الإرهاب يستهدف المدنيين في آخر محاولات البقاء بسيناء بقلم: أحمد جمال

  • 11/12/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الإرهاب يستهدف المدنيين في آخر محاولات البقاء بسيناءدخلت الحرب الدائرة بين الجيش المصري والعناصر المتشددة في سيناء مرحلة جديدة من الصراع إثر استهداف مسلحين لخمس شاحنات تقل الفحم إلى أحد مصانع الإسمنت وسط سيناء. ومثل الهجوم تغيرا نوعيا في مواجهة التضييق الأمني على المجموعات المسلحة ومواجهة نقص الإمدادات التي تأثرت بالكماشة التي فرضتها التفاهمات الأمنية بين مصر وحماس بالقرب من حدود غزة.العرب أحمد جمال [نُشر في 2017/11/12، العدد: 10810، ص(2)]النجاح الأمني يجبر المتشددين على تغيير استراتيجيتهم القاهرة - شهدت سيناء المصرية، خلال الشهر المنقضي، عمليات إرهابية ركز أغلبها على الأهداف الاقتصادية عوض العسكرية. واستهدف تنظيم “ولاية سيناء” فرع البنك الأهلي بالعريش (أحد البنوك الحكومية)، ما أسفر عن مقتل 3 من رجال الشرطة وأفراد أمن إداري بالبنك ومواطنة تصادف تواجدها داخله بالإضافة إلى إصابة عدد من المواطنين المتواجدين بالمنطقة. وقبل أسابيع، استهدف مسلحون أيضا أحد مصانع الإسمنت الواقعة وسط سيناء ونتج عن الحادث مقتل جندي وإصابة آخر. وجاء الحادث عقب تحذير تنظيم داعش المواطنين بعدم التعامل مع مصانع الإسمنت التي يشرف على تنفيذ مهامها الجيش. وهاجم تكفيريون الجمعة شاحنات تقل فحما في أثناء طريقها إلى أحد مصانع الإسمنت في وسط سيناء وقتل 9 من السائقين، وهو ما يعتبر تطورا نوعيا كبيرا في استراتيجية التنظيم بسيناء والذي ظل على مدار أربعة أعوام يستهدف كمائن ومباني تخص الجيش والشرطة ومتعاونين معهما. ويرجح عسكريون أن يكون استهداف المتشددين للمنشآت الاقتصادية أحد الحلول البديلة التي تتبناها نتيجة إحكام سيطرة قوات الأمن على المناطق الصحراوية التي تنشط فيها تلك التنظيمات. بالتالي فإن الدخول إلى الأماكن المدنية واستهداف المنشآت الاقتصادية يشتتان جهود توجيه الضربات المتلاحقة للمتطرفين في مناطق رفح (الحدودية مع قطاع غزة) والشيخ زويد (شمال). وأكد متابعون أن المناطق الصحراوية في مثلث رفح والعريش والشيخ زويد تشهد حصارا من قبل قوات الأمن للمسلحين هناك، وأن الحصار يعد أحد أهداف المرحلة الرابعة من عملية “حق الشهيد” التي بدأت في 2015. كما قال هؤلاء إن قلة العتاد والأسلحة المتوفرة للعناصر الإرهابية في تلك المنطقة مكنت قوات الأمن المصرية من إجبارهم على الترجل أثناء محاولة الهروب ثم اصطيادهم فرادى، بالتعاون مع أهالي سيناء. وقال خالد الزعفراني الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، لـ”العرب”، إن “استراتيجية التنظيمات الإرهابية في حالة تعرضها لخسائر فادحة هي اللجوء إلى إفشال الطرف الآخر من خلال اعتمادها على أساليب يصعب مواجهتها من قبل قوات الجيش النظامية”. المناطق الصحراوية في مثلث رفح والعريش والشيخ زويد تشهد حصارا من قبل قوات الأمن للمتطرفين هناك، والحصار يعد أحد أهداف المرحلة الرابعة من عملية "حق الشهيد" وأضاف “بالتالي فإنها اختارت أن توجه ضرباتها باتجاه المشروعات الاستراتيجية التي تحقق لها أيضا أهدافا اقتصادية قد تعوض تضييق الخناق عليها”. واستهدف مسلحو داعش في سيناء سيارة محملة بالوقود كانت في طريقها لكمائن الجيش بإحدى قرى مدينة رفح، أبريل الماضي. وقبلها بيوم واحد، استولى مسلحون ينتمون إلى التنظيم على سيارة نقل بضائع تابعة لمحطة الكهرباء بعد إجبار سائقها على النزول منها تحت تهديد السلاح بالمنطقة الصناعية بالقرب من الطريق الدائري جنوب العريش. يشار إلى أن السيارة كانت تقوم بخدمات لقوات الجيش. وأضاف الزغفراني أن التنظيمات المتشددة في سيناء تأثرت بشكل مباشر بضعف داعش في سوريا والعراق. كما أن تاريخ تلك الحركات يشير إلى أنها تعاني من موجات هبوط حادة بعد أن تصل إلى قمة قوتها وأن تلك القوة لا تستمر لفترات طويلة، وبالتالي فإن تحركات التنظيم في سيناء تركز على الأهداف الرخوة التي لا تحتاج إلى تمويل كبير أو تخطيط عسكري للوصول إليها. وتحاول المجموعات المسلحة في سيناء خلق حالة من اليأس لدى المواطنين، تحديدا بعد البدء في تنفيذ مشروعات التنمية بعد أربع سنوات من الحرب مع الإرهابيين في المنطقة. وينظر المواطنون في تلك المنطقة إلى مشروعات التنمية باعتبارها المنقذ من سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعانونها منذ فترات طويلة من التهميش. ويهدف المتشددون من دخول المناطق المدنية واستهداف مشروعات اقتصادية داخلها إلى تحقيق مكاسب ميدانية، لأنها تضعف قدرات الجيش المصري الاستخباراتية والتي تعتمد على المواطنين في الوصول إلى معلومات مكنته من ملاحقة عناصر التنظيم. وتحاول هذه العناصر من خلال عملياتها إرهاب الأهالي في سيناء لقطع التواصل بينهم وبين قوات الجيش، ومنعهم من الإدلاء بأية معلومات تساعد قوات الجيش على تتبع تحركاتها. ولا تتطلب حوادث استهداف المدنيين مشاركة أعداد كبيرة من المتطرفين، ما يجعلها في مأمن من استهداف قوات الأمن التي تجد بالأساس صعوبة في التعامل مع الأماكن التي يختبئ فيها الإرهابيون ويقطنها مدنيون خشية وقوع خسائر بشرية كبيرة. وقال اللواء زكريا حسين أستاذ العلوم الاستراتيجية بجامعة الإسكندرية، لـ”العرب”، إن تنظيم داعش في سيناء يستمد قوته من تواجده بين المدنيين من خلال التوغل في أماكن غير مشكوك فيها ويصعب الوصول إليها، وهو أمر لجأ إليه منذ اشتداد الضربات العسكرية ضده في العام 2015. واستدرك زكريا “غير أن داعش فشل في تطويع العديد من شيوخ القبائل لصالحه في وقت ركزت فيه الاستخبارات الحربية المصرية على كسب المواطنين لصالحها”. وأضاف زكريا أن استهداف الجماعات المسلحة لقوات الأمن المتمركزة على الحدود يمثل أولوية بالنسبة لها، وبالتالي فإنها ركزت استراتيجيتها على الدخول في مواجهات مباشرة معها. وتابع “لكن إحكام سيطرة الجيش على معاقل التنظيم الإرهابي قلل من حجم العمليات التي استهدفت العسكريين، كما أن تلك العناصر عادت مرة أخرى لاستهداف المواقع المدنية”.

مشاركة :