يتداول المفكرون الغربيون التقدميون مصطلح «خصخصة الإرهاب» في النظام الرأسمالي، أي في البدايات كانت الدول تقوم بالإرهاب بنفسها، خاصة في فترات الاحتلال الكولنيالي أو الاستعماري، أو الحروب العدوانية والعنف الشديد والاضطهاد الذي تمارسه الدول على الشعوب الأخرى، مثل إسرائيل وهي المثال الأوضح في الشرق الأوسط. وفي فترة لاحقة تم استخدام سياسة فرق تسد التي ابتدعتها بريطانيا في الهند مثلاً، وجعل الأديان والطوائف والقوميات تتقاتل في ما بينها، كي تبقي سيطرتها الاقتصادية والسياسية ما بعد الاستعمار، وفي عهد رونالد ريغان ومارغريت تاتشر، ومع السياسة الاقتصادية النيوليبرالية، المرتبطة بفتح الأسواق وخصخصة القطاعات الحكومية وإعطاء الشركات هذه القطاعات، تم أيضاً اعتماد سياسة جديدة في الإرهاب لاستمرار السيطرة على الشعوب، وهي سياسة خصخصة الإرهاب، أي إعطاء الدور لجماعات ومنظمات للقيام بالعمل الإرهابي، حيث كانت المنظمة الأولى التي تم تجريب الخصخصة من خلالها هي تنظيم «القاعدة». ثم اختلاق ذرائع للحروب بادعاء الحرب على الإرهاب، بعد تحقيق المنظمات الغاية من تأسيسها، إذ لا تستطيع الدول الرأسمالية شن حروب استعمارية مباشرة، في ظل نظام دولي بالأخص عندما كان هناك نظام القطب الأوحد، بعد سقوط التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية، حتى وإن أدى ذلك لقتل الدول الرأسمالية لمواطنيها، سواء قتل الجنود الأميركيين خلال الحروب، أو كما حدث في الجريمة الكبرى عند اختلاق أحداث 11 سبتمبر 2001، كما يقول المفكرون والخبراء الأميركيون، الذين قدموا أدلة دامغة على أن الأحداث هي من افتعال المخابرات الأميركية. لقد دفعت الشعوب العربية ثمناً باهظاً، جراء الإرهاب المخصخص وأيضاً إرهاب الدول، وقدمت الخصخصة خدمات قيمة للاقتصاد الرأسمالي، من خلال بيع السلاح وتشغيل المصانع العسكرية، والسيطرة غير المكلفة على الثروات، وطلب هذه الشعوب الحماية من الدول الرأسمالية، وإقامة القواعد العسكرية وإبرام الاتفاقيات الأمنية مدفوعة الثمن. وهناك نوع آخر لخصخصة الإرهاب مشابه للأول، وهو إنشاء ميلشيات مرتزقة برعاية الشركات، تقوم بعمليات عسكرية قذرة غير رسمية وغير مرتبطة مباشرة بالدول، من خلال تكليف شركات كبيرة لتأسيس هذه الميليشيات، كي تقوم بالعمليات العسكرية نيابة عنها، مثل منظمة «بلاكووتر» Black water، التي أنشأتها شركة «هاليبرتون» المملوكة لديك تشيني نائب الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن، والمسيطرة على مجالات اقتصادية ضخمة، مثل النفط والأغذية للجيوش وغيرها الكثير، والدول الرأسمالية تفعل كل ذلك من أجل إدامة وجودها الزائل. osbohatw@gmail.com
مشاركة :