احتفلنا بالأمس بالذكرى الخامسة والخمسين على المصادقة على دستور دولة الكويت، الذي شكل منذ ذلك الحين العقد الوثيق بين الحاكم والمحكوم، وصمام الأمان في حماية الحريات وتحقيق العدالة والمساواة، وفي مشاركة جميع أفراد الشعب في صنع القرار السياسي من خلال إرساء نظام ديموقراطي متكامل يقوم على مبدأ الانتخاب الحر والنزيه على خطى الدول المتقدمة. دستور لم يكن أن يكون، لولا الشيخ عبداالله السالم - طيب الله ثراه - والذي عرف عنه لقب «أبو الدستور»، ولذلك نحتفل سنويا بتاريخ 25 فبراير، كعيد وطني تكريماً له وهو اليوم ذاته الذي تسلم فيه مقاليد الحكم في العام 1950. كانت الانطلاقة عندما صدر القانون الرقم 1 لعام 1962 والذي تمت من خلاله الدعوة إلى إنشاء المجلس التأسيسي ليكون هدفه الأساسي إعداد دستور للبلاد، وهو ما لخصه الشيخ عبدالله السالم في كلمته خلال جلسة الافتتاح عندما قال: «باسم الله العلي القدير نفتتح أعمال المجلس التأسيسي الذي تقع على عاتقه مهمة وضع أساس الحكم في المستقبل». وفي مارس من العام ذاته، تم تشكيل لجنة الدستور وتكونت من كل من عبداللطيف ثنيان الغانم رئيس المجلس التأسيسي والشيخ سعد العبدالله وكان في حينها وزيرا للداخلية، ورئيس لجنة اعداد مشروع الدستور حمود الزيد الخالد الذي كان وزيرا للعدل، ويعقوب يوسف الحميضي أمين سر اللجنة، وسعود عبدالعزيز العبدالرزاق، وتمكنت من إنجاز أعمالها بعد 23 جلسة، لتحيل مسودة الدستور على المجلس التأسيسي لمناقشته وإقراره. وافق المجلس بالإجماع على الدستور، وقال حينها رئيس المجلس التأسيسي: «يسعدني أن أكرر وأسجل أنه برغم ما احتدم أحياناً كثيرة في لجنة الدستور أو جلسات المجلس من مناقشات واختلاف بالرأي، فان ذلك لم ينل في قليل أو كثير من تماسكنا كزملاء وتعاوننا كحملة رسالة وحفظ أمانة نؤديها لجيلنا والأجيال المقبلة». ومن هنا بدأت الانطلاقة الحقيقية للانتخابات البرلمانية وأجريت أول انتخابات لمجلس الأمة الكويتي العام 1963. وفي أولى جلسات المجلس، قال حينها الراحل عبدالله السالم: «في هذه المرحلة التي تعتبر حلقة من حلقات سير دولتنا الصاعدة نحو هدفها الأعلى، يسعدني أن أهنئكم بثقة الشعب بكم حين اختاركم لتحملوا أمانة تمثيله وأن أكرر وصيتي لكم (كوالد لأبنائه) أن تحرصوا على وحدة الصف في هذه الدولة العربية المتمسكة بدينها وتقاليدها، وإنه ليسعدني في هذا اليوم الأغر من تاريخ بلادنا أن أقسم بالله العظيم أن أحترم الدستور وقوانين الدولة وأذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله وأصون استقلال الوطن وسلامة أراضيه». ولعلنا اليوم أحوج ما نكون إلى أن نستذكر ذلك التاريخ وهذه الكلمات العطرة التي تدعو إلى وحدة الصف والتمسك بالدين والتقاليد والاصطفاف خلف الدستور والقانون، وأن نكون جميعنا حملة للأمانة وحفاظا لوطننا الغالي والنفيس في ظل الظروف المحيطة الملتهبة، وأن نقف جميعنا خلف أميرنا وقائدنا الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله. boadeeb@yahoo.com
مشاركة :