من أفسد حياتنا..؟ - مها محمد الشريف

  • 9/9/2014
  • 00:00
  • 28
  • 0
  • 0
news-picture

تسمو الروح إذا تحلت بالفضائل، وابتعدت عن الاعتراضات الساخطة التي تورث العداء، فهل هناك حليف أفضل من الإحسان والمعروف بين الناس، أم أن النفوس تتحرك طبقاً لقوانين العلل الغائبة، ووفق شهواتها وغاياتها ووسائلها المبعثرة، وقد أشارت الغرائز والبواعث العرضية أن العلة الأولى لأي إخفاق يصادف العقل هي الإرادة. دعونا نحصي الخلل والتراجع الذي عرقل تطور التنمية في الموارد البشرية والصناعية والمشاريع، ومن أهمها مستويات الأجور في القطاع الخاص، وكذلك موضوع عمل المرأة، والتسويات الودية وهيئات تسوية الخلافات العمالية، والجدير بالملاحظة أن هذه الإشكالات أبعدت الناس عن ثقافة المطالبة، فأصبحت مشاركة الرأي الآخر محط خصومة، نستخلص منها نتائج مشوشة. لا نعلم هل هو ضرب من ضروب المغالطة، التي تحدد الحالة الكمية غير المتوافقة من حيث الكيفية، وبالتالي تنسب إلى قدرات المسؤول المتواضعة، أم هي صعوبة تغيير البيئة وعدم الانسجام التام بين الناس والمسؤول، ما جعل السخط حاضر؟ أننا أمام سؤال مهم: لماذا تقل سرعة استجابة الجماعة عن استجابة الفرد؟ هذا سؤال للدكتور "نيكولاس كريستاكيس" من خلال دراسة أجراها في كلية الطب بجامعة هارفارد على 12067 فرداً على مدار اثنين وثلاثين عاماً، قائلاً: إن إصابة أحدهم بالبدانة تزيد من احتمالية إصابة أصدقائه المقربين بالبدانة بنسبة ثلاثة أضعاف، والمذهل في هذه الدراسة أن القرب المكاني بين هؤلاء الأصدقاء، لم يكن له أهمية، حيث اتضح أن البدانة "تزداد" بين الأصدقاء حتى وان كانوا يسكنون في أماكن بعيدة. فكلما حرصنا على توجيه الفرد توجيهاً صحيحا، انعكس ذلك إيجابا على الجماعة، ففي مجتمعنا نربي الأطفال على الحلال والحرام والمنع والخوف، ونثري فكره بالشواهد القديمة، ثم نتركه في مرحلة عمرية حرجه للشارع، فضلاً عن ثوابت تم إيصالها بطرق خاطئة بدائية قديمة لا تخدم جيلاً قادماً لحياة حديثة، فكل شيء حولنا يتمحور حول السلوك، فما يمكننا التعبير عنه إنما هو وقائع العالم والحضارات والدول، ويصعب علينا أن نعترف أننا نعاني من القطيعة الإبستيمولوجية- القطيعة التي تحدث في طريق العلم وتغير اتجاهه ومجراه تغييرا جذرياً- من حيث مبادئه وقوانينه وأهدافه، وهذه العبارة أوردها الفيلسوف الفرنسي "باشلار"، فهل نستطيع القول إننا نعاني من هذه القطيعة التي حولت المدرسة الدينية إلى تشدد وتطرف وانقسام، وفي العلوم الميكانيكية والفيزيائية تطور بطيئ، وفي العلوم الطبيعية تخصصات متشعبة يكتنف تنفيذ مشاريعها الفساد، إننا بحاجة إلى قياس منطقي يوضح تعثر المشاريع من واقعة مجهولة بأخرى معلومة، وينقذنا من براثن الفساد الذي طال أغلب المرافق بما فيها مبان نموذجية لمدارس حديثة، مدرسة تحت سقفها 700 روح بريئة، أصابها زلزال بمقدار 5.0-5.9 على مقياس ريختر، بمجرد مرور شاحنة بالقرب منها، إلى أي درجة يفيد العلم بالشيء فقط؟

مشاركة :