فاينانشال تايمز تطبّق حلول وزارة التجارة الأمريكية في النزاعات المتعلقة بمكافحة الإغراق وفرض رسوم جمركية مرتفعة على المنتجات المستوردة المنافسة للصناعات المحلية، بما يتعارض مع نظام التجارة العالمية، لأنها تؤمّن الدعم للتجارة الأمريكية عبر الحدود، على الرغم من أنه يفترض فيها أن تطبّق في حالات محددة لدفع الضرر عن بعض الشركات الأمريكية في عملية المنافسة في الأسواق العالمية.وتسلّط هذه القضية الضوء على الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف فيما يخص تطبيق القيود أو وسائل الحماية التجارية. وفي هذا الإطار يبدو أن الإجراء الأمريكي جاء في توقيت سياسي حرج جداً على الصعيد الداخلي الأمريكي. وقد وجّه ممثل الولايات المتحدة الأمريكية في منظمة التجارة العالمية روبرت لايتزر، انتقادات شديدة للمنظمة بسبب معارضتها فرض بلاده رسوماً جمركية لحماية أسواقها من الإغراق. ومما يؤسف له أن الولايات المتحدة تسعى لعرقلة عمل نظام التسوية في منظمة التجارة العالمية من خلال رفض تعيين محكمين مندوبين عنها في لجنة فض المنازعات.وبناء على توصية من الرئيس دونالد ترامب، تعيد الولايات المتحدة التفاوض مع كل من كندا والمكسيك حول اتفاقية التجارة الحرة «نافتا» التي ترتبط واشنطن بها مع الدولتين. ومن أبرز نقاط الخلاف المادة 19 التي تحد من قدرة الولايات المتحدة على حظر الواردات من خلال حصر حل الخلافات حولها بعمليات التحكيم بدعوى أنها أسرع. وعندما تم التوافق على اتفاقية التجارة تلك في التسعينات، هددت كندا بعدم التوقيع عليها ما لم تتضمن المادة 19.ولا شك أن الموقف الكندي محق تماما. كما أن على دول العالم لجم التسرع الأمريكي ومنع محاولات واشنطن تعطيل قوانين منظمة التجارة العالمية.وتمنح القوانين الأمريكية إعفاءات ضخمة للشركات التي تشتكي من المنافسة وتطلب إغلاق السوق المحلية في وجه السلع المستوردة الأرخص سعراً، وتفوق قيمة تلك الإعفاءات كثيراً حجم الضرر المزعوم من المنافسة غير العادلة. وسيكون العالم في وضع أسوأ بكثير على صعيد حركة التجارة في حال سمح لواشنطن باستخدام وسائل الحماية المزعومة تلك دون رقيب.
مشاركة :