في ظل تدنى مستوى التعليم في المدارس الحكومية لأسباب عدة؛ منها ضعف التأسيس وقلة الاستيعاب نتيجة اكتظاظ الفصول بالطلاب، لجأت بعض الأسر في السعودية خلال السنوات العشر الماضية إلى المدارس الأهلية. الهجرة للمدارس الأهلية كانت كبيرة في السنوات الماضية، والسبب يعود إلى أن رسوم الدراسة في تلك المدارس تأتي في متناول يد غالبية الأسر، ولكن مع مرور الوقت أصبحت زيادة الرسوم بشكل مبالغ فيه "معضلة" أنهكت الأسر. قد يقول قائل: وما الذي يدفع تلك الأسر للاستمرار في التعليم الخاص، ولم لا يتم نقل أطفالهم للمدارس الحكومية بعد الغلاء الفاحش في الرسوم؟ وهو للأمانة سؤال وجيه لمن يجهل الضرر النفسي على النشء عند تغيير البيئة التي يعيش فيها دون رغبته. أحد الأحبة أراه أب مثالي ولا يمكن أن يتخذ قرارا يخص مستقبل أبنائه قبل "المشورة" معهم، وأخذ رأيهم في الأمر، والتباحث معهم في هذا الشأن مهما صغرت سنهم، وتلك المشورة دائما ما توقع صديقي في "مأزق". يقول هذا الحبيب والصديق: عندما ارتفعت رسوم الدراسة في المدارس الأهلية، اجتمعت بأبنائي تحت قبة مجلس "شورى" العائلة، وطرحت عليهم الأزمة المالية التي أعانيها، والتي ألقت بظلالها على مصروف الأسرة، وبينت لهم أن الحلول تكمن في اتباع سياسة "التقشف"، وتخفيض النفقات وأن إحدى الخطوات لتخفيض النفقات هي نقلهم من مدارسهم الخاصة إلى حكومية "مجانية". يضيف الصديق: كانت ردة فعل الأبناء حادة، ورفضوا المقترح رفضا قاطعا وقالوا بصوت واحد "حنا فاضين نصادق من جديد ونبحث عن أصدقاء جدد، لن نترك المدرسة ولن نهجر الأصدقاء والزملاء، وإن كنت غير قادر على دفع الرسوم فأهلا بالبيت ووداعا للدراسة". قد يسخر البعض ممن يرى الطفل مثل "الكنبة" في المنزل لا صوت له ولا رأي، ويقول "ما هذا الهراء ومنذ متى والطفل يرد على والده ويأخذ ويعطي معه ويناقش ويفرض رأيه.." وهو للأسف غير محق.. فللطفل رأي حر ومستقل ويستحق أن يقرر مصير مستقبله بالتشاور مع والديه. ومع هذا الصراع العائلي، الذي أراه من وجهة نظري أمرا خطيرا وقد يفكك الأسر، نجد وزارة التربية والتعليم تهدد وتتوعد المدارس الأهلية التي ترفع الرسوم، وهو أمر تشكر عليه، ولكن ثمة أمر آخر لا تشكر عليه ألا وهو أن كل وعودها وتحذيراتها ما هي إلا تصريحات إعلامية وحبر على ورق، فالمدارس ترفع أسعارها دون أن تهتم بتحذيرات الوزارة، بل إن الارتفاع في أسعار العام الحالي جاء بعد موافقة الوزارة ورعايتها.
مشاركة :