المسيحيون الفلسطينيون من أكثر العرب إخلاصاً لهويتهم العربية وانتماء لقضيتهم الفلسطينية، فقد قدموا في سبيلها العديد من الشهداء، ومازالوا مناضلين من أجلها، الكلام عن اخلاص المسيحيين لقضيتهم وعروبتهم اخلاص للتاريخ وتعزيز صادق لفكر الوحدة العربية، واجلال شريف للدم العربي... الواقع العربي اليوم لا يشجع على الغناء بالنشيد القومي للهوية، فقد تكسرت حلقات الانتماء للعروبة، بعد أن ضربت الطائفية بسلاحها جسد العرب ومزقته الى مذاهب وعصبيات وطوائف يجمعها الكره والثأر مثلما يفرقها. نجح اعداء العرب بأن يجعلوا من تعبير القومية العربية تعبيرا كريها بائسا وخداعا، وأن لا يكون للعربي عدو غير العربي، وكان من هؤلاء الاعداء من جعل من نفسه زعيما عربيا أو مناضلا قوميا ليكسب لنفسه عاطفة الشعوب وولاءها، امثال صدام حسين والقذافي وجمال عبدالناصر، الذين بسببهم أصبحت الهوية العربية مسرحية للتسلية فيها بكاء ودم، أصحاب نظرية الزعيم الأوحد إما أن ينتصر العرب بنا أو تكون خسارة العرب بأيدينا، ومن اعداء العروبة الاسلام السياسي الذي أحرق - ومازال - ما تبقى من أوراق الانتماء العربي.. نتذكر المسيحيين العرب وسط دعوات اسرائيل المستمرة لهؤلاء الاشقاء المناضلين، لانسحابهم من تاريخهم العربي، والالتفاف حول إيمانهم المسيحي لتستبدل مصطلح "الشعب الفلسطيني" بسكان اسرائيل المسيحيين والمسلمين، سياسة فرق تسد. النائب في الكنيست الاسرائيلي ياريف ليفين من حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، قدم قانون التمييز بين المسيحيين والمسلمين وقال : " إن المسيحيين حلفاء طبيعيون لنا ويشكلون ثقلا مضادا للمسلمين الذين يريدون القضاء على دولتنا من الداخل " وكان ايضا الكنيست الاسرائيلي تبنى قانون تجنيد الشباب الفلسطيني المسيحي في الجيش الاسرائيلي، وقد أثار ردود فعل غاضبة لدى فلسطينيي 48، ووصفه المطران عطاالله حنا رئيس اساقفة سبسطية في بيان: "قرار تجنيد الشباب المسيحي في الجيش الاسرائيلي محكوم عليه بالفشل ولن تجد هذه الدعوة المغرضة لها آذانا صاغية" وفي احتفال بشهداء فلسطين من المسيحيين في الناصرة قال أيضا: "العلاقة الاسلامية - المسيحية ليست وليدة الساعة وليست مصطنعة بل هي من عهد الخليفة عمر والبطريرك صفرونيوس".. وقد تحركت الكنيسة الارثوذكسية بتجريد كاهن مدينة الناصرة جبرائيل نداف من صلاحياته لدعوته علنا الى تجنيد المسيحيين في الجيش الاسرائيلي.. تل أبيب التي استقبلت البابا فرانسيس الاول في أول زيارة له للأرض المحتلة تريد أن تحسن صورتها أمام العالم المسيحي بعد أن تعرضت للتشويه بسبب قمعها للشعب الفلسطيني المستمر، وتستفيد من الجو العام هناك الذي يرى بان المسلمين في اغلبهم إرهابيون، فتقدمت بهذه القوانين لتكسب في عدة اتجاهات تحسين صورتها في الغرب، واشعال نار الفتنة الطائفية بين الفلسطينيين، وطمس عروبة القضية الفلسطينية، وجعلها حربا على جماعات اسلامية متطرفة. فعز العرب يأتي من معلم البشرية الأول عليه السلام: "من خاصم كتابياً فأنا خصمه يوم القيامة"
مشاركة :