كل عام وأنا بألف خير بقلم: شيماء رحومة

  • 10/10/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أما الهدايا فهي أمور شكلية ورموز تصاحب طقوس الاحتفال، ولأكون أمينة مع نفسي لا أحد ينكر رغبته وفرحه بتلقي الهدايا من أبسطها حتى أغلاها.العرب شيماء رحومة [نُشر في 2017/10/10، العدد: 10777، ص(21)] أبسط تفاصيل حياتنا مرهونة باتخاذ خطوات إلى الأمام تبدأ وتنتهي بقرار، لا شيء يسير دون قرارات، لذلك قررت أن احتفي بنفسي وأن أنزع عني أثواب الماضي وأزين خزانة ملابسي بكل ما هو جديد وذو قيمة، وأن أطل من نافذتي على إشراقة شمس. قمت بجولة بين محلات أغلى الماركات وفزت ببعض القطع الجميلة لأقول لي “كل عام وأنت بألف خير”، أجل اشتريت هدية عيد ميلادي دون أن انتظر ذلك من أحد ليس لأنني غير محفوفة بأناس يحبونني بل على العكس أنا محظوظة جدا بكل من سكن قلبي من عائلة وأحباب، لكنني أردت هذه السنة أن أعيش شيئا مختلفا ولسان حالي يردد “عيد بأيّ حال عدت يا عيد بما مضى أم بأمر فيك تجديد” بنفس تفاؤلي أكثر من الشاعر أبي الطيب المتنبي. تعد أعياد الميلاد فرصة لاختبار علاقاتنا بالآخرين لا من حيث كم ونوعية هداياهم لنا بل عبر معرفتنا لمكانتنا داخل سجلات الذاكرة التي تخزن ما غلا وارتفعت قيمته، بمجرد أن يتسابق من حولك لمعايدتك يرتفع منسوب هرمون السعادة داخل جسدك الصغير ويسري في كامل أوصالك، نحتاج إلى الكلام الطيب أكثر من الهدايا، “كلمة طيّبة كشجرة طيّبة أصلها ثابت وفرعها في السّماء تؤتي أكلها كلّ حين بإذن ربّها”. أما الهدايا فهي أمور شكلية ورموز تصاحب طقوس الاحتفال، ولأكون أمينة مع نفسي لا أحد ينكر رغبته وفرحه بتلقي الهدايا من أبسطها حتى أغلاها، ولكن أن يتذكر أعزاؤنا تواريخ يوم ميلادنا فهذه هدية لا تقدر بثمن، لا سيما وأن الرقمنة العالمية لحياتنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي توزع بطاقات دعوة للقاصي والداني للاحتفال بأعياد ميلاد بعضنا البعض بوازع نشر المحبة بين البشر أو بدعوة أنها لا تهمل مستخدميها وتسعى لإسعادهم من خلال تحسين خدماتها. ومهما كانت غاياتها فإنها دون أن تدري عمقت في نفوس البعض الفرح والسرور بكم هائل من الرسائل والفيديوهات وألوان من الورود وأصناف شتى من كعكة الميلاد، وقتلت في دواخل البعض الآخر قبس الأمل الضئيل بأن يكون نجم يوم ميلاده والسلطان المبجل لأن عددا قليلا جدا من متابعيه وأصدقائه تذكره فقط لأن فيسبوك ألح عليه بالتذكير والنقر على صفحة صديقه كيفما اتفق. أتذكر أنني رأيت مرة منشورا لامرأة أدرجت صورة لها في إحدى الغروبات النسائية ودونت تحتها “أنا من نسيها زوجها وأبناؤها وخرجوا صباحا تباعا دون معايدتها، سأقول لنفسي عيد ميلاد سعيد”، وانهالت عليها كلمات المشجعات المهنئات المتآزرات بالآلاف مصحوبة بصورة الإيموجي قلب دون أن تجمعها بهن سابق معرفة، فقط لأنها إحدى الموجودات على صفحة تلك المجموعة الفيسبوكية، وما كانت لتحظى بذلك في زمن خال من كل وسائل الاتصال الحديثة. قال خبراء بريطانيون في دراسة حديثة إنّ المدة المطلوبة لغسل اليدين بشكل صحيح تستغرق حوالي 20 ثانية، ما يعادل غناء أغنية عيد الميلاد مرتين، أي أن الأغنية لا تتجاوز 10 ثوان وأحيانا أقل بكثير، لذلك لن نخسر شيئا لو أننا تحولنا يوما من العمر إلى مغنين وملحنين لإسعاد من حولنا. يوم الميلاد تاريخ يعيد نفسه كل عام مرتديا أقنعة مختلفة مرة سعيدة وأخرى لا، وهكذا دوليك، لكن وجهته واحدة؛ إضافة رقم جديد في دفتر سنوات العمر بحلوها ومرها. كاتبة من تونسشيماء رحومة

مشاركة :