دمشق، موسكو - وكالات - غداة سيطرتها على مدينة الرقة، واصلت «قوات سورية الديموقراطية» (قسد)، أمس، عمليات التمشيط بحثاً عن عناصر متوارية من تنظيم «داعش» ولتفكيك الألغام التي زرعها المتطرفون بكثافة وسط أبرز معاقلهم السابقة في سورية. وبات التنظيم بعد خسارته الرقة، التي جعلها رمزاً للترهيب ومركزاً لخطط منه لهجمات دموية حول العالم، «مثيراً للشفقة وقضية خاسرة بعد ان كان يزعم انه شرس» حسب المبعوث الأميركي لدى التحالف الدولي بريت ماكغورك، إثر الهزائم التي مني بها في الأشهر الأخيرة في سورية والعراق المجاور. وأوضح مدير المكتب الاعلامي لـ«قسد» مصطفى بالي أنه بعدما «انتهت المواجهات العسكرية المباشرة، تستمر عمليات التمشيط والبحث عن احتمال وجود ملاجئ أو مخابئ يمكن أن يكون قد دخلها عناصر التنظيم الإرهابي الذين لم يسلموا أنفسهم». واشار إلى أن المناطق المحررة «بحاجة إلى بحث وتأكد من أنه لم يعد فيها خلايا نائمة»، موضحاً أن «عمليات فك الألغام وفتح الشوارع الرئيسية مستمرة». وفي الملعب البلدي حيث رفعت «قسد» راية ضخمة، أمس، شوهدت جرافتان، واحدة داخله وأخرى خارجه تعملان على رفع الركام، تزامناً مع استمرار عمليات التمشيط داخل المشفى الذي منع الصحافيون من دخوله. وفي دوار النعيم الذي شهد عمليات اعدام وحشية نفذها التنظيم ما دفع سكان المدينة الى تسميته بدوار «الجحيم»، تجمع عشرات المقاتلين الأكراد، أمس، وعملوا على رفع علم ضخم لـ«وحدات حماية الشعب الكردية» (العمود الفقري لقوات «قسد»)، فيما بادر بعضهم الى اطلاق الرصاص في الهواء وتوزيع الفواكه ابتهاجاً، كما عقدوا حلقات الدبكة والرقص على ايقاع الموسيقى. وتزامناً مع السيطرة على الرقة، دعت القيادة العامة لقوات الأمن الداخلي الكردي (الاسايش) في شمال سورية، في بيان، سكان الرقة الى «عدم دخول المدينة إلى حين تطهيرها من مخلفات الإرهاب كالعبوات الناسفة والألغام المتفجرة.. وذلك حرصاً على سلامة الأهالي». وأوضحت أن المنع سار حتى خلو المدينة «من كل ما يشكل خطراً على السلم الأهلي». وحسب بالي، سبق للتنظيم في مدن أخرى خسرها في سورية أن استخدم أسلوب الخلايا النائمة ما أوقع قتلى مدنيين، مضيفاً «لذلك فإن عودة المدنيين في الفترة الحالية صعبة جداً». ورغم اعلان «قسد» سيطرتها بالكامل على الرقة، يبقى مصير عشرات المقاتلين الأجانب في صفوف التنظيم الذين كانوا موجودين في وسط المدينة مجهولاً. ولم تنشر أي صور تظهر اعتقالهم او حتى جثثهم في الشوارع. وحسب الناطق باسم «قسد» طلال سلو، فإن هؤلاء «إما استسلم البعض منهم وإما قتل من تبقى». من جهته، رجح المرصد السوري لحقوق الانسان أن يكون معظم المقاتلين الأجانب قد استسلموا. وقال مديره رامي عبد الرحمن «لم يرهم أحد لأن أجهزة المخابرات تسلمتهم»، مضيفاً «نعلم أن المقاتلين الفرنسيين والبلجيكيين تسلمتهم بالتأكيد أجهزة مخابرات بلديهما». وحسب التحالف الدولي الداعم لـ«قسد»، فإن مقاتلي التنظيم الذين استسلموا «سيتم استجوابهم». وقال الناطق باسمه راين ديلون إن نحو 350 مقاتل من التنظيم استسلموا خلال الأيام الأربعة الأخيرة، بينهم أربعة مقاتلين أجانب، موضحاً أنه «تم أخذ بصماتهم إلكترونياً وبياناتهم البيومترية وصورهم». وبعد تحرير الرقة، تخطط «قوات سورية الديموقراطية» لتكثيف عملياتها العسكرية في دير الزور، حيث تخوض معارك مع «داعش»، بالتوازي مع حملة أخرى ضد التنظيم في نفس المحافظة للنظام السوري وحلفائه بدعم روسي. وقال الناطق باسم «قسد» طلال سلو لـ«رويترز»، أمس، إن «قوات سورية الديموقراطية» ستعيد نشر مقاتليها لينتقلوا من الرقة إلى جبهات القتال مع «داعش» في محافظة دير الزور. وأكد أن النصر في الرقة سيكون له «تأثير إيجابي» على حملة دير الزور، حيث سيكون من الممكن إعادة نشر المقاتلين فيما تتولى قوات الأمن المحلية السيطرة على الرقة. وأضاف «هناك قوات أمن هي التي ستتابع عمليات تأمين المواطنين بشكل جيد، تأمين المدينة بشكل جيد، أما أغلب القوات العسكرية فستتوجه باتجاه هذه المناطق، و ستتابع المشاركة مع (مجلس دير الزور العسكري)» الذي يقود الحملة ضد «داعش» منذ أسابيع. وفي واشنطن، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة ستتصدر جهود المساعدة في إزالة الأنقاض واستعادة الخدمات الأساسية في الرقة. وقالت الناطقة باسمها هيذر ناورت «سنساعد ونكون بالأساس في الصدارة في استعادة خدمات المياه والكهرباء وغير ذلك. استعدت الولايات المتحدة وحلفاؤنا للخطوات المقبلة وسنواصل العمل مع شركائنا لتقديم المساعدة الإنسانية للمحتاجين ودعم جهود إرساء الاستقرار في الرقة وغيرها من المناطق المحررة». من جهة أخرى، حذر رئيس أركان الجيش الإيراني الجنرال محمد باقري إسرائيل من مغبة انتهاك المجال الجوي السوري والأراضي السورية، أثناء زيارته أمس لدمشق. وذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية وسورية أن باقري تعهد بتعزيز التعاون مع الجيش السوري في مواجهة إسرائيل والمعارضة المسلحة. وقال باقري خلال مؤتمر صحافي مع نظيره السوري: «ليس مقبولاً أن ينتهك النظام الصهيوني الأراضي والمجال الجوي السوري في أي وقت يشاء. نحن في دمشق لنؤكد ونتعاون لمواجهة أعدائنا المشتركين، الصهاينة والإرهابيين»، مضيفاً «رسمنا الخطوط العريضة لهذا التعاون». وقبل تعليقات رئيس أركان الجيش الإيراني، قال وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، صباح أمس، إن «مهمتنا منع (اندلاع) الحرب ونقوم بذلك من خلال الردع. وما رأيناه في سورية (الاثنين الماضي) يأتي في هذا الإطار»، في إشارة إلى الضربة الجوية التي وجهتها إسرائيل لبطارية صواريخ سورية قرب دمشق. وأضاف «سنقوم بكل ما يلزم من أجل أمننا... لن نغير إجراءات عملياتنا بسبب إطلاق نار أو تهديد من هذا النوع أو غيره». وتوازياً، أفاد الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحث هاتفياً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، الوضع في سورية، وبرنامج إيران النووي واستفتاء أكراد العراق.
مشاركة :