هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة للاقتصاد العالمي خلال السنوات الثلاث المقبلة، وفي السيناريو الصعودي منها، ستركز أكبر أربعة اقتصادات في العالم "الصين ومنطقة اليورو واليابان وأميركا" على تنفيذ إصلاحات هيكلية تعزز النمو وتعالج الخلل المالي. تأرجح نمو الاقتصاد العالمي بين التسارع والتباطؤ على مدار السنوات القليلة الماضية، لكنه شهد توسعاً سريعاً مصحوباً بمكاسب قوية للأسهم منذ صيف العام الماضي، فهل من المرجح تباطؤه مرة أخرى أم سيواصل الانتعاش؟ من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي نوريل روبيني، في تقرير نشرته "الغارديان"، إن تسارع النمو استمر رغم الاضطرابات المحدودة التي أعقبت تصويت "البريكست"، وانتخاب دونالد ترامب رئيساً لأميركا، إلى جانب عدم اليقين السياسي والخلافات الجيوسياسية. وأوضح روبيني، أن هناك سيناريوهات محتملة لاتجاه الاقتصاد العالمي خلال الأعوام المقبلة، التي تتوقف نتائجها على إجراءات الإصلاح والسياسات التي ستتبعها السلطات التنفيذية حول العالم. أفضل السيناريوهات - نظراً إلى ما أبداه الاقتصاد العالمي من مرونة عالية، عدل صندوق النقد الدولي– الذي صنف النمو في السنوات الأخيرة بأنه متوسط - تقديراته بشأن نمو الاقتصاد العالمي بالرفع. - يثير ذلك تساؤلاً مهماً في الوقت الراهن، هل ستستمر طفرة النمو الأخيرة خلال السنوات المقبلة؟ أما أن العالم يشهد اتجاهاً صعودياً دورياً مؤقتاً سرعان ما ستتلاشى آثاره وينعكس مع تكاثر الضغوط الهبوطية؟ - هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة للاقتصاد العالمي خلال السنوات الثلاث المقبلة، وفي السيناريو الصعودي منها، ستركز أكبر أربعة اقتصادات في العالم (الصين ومنطقة اليورو واليابان وأميركا) على تنفيذ إصلاحات هيكلية تعزز النمو وتعالج الخلل المالي. - من خلال ارتباط الاتجاه الصعودي الدوري بنمو فعلي قوي، سيضمن ذلك تعزيز الناتج المحلي الإجمالي، والارتفاع المعتدل للتضخم، والاستقرار المالي النسبي لعدة سنوات، وستبلغ الأسهم العالمية مستويات جديدة مرتفعة مبررة بتحسن الأساسيات. أسوأ السيناريوهات - في السيناريو الهبوطي، سيحدث العكس تماماً للسيناريو الأفضل، وستفشل الاقتصادات الكبرى في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي من شأنها تعزيز النمو، وبدلاً من اتجاه الصين لتشجيع الإصلاح، ستواصل مسيرها في طريق الزيادة المفرطة للائتمان والإنتاجية. - ستفشل منطقة اليورو في إنجاز المزيد من التكامل، وستقوّض السياسة قدرة صناع السياسات على تنفيذ الإصلاحات الهيكلية المعززة للنمو، وستبقى اليابان عالقة في مسارها منخفض النمو مع تأخر إصلاح جانب العرض وتحرير التجارة. - ستحافظ إدارة ترامب خلال هذا السيناريو على سياستها، بما في ذلك خفض الضرائب، التي تدعم الأغنياء بشكل كبير، وتشديد الحمائية، وفرض القيود على الهجرة، مع ارتفاع العجز والديون نتيجة التحفيز المالي المفرط. - في السيناريو الهبوطي، سيضعف النمو عموماً، وسيتسبب غياب الإصلاح في الاقتصادات الرئيسية بترك الاتجاه الصعودي الدوري مقيداً بالضغوط المثبطة. - إذا ظل النمو المحتمل متدنياً، فإن السياسات النقدية والائتمانية ستفضي إلى تضخم أسعار الأصول والسلع، ما يعني تباطؤ الاقتصاد، وربما الركود أو حتى أزمة مالية مع انفجار فقاعات الأصول أو ارتفاع الأسعار. السيناريو الأكثر واقعية - السيناريو الثالث هو الأكثر ترجيحاً، ويقع على مسافة متساوية بين الاحتمالين الأولين، سيستمر فيه الاتجاه الصعودي الدوري للنمو الاقتصادي وفي أسواق الأسهم لفترة من الوقت مدفوعاً، بما تبقى من آثار الإصلاح، الذي ستتباطأ وتيرته. - بالنسبة للصين في هذا السيناريو، ستقوم السلطات بما يكفي لتجنب الهبوط الحاد للنمو، لكن ليس بالدرجة اللازمة لتحقيق الاستقرار المرجو، بالإضافة لبقاء نقاط الضعف المالي، لتصبح الأزمة أمراً لا مفر منه بمرور الوقت. - في منطقة اليورو، سيكون هناك مزيد من التكامل الاسمي فقط، مع استمرار ألمانيا في رفض تقاسم المخاطر الحقيقية أو حوافز الاتحاد المالي الهادفة لتشجيع الأعضاء المتعثرين على إجراء الإصلاحات الصعبة. - أما اليابان، فيرجح تمكنها من تنفيذ الحد الأدنى من الإصلاحات ليبقى معدل النمو دون 1 في المئة، وفي الولايات المتحدة، ستظل الإدارة متقلبة وغير فعالة مع تزايد إدراك الأميركيين حقيقة حماية ترامب لمصالح الأغنياء فقط. - في هذا السيناريو، سيزداد عدم المساواة، وستبقى الطبقة الوسطى ساكنة دون توسع، وبالكاد ستنمو الأجور، ومن المرجح أن يبلغ نمو الاقتصاد والاستهلاك بمعدل لا يتجاوز 2 في المئة.
مشاركة :