إميل أمين يكتب: الشرق الأوسط .. حرب أم سلام ؟

  • 11/11/2017
  • 00:00
  • 16
  • 0
  • 0
news-picture

جهل حان موضع تنفيذ خرائط سايكس بيكو الثانية التي تحدثنا عنها طويلا  وكثيرا عبر عقدين من الزمان؟ وإذا كان الأمر على هذا النحو فهل من بديل آخر غير الحرب لإعادة رسم الخيوط والخطوط  في هذه المنطقة غير الموعودة بالإستقرار؟ الأسئلة في واقع الأمر تتسارع بوتيرة غير إعتيادية في الأيام القليلة المنصرمة، والمتابع المحقق والمدقق للشؤون الأمريكية بنوع خاص يلمح ميلاً أمريكيًا رسميًا لجهة  حتمية المواجهة  مع إيران على نحو خاص بوصفها  الفاعل الأول في حالة عدم الإستقرار في الخليج العربي خاصة، والشرق الأوسط بنوع أشمل. أدخلت إيران الجميع دائرة يبدو أنها لن تنتهي إلا بالصدام العسكري عندما زودت الحوثيين في اليمن بصواريخ باليستية أطلقت على  المملكة العربية السعودية، وزادت إشتعال المشهد عندما برر حسن روحاني الأمر، باعتباره رد فعل يمنيًا على ما أسمته عدوان التحالف الدولي على  اليمنيين. على أن إيران وأدوارها التخريبية لم تعد تدارى أو توارى في المنطقة برمتها لا سيما جنوب لبنان، وعليه فالجميع ينتظر مواجهة  حاسمة حازمة لا تصد ولا ترد سيما مع إسرائيل، فقد باتت ميليشيات حزب الله ذراع إيران الطولى التي لا ولن تقبل بها إسرائيل  على حدودها، ناهيك عن النفوذ الذي باتت طهران تتمتع به في سوريا والعراق. طهران إذن تمضي قدما وراء الشعارات التي أطلقها الخوميني غداة عودته من منفاه في فرنسا، شعارات تتطلع لأن ترفع رايات الثورة الإسلامية الإيرانية فوق العواصم العربية من القاهرة إلى صنعاء، ومن الرياض إلى دمشق وبيروت وغيرها، ويبدو أن نظام الملالي الذي لم يقدر له النجاح في الترويج لثورته المزعومة أيديولوجيا نراه يسعى عبر صواريخه الباليستية إلى النيل من تلك العواصم وتدبير الشر لها نهارا وليلا. هل في الأفق ما يؤشر إلى  قرب حدوث القارعة؟ أغلب الظن أن ذلك صحيح، ما يعني تقلص مساحات وفرص السلام في المنطقة، وهو ما يتبدي جليًا من خلال التحركات التي تجري في وزارة الدفاع الأمريكية في واشنطن بنوع خاص، وهناك تسريبات تفيد بأن خططًا بعينها للمنطقة لم يتبق على  ظهورها للنور إلا التنفيذ العملي. ولعل ما يعزز الميل الأمريكي للمواجهة الإعتراف الأخير من قبل القيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية بأن إيران قدمت بالفعل صورايخ باليستية لليمن، تلك التي حاول الحوثيون أن يقصفوا بها مطار الملك خالد في الرياض قبل أن تسقطها صواريخ الباتريوت. ليس مقبولا بالمرة من قبل القوى  الكبرى حول العالم وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية أن تمضي إيران في طريق الهيمنة أو السيطرة على  منطقة الخليج العربي أو تهدده بصواريخها، ففي هذا إخلال عميق وكبير بالتوازن الإستراتيجي العالمي للقوة في منطقة لا تزال تمثل المعين الإستراتيجي لسائل الحضارة.. النفط ومشتقاته. الغرور والغطرسة الإيرانيتان لا يتوقفان عند حدود المملكة العربية السعودية، بل يمتدان كذلك الى دولة الإمارات العربية المتحدة، فها نحن نستمع إلى تهديدات لا تتوقف أو تنقطع عن توجيه الصواريخ عينها إلى دبي وأبو ظبي، وباقي مراكز التنوير الإماراتية التي جعلت ولا تزال إيران تستشعر الخطر الأخلاقي والثقافي والإنساني حال المقاربة بين دولة تسعى لرفعة شأن الإنسان وأخرى  تنتهك كرامة سكانها غلى الدرجة التي باتت معها ثورة شبابها عليها واردة وبقوة. حرب الشرق الأوسط الجديدة مرشحة وبقوة أن تنطلق من لبنان، ومن هنا يتفهم المرء التحذيرات السريعة والعاجلة من قبل دول خليجية بعينها لرعاياها لترك لبنان بأسرع وقت ممكن، فأصوات أوركسترا الحرب في تل أبيب باتت تصم الآذان… على أن علامة الاستفهام هل ستكون حربا على غرار ما جرى العام 2006؟ أغلب الظن أن المشهد لن يكون على هذا النسق أبدًا، فمن المحتمل جدًا أن نرى حربا أقرب ما تكون إلى العمليات الجراحية السريعة والشديدة الوقع التي لن تسمح لأحد بالمبادأة أو المبادرة، تستخدم فيها نيران ربما لم نرها من قبل وأسلحة بدورها سيكون لبنان المسكين أرض تجربتها للمرة الأولى في تاريخ المواجهة. ولعل ما يرجح أننا امام سيناريو كارثي عدد الصواريخ التي يحوزها حزب الله، ويقدرها البعض بعشرات الآلاف من أنواع الصواريخ المختلفة، ما يعني أن إسرائيل تخطط لحرب نوعية تستهدف فيها أول ما تستهدف نقاط قوة حزب الله، مخازن الأسلحة، نقاط تمركز واتصال بين قيادات الحزب، مخابئ المسلحين، وغيرها من مواضع  الألم الكبير.. هل لهذا تستضيف إسرائيل تمرينا جويا دوليا هو الأكبر من نوعه في تاريخها؟ إنه الـ “بلو فلاج” أي تدريب “العلم الأزرق” رمز دولة إسرائيل، والذي يشارك فيه نحو 1000 مقاتل من الدول المختلفة و 100 طائرة معظمها مقاتلات من طراز “اف 16″، و “اف 15″، و”يوروفايترز” الألماني، وميراج الفرنسي، ممثلة لأمريكا  والمانيا وبولندا وفرنسا  وايطاليا واليونان والهند، وفي حضور مندوبين عن جيوش أجنبية أخرى مثل بريطانيا والنمسا للمراقبة. هل نحن أمام إئتلاف دولي يستعد لعملية عسكرية هي الأولى من نوعها منذ عملية عاصفة الصحراء عام 1990-1991؟ حسب سلاح الجو الإسرائيلي سيبلغ عدد الطلعات الجوية في التمرين أكثر من 1000 وضمن السيناريوهات الحربية التي يتدرب عليها الجيوش كيفية التهرب من منظومات الدفاع الجوي وقصفها، وإنزال القنابل، ومواجهة طائرات من دون طيار. في هذا السياق يرى خبراء عسكريون أن إستخدام أسلحة تكتيكية متقدمة من نوعية “جي بي يو” أمر وارد وبقوة، للقضاء مرة واحدة وإلى الأبد على نفوذ إيران في لبنان، وعليه يبقى السؤال: هل ستترك طهران ذراعها على حدود إسرائيل بمفرده  أم ستحاول إشعال الموقف بصورة أكبر؟ بلا شك تدرك إيران أن المعركة لن تكون في صالحها، ولهذا فإن أقرب السيناريوهات التي ستمضي في طريقها هو سيناريو “الخيار شمشمون”، أي هدم المعبد على رؤوس الجميع لإحداث أكبر خسائر في المنطقة، لا سيما في فصل الشتاء حيث الحاجة الماسة إلى الوقود في أوروبا وأمريكا، وهو ما لن يقبله الناتو بكل قواه وحضوره، سيما إذا  وجهت صورايخ إيران إلى المدن الإسرائيلية، وساعتها ستكون هناك مفاجآت غير متوقعة وغير سارة. يستدعي الحديث عن إحتمالات الحرب القادمة في المنطقة التساؤل عن فرص السلام، لكن عن أي سلام يمكن للمرء أن يتحدث؟ بالطبع  كان الجميع يأمل أن تكون هناك رؤية حقيقية لسلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين يقود إلى حل الدولتين الأمر الذي  تردد أن الرئيس ترامب يمضي في طريقه، لكن حتما مثل تلك الحرب إن حدثت  ستعود بنا مربعات كثيرة إلى الوراء على هذا  الصعيد، وبما يؤجل إلى آجال غير معلومة هذا الصراع الذي طال. هل القول بالحرب قدر مقدور في زمن منظور؟ تبقى كل الاحتمالات  واردة ومفتوحة بقوة ويخشى المرء من أن يكون الأسوأ لم يأت بالفعل.

مشاركة :