من الارتياح نتيجة خفوت الحرب، على الأقل بالنسبةِ لسكان دمشق: "قد ينتهي القتال، ولكن الكراهية ستبقى لسنوات. فالناس غاضبون من الجانبين". وأضافت: "إنهم يلقون باللائمة على كلا الجانبين لاستخدامهم العنف. فالبنسبة لي، انتهت الثورة عندما أُطلِقَت الطلقةُ الأولى". وأشارت إلى حالة صديق يبلغ من العمر 22 عاماً، لم يكن عليه أن ينضم إلى الجيش إذ أنه ابنٌ وحيد. وقالت عنه: "على الرغم من هذا يقول إنه يكره الجميع. فقد دُمِّرَت حياته". الفنان والرئيس يوسف عبدلكي، أحد الفنانين التشكيليين السوريين الأكثر موهبة، لا يزال يعيش في دمشق على الرغم من أنه كان على وشك السفر إلى باريس لعرض بعض أعماله الأخيرة، إذ زرته الشهر الماضي، سبتمبر/أيلول، في الاستوديو الخاص به والذي يأخذ الطراز العثماني وتعمه الفوضى، بحسب الموقع البريطاني. قال يوسف: "لقد ذهب الثوار الأصليون إلى الخارج أو ماتوا، فالأمر قد انتهى. على المرء أن يكون واقعيّاً". واقتناعاً منه بأن الأسد سينهزم ما إذا أُجرِيَت انتخاباتٌ حرَّة وما إذا توحَّدَت قوى المعارضة، يُعد يوسف واحداً من النقاد القليلين للرئيس الذي يجرؤ على الكشف عن اسمه. رَسَم عبدلكي في هذا الصيف ما اعتبره موضوعاً جديداً: سلسلةً من الإناث العُراة، والتي عرضها بمعرضٍ في دمشق. يقول عبدلكي أن ما من وقتٍ لديه للمعارضة الدينية للأسد الذي لا ينوي تعزيز الديمقراطية على حد قوله، لكنه فوجئ بأن معرضه أثار أيضاً ردَ فعلٍ غاضباً من جماعات المعارضة العلمانية في الخارج. فقد زعموا أنه أراد إرضاء الحكومة. وقد رد عبدلكي في مقالٍ نشرته صحيفة لبنانية مشيراً إلى أنَّه رفض طلباً من وزارة الثقافة السورية لرعاية المعرض، وأنَّ لوحاته قد عُرِضَت في معرض مملوك بشكل خاص. وتجاهلت وسائل الإعلام الحكومية المعرض ولكن هذا لم يمنع هجمات المنفيين. ويرى عبدلكي أن هؤلاء المهاجمين يُمثِّلون دليلاً على الإفلاس السياسي للمعارضة. وقال عبدلكي: "لوحاتي هي تحيَّة للجمال، فهم يعبِّرون عن رفض الحروب الطائفية، ويحتجون ضد كل هذا الموت. ألا يرون ذلك؟". حلب: نقطة تحوُّل الحرب بالنسبة للدمشقيين كانت نقطة التحوُّل الكبيرة هي استعادة النظام السوري لشرق حلب الذي سيطر عليه المعارضون في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وقد خلق هذا ما يسمى بتأثير الدومينو، إذ سمح لجيش النظام السوري بالبدء في تحريك قواته لمهاجمة تنظيم داعش في شرق سوريا وإجبار المجموعة المسلحة على التراجع. وفي الشهر الماضي استعاد جيش النظام سيطرته على مدينة دير الزور، وهي المدينة الرئيسية المُطلة على نهر الفرات، كما استولت قوات سوريا الديمقراطية الكردية والتي تقودها الولايات المتحدة على الرقة، عاصمة الخلافة التي نصبتها داعش لنفسها، بحسب ميدل إيست آي. وفقدت حركة تحرير الشام المرتبطة بتنظيم القاعدة وجماعات معارضة أخرى أرضيتها، وتقاتل بعضها البعض في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا. وقد حدث التغيير بسبب سنتين من القصف الروسي بالإضافة إلى الدفع بمقاتلي حزب الله اللبناني والميليشيات الإيرانية. وقال ألكسندر لابين، رئيس أركان القوات الروسية في سوريا، الشهر الماضي إن قوات الأسد تسيطر الآن على 85 % من الأراضي السورية. ويقوم هذا الادعاء جزئياً على ما تعنيه كلمة سيطرة إذ يحوي البلد قطاعات كبيرة صحراوية فارغة. وبشكل أكثر تواضعاً، يقول موقع المرصد السوري لحقوق الإنسان على شبكة الإنترنت إنَّ الحكومة تسيطر على 48% من الأراضي السورية مقابل 22 % قبل عامين. الأسد ليس شامخاً، فهو يبدو كذلك علناً فقط على الأقل. لكنه بدا واثقاً من النصر في خطابٍ تلفزيوني له في 20 أغسطس/آب الماضي. وقال لابين: "يُحقِّق جيشنا كل يوم مكسباً تلو الآخر للقضاء على الإرهابيين.. وسنواصل مهاجمة الإرهابيين حتى آخر إرهابي على الأراضي السورية"، بيد أنه أضاف أن الحرب لم تنته بعد. وتابَعَ: "تستمر المعركة، وهذا أمرٌ مختلف عن الحديث عمَّا قد تؤول إليه الأمور، أو عن إمكانية النصر". وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن سبتمبر/أيلول الماضي كان أكثر شهور الحرب دموية في هذا العام إذ قُتل فيه 3055 شخصاً. وركَّزَت وسائل الإعلام كما العادة على ارتفاع عدد الضحايا من المدنيين، دون النظر إلى عدد الوفيات ككل في ساحة المعركة. وتُظهِر إحصاءات رصد الحرب أن المدنيين يشكِّلون حوالي ثلث الضحايا - إذ أن هناك 955 مدنياً من بينهم 207 أطفال. وشملت هذه الهجمات 395 قتيلاً جراء الغارات الجوية السورية والروسية، و282 قتيلاً جراء الغارات الجوية التي شنها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. لكن هذه الأرقام تشير أيضاً إلى أنَّ غالبية القتلى كانوا من الرجال الذين يحملون الأسلحة - وبلغ عدد القتلى من المعارضة 1288 شخصاً، منهم 550 سورياً و738 مقاتلاً أجنبياً. وقُتِلَ في المُجمَل 790 جندياً حكومياً وميليشيّاً ومقاتلاً من حزب الله. حتى في دمشق لم تنته الحرب بعد، بل لقد هدأ روعها فقط. وقد هدأت سلسلة من المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة حول العاصمة من خلال ما يُسمَّى باتفاقات المصالحة، بما في ذلك برزة وداريا والمعضميَّة وقدسيا، ولكن لا تزال جوبر وجزء من مخيم اليرموك الذي يأوي اللاجئين الفلسطينيين في أيدي المعارضة. يمكنني أن أسمع كل ليلة تقريباً، قبيل منتصف الليل، من ناحية الحي المسيحي في المدينة القديمة ما بدا وكأنه سلسلة من الأبواب الضخمة البعيدة التي تُغلق بعنف. كانت الدبابات والمدفعيات الموجودة داخل الاستاد الرياضي بساحة العباسيين تَقصِف جوبر على بعد أقل من ميلٍ واحد. ويأتي في المقابل قصف مدفعي لمدافع هاون في بعض الأحيان كردِ فعلٍ - وقد قُتِلَ أحد طلاب الطب في الشارع خارج سور المدينة قبل يوم من مغادرتي لدمشق. وبحسب الموقع البريطاني فإن ساحات الحرب الرئيسية قد انحصرت في 4 مناطق: الجبهة الجنوبية حول درعا؛ أجزاء من محافظة حماة حيث يسيطر المتمردون على جزء من الطريق الرئيسي إلى حلب؛ أجزاء من وادي الفرات شرق دير الزور والرقة؛ ومنطقة إدلب على الحدود التركية. روسيا وأستانة كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أسدى للأسد خدمةً جليلة ليس فقط باستخدامه القوات الجوية الروسية، وإرسال مئات من القوات الخاصة والشرطة العسكرية إلى سوريا. فقد أُنشئ منتدى تفاوضي عسكري يُعرَف بمحادثات أستانة، حيث تعمل روسيا وإيران وتركيا على "مناطق وقف التصعيد" لتهدئة القتال. وقد انطلقت محادثات أستانة، والتي كانت مُصمَّمَة ابتداءً لإعطاء إيران دوراً معترفاً به دولياً، في إيجاد حل للنزاع السوري. على النقيض من ذلك، فإن منتدى جنيف للمحادثات السياسية في مأزق، إذ لا تزال الحكومة والمعارضة غير راغبين في الجلوس للاتفاق على جدول أعمال. وقالت بثينة شعبان، المستشارة السياسية والإعلامية للأسد: "لا أعتقد أنه قد أسفر عن أي نتائج حتى الآن إذ لا توجد مادة بالأساس". وأضافت: "لا أعرف ما إذا كان هذا الأمر بمثابة منصَّة يُمكن من خلالها الإعلان عن حل بمجرد العثور عليه، ولكن ما أعرفه أنَّه لم يحرز تقدماً حقيقياً". وتركَّزت محادثات أستانة على الشِق العسكري. فمن خلال التركيز على وقف إطلاق النار الذي ترصده الدول الثلاث كضامن، فإن محادثات أستانة تساعد على حماية الأسد من الهجوم، مما يجعل سقوط نظامه أمراً بعيد المنال. ويبقى اثنان من الأسئلة الكبيرة بلا إجابة. أحدهما هو ما سيحدث للرقة الآن بعد أن سيطر الأميركيون وحلفاؤهم الأكراد عليها. هل سيسلمونها إلى قوات النظام السوري من خلال الاتفاق مع الروس، وماذا سيطلبون في المقابل؟ فمن غير المعقول أن يواجه السوريون والروس الأميركيين عسكرياً. أما السؤال الآخر فيتعلَّق بمستقبل إدلب، حيث أن مئات المُسلَّحين من ساحات القتال الأخرى في سوريا قد نُقِلوا إلى هناك بعد الاستسلام في حمص وحلب وضواحي دمشق. وقد قَصَفَت القوات الجوية السورية والروسية إدلب بشكل مُتقطِّع، ولكن يبدو أنَّ الهجوم الشامل غير مُرجَّحٍ نظراً للعدد الكبير من القتلى الذي قد يحدث بين صفوف القوات البرية السورية. والأكثر احتمالاً هو أن تستخدم تركيا نفوذها السياسي لإقناع المعارضين غير الإسلاميين، وغيرهم من المنتمين لتنظيم القاعدة بالاستسلام والانسحاب. وكما قال الأسد في أغسطس/آب الماضي، فإن: "الهدف من فكرة مناطق وقف التصعيد هو وقف إراقة الدماء.. وطرد الجماعات المُسلَّحة من خلال تسليمهم لأسلحتِهم وعودتهم للحياة الطبيعية، فنجاح تلك المبادرة سيعود بالمصلحة". ويأمل العديد من السوريين في دمشق في التوصُّلِ إلى اتفاقٍ بين الولايات المتحدة وروسيا لإنهاء الحرب. والآن بعد أن ظهرت بشائر انتصار الأسد، هناك شعور بأن الروس في عجلةٍ من أمرهم لتخطّي ما حدث، في حين أنَّ الأميركيين ليسوا كذلك. هذا هو الخط الذي يتَّخذه المسؤولون السوريون في العلن. وقالت بثينة إن "ما يريده الأميركيون هو إطالة فترة الحرب". وأضافت: "تحدَّثوا عن ذلك على أنه حرب استنزاف، وما نريده نحن هو أن نضع نهاية لهذه الحرب وأن نستخدم كل القنوات والوسائل المُمكِنة لوقف إراقة الدماء في سوريا". وتابَعَت: "إذا أراد الأميركيون وقف هذه الحرب فسيتعاونون كما ينبغي مع روسيا في محادثات أستانة وجنيف". وأضافت: "إنَّنا نحاول بذل قصارى جهدنا لإنهاء هذه الحرب، إذ أنَّ شعبنا هو من يدفع الثمن".

مشاركة :