الاستخبارات الجزائرية تحذر من نوايا رئيس الوزراءحذر تقرير أرسلته مديرية الأمن الداخلي في الجزائر، التي تضطلع بمهام جهاز المخابرات الداخلي، إلى رئاسة الجمهورية من تداعيات سلبية لخطاب رئيس الوزراء أحمد أويحيى خاصة على الاستقرار الاجتماعي في البلاد بسبب تخويف الجزائريين من تداعيات الأزمة الاقتصادية. وعمق خطاب أويحيى من حالة القلق والإحباط لدى الشارع الجزائري.العرب صابر بليدي [نُشر في 2017/10/20، العدد: 10787، ص(4)]يحمل نوايا تثير الريبة الجزائر - أعادت تقارير تحدثت عن امتعاض مديرية الأمن الداخلي في الجزائر من خطاب التخويف الذي يعتمده رئيس الوزراء أحمد أويحيى، منذ تعيينه في أغسطس الماضي، الحديث مجددا عن مسألة التوافق داخل أجنحة السلطة والتجاذب بينها بشأن “الوريث المناسب لتركة” الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بعد عام ونصف العام من الآن. وحذرت مصالح مديرية الأمن الداخلي، التي تضطلع بمهام جهاز المخابرات الداخلي، من تداعيات سلبية لخطاب أويحيى خاصة على استقرار الجبهة الاجتماعية بسبب الصورة القاتمة التي رسمها للرأي العام عن المخاطر الاقتصادية والمالية المحدقة بالبلاد. وفاقم خطاب رئيس الوزراء الجزائري من حالة القلق والإحباط لدى الشارع الجزائري. وتحدثت مصادر إعلامية محلية عن تقارير رفعتها مديرية الأمن الداخلي إلى رئاسة الجمهورية تضمنت تحذيرات من خطاب التخويف الذي يعتمده رئيس الوزراء. وأشار تقرير جهاز الاستخبارات إلى انعكاسات سلبية محتملة يمكن أن تنتج احتقانا اجتماعيا يعقد التعامل مع الأزمة الاقتصادية. وباتت الصورة القاتمة التي سعى أويحيى إلى تسويقها للرأي العام المحلي، في مداخلاته الرسمية والحزبية، مصدر قلق حقيقي يثير التساؤل حول الرسائل الحقيقية التي يريد رئيس الوزراء تمريرها أو الغايات التي يسعى للوصول إليها. ولم يعد القلق من خطاب أويحيى متعلقا بالشارع الجزائري فقط، بل امتد إلى أكبر المؤسسات الأمنية في البلاد والموروثة عن إصلاحات أدخلت على جهاز الاستخبارات. وتحول جهاز الاستخبارات، منذ العام 2015، إلى مديريتين تضطلعان بالأمن الداخلي والأمن الخارجي وتقع وصايتهما تحت مؤسسة رئاسة الجمهورية. ويتولى اللواء بشير طرطاق مهمة منسق بين الهيئتين وبين رئاسة الجمهورية.الصورة القاتمة التي يسوقها أويحيى مصدر قلق يثير التساؤل حول الرسائل الحقيقية التي يريد رئيس الوزراء تمريرها ويتوقع أن يكون تقرير مديرية الأمن الداخلي قد رصد ملامح تململ شعبي أو انفجار اجتماعي ناجم عن رسائل الخوف التي عمد رئيس الوزراء إلى تسويقها، بناء على الظروف الاقتصادية للبلاد. وأكد أويحيى في مناسبات متواترة عجز الحكومة عن دفع رواتب الموظفين الحكوميين. ولجأ أويحيى إلى كل وسائل التهديد والتخويف من أجل حمل الجميع على تمرير برنامج حكومته الذي يرتكز على خيار “التمويل غير التقليدي” القائم على طبع كتل جديدة من النقود لتغطية عجز الموازنة وتلبية حاجيات الخزينة العمومية رغم تحذيرات الخبراء والمختصين من مخاطر الخطوة على الاقتصاد المحلي والجبهة الاجتماعية. وقال أويحيى، أمام البرلمان وفي تصريحات إعلامية مختلفة، إن “الحكومة أنقذت البلاد من سكتة قلبية وأن رواتب الموظفين والمتقاعدين لشهر نوفمبر القادم كانت غير مضمونة وحتى رواتب نواب البرلمان هي الأخرى كانت غير مضمونة بسبب عجز الخزينة العمومية”. ورأى متابعون أن هذه التصريحات “ابتزاز واضح” للبرلمانيين من أجل تمرير برنامج الحكومة وإيجاد مبررات قسرية للقبول بخيار التمويل غير التقليدي، الذي أثار موجة انتقادات للحكومة بسبب عواقبه الوخيمة على الاقتصاد والمجتمع. كما اعتبر مختصون وخبراء أن البرنامج “محاكاة للنموذج الفنزويلي الذي انتهى إلى انهيار البلاد”. وأثار التدخل المفاجئ لجهاز الاستخبارات في الشأن السياسي الجزائري، عبر التقرير المذكور، الحديث مجددا عن دور ومهام المؤسسة والتوقيت المتزامن مع هيمنة محيط قصر المرادية (مقر الرئاسة الجزائرية) على دواليب السلطة وتفاقم الغموض حول مستقبل السلطة في الجزائر. وذهب البعض من قراءات الوضع في الجزائر إلى طرح مرحلة انتقالية لقيادة البلاد بعد الانتخابات المحلية المقررة في 23 نوفمبر القادم. وشبه مراقبون أسلوب خطاب أويحيى بأسلوب خطاب الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد في سبتمبر 1988 عندما وظف رسائل تمكن من خلالها من التعبئة لانتفاضة شعبية ضد جزء من السلطة آنذاك وسميت التحركات بـ”ثورة الخامس من أكتوبر”. ويطرح هذا الأمر تساؤلات عما إذا كان أويحيى يدفع بالوضع الداخلي للانفجار من أجل أجندة سياسية معينة، وهو ما استدعى الاستخبارات إلى التدخل بتحذير رئاسة الجمهورية من سيناريو شبيه بما حدث في أواخر ثمانينات القرن الماضي. واستعان بن جديد وفريق الإصلاحيين في السلطة، في تلك الفترة، بثورة الشارع من أجل سحب البساط من تحت أقدام المحافظين بعدما فشلت مساعيه في انتهاج الديمقراطية والانفتاح والتعددية السياسية والإعلامية مع تيار المحافظين. وتساءل محللون عما إذا كان أحمد أويحيى يهدف، من وراء خطابه، إلى تكرار سيناريو بن جديد في إطار أجندة سياسية تتمحور حول تكريس مرحلة انتقالية في البلاد وسحب البساط من تحت أقدام جهة معينة في السلطة. ويرى هؤلاء أن جهاز الاستخبارات يريد استباق الأحداث واستشراف تداعيات رسائل رئيس الوزراء على الجبهة الاجتماعية. ووظف أحمد أويحيى مختلف المنصات السياسية والإعلامية من أجل فرض أجواء من الخوف في البلاد بما فيها بث التلفزيون الجزائري صورا صادمة حول العشرية السوداء بمناسبة إحياء الذكرى الـ12 لميثاق السلم والمصالحة الوطنية أواخر سبتمبر الماضي. واعتبر متابعون كثر أن تمرير بث تلك المشاهد استفزاز لذاكرة الجزائريين الجماعية وإحياء للجراح التي مزقت البلاد حينها. وأثارت البرامج التي بثها التلفزيون الجزائري موجة انتقادات واسعة. ورد أويحيى على الانتقادات بالقول “من أجل عدم نسيان شهداء المرحلة وتذكر التضحيات وليس إحياء الأوجاع “، وهو ما يقود إلى استفزاز الشارع عبر تخييره بين الرضا بخيارات الحكومة أو العودة إلى سنوات العشرية السوداء.
مشاركة :