لم تعد 99% من اللعبة بيد واشنطن - د.مطلق سعود المطيري

  • 8/26/2013
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

بعد وفاة الرئيس المصري أنور السادات 1981 بعشر سنوات وعلى خلفية تفكك الاتحاد السوفيتي في بداية التسعينات تم إعادة الاعتبار لنبوءته الاستراتيجية التي قال فيها: إن 90% من أوراق اللعبة بيد واشنطن، فقد رفعت هذه المقولة الرئيس السادات إلى مراتب حكماء السياسة، وسكنت في وعي كل محلل استراتيجي سخر أدوات فكره لمتابعة انفراد الولايات المتحدة الأمريكية بالقوة والقرار في العالم، وبعد عقدين من أحادية القوى في الساحة الدولية هل مازالت واشنطن تمتلك نسبتها المئوية العالية في التأثير أم تراجعت ولحساب من ؟ مقولة السادات كانت واقعية لمصر ولكنها لم تكن حقيقة مطلقة في المنطقة العربية، واقعيتها لمصر تكمن بأنها جاءت لتبرير كسر حلقة التحالف المصري الروسي في فترة حكم السادات الذي توجه كلياً إلى البيت الأبيض ليهزم إسرائيل بالسلام بعدما هزمها بالحرب. هكذا كان الرجل يبرر اتفاق كامب ديفيد.. في الوطن العربي بقيت سورية والجزائر وليبيا على تحالفها الاستراتيجي مع موسكو التي ورثت التأثير والنفوذ من الكيان السوفيتي القديم .. تحالف يؤمن بالاديولوجية وتحالف يؤمن بالنظرية الرأسمالية، فواشنطن تبيع المواقف وتشتريها وموسكو تعلم حلفائها احترام الانتماء إن أرادوا أن يحصلوا على ولائها. المدخل لفهم الدور الأمريكي والروسي في المنطقة هو الثورات العربية التي نتجحت في فك الارتباط بين واشنطن وبعض حلفائها لصالح جماعة الإخوان المسلمين، بينما وضعت الثورات العربية موسكو أمام فرص وتحديات نجحت في مواجهتها والاستفادة منها، في السابق كانت موسكو لأسباب اديولوجية تدعم حركات التحرر والثورات الشعبية، واليوم تقف ضدها لأسباب اديولوجية ايضا وهذا لا يعني ان الاعتبارات الاديولوجية لا يوجد تحت ظلالها مصالح مادية ولكنها ليست كل شيء، يسند هذا الرأي أن حلفاء موسكو في زمن النظرية الاشتراكية هم حلفاؤها اليوم على العكس من واشنطن التي باعت حلفاءها القدامى بأول مزاد لإحراقهم واشترت بدلاً منهم تيار الإسلام السياسي التي ترى انه بيده مفاتيح التغيير في المنطقة وهو التيار الوحيد الذي يمكن أن تغفر الشعوب العربية خطايا واشنطن عن طريقة، فواشنطن تعتقد بأن حلفاءها هم سبب كراهيتها في المنطقة، وبهذه القناعة تكون تخلصت من مستبد تحتاجه مثل ما هو يحتاجها، وكسبت ضعيفاً حاجته لها أكبر من حاجتها له، وبعد نجاح حليفها الجديد الضعيف تضع بيديه مصير المنطقة، إلا أن الأمور سارت وفق قناعات وطنية وليست وفق مصالح رأسمالية وتعثرت الصفقه ولكنها لم تمت بعد، من هذا الاتجاه نعرف أن واشنطن فقدت الكثير من نقاط التأثير في المنطقة، وكل فشل لها في إدارة التحولات في المنطقة يسجل لصالح موسكو، ف 90 % من ورق اللعبة انقسم بين واشنطن وموسكو وطهران والصين وتل أبيب، ونحن والعجوز الأوربية لا نملك منها شيئاً. فموسكو اليوم قوة محترمة ولكنها ليست مقبولة تماماً في المنطقة لأسباب تارخية وأسباب حالية من ضمنها الموقف من الأزمة السورية والتحالف الاستراتيجي مع طهران، فالوقوف عند أسباب التباعد لن يكون مقبولاً لا من موسكو ولا من دول المنطقة، فالأمر يتطلب إبداع آلية تعاون جديدة، آلية لا تأتي لمعالجة مواقف الاختلاف، ولكن لتدعم رؤية مستقبل التعاون، وعوامل المشتركات في المستقبل متعددة مثل بناء تعاون تقني واقتصادي خاصة وأن روسيا شريك استراتيجي في سوق البترول، وتمتلك تقنية عالية في علوم الفضاء وإنتاج الطاقة، لماذا لا تكون هي إحدى جهات ابتعاث طلبتنا من أجل خلق مخزون بشري متعلم يساعد على بناء رؤية المستقبل المشترك وحمايتها.

مشاركة :