الكاتب قارئا سيئا بقلم: حسن الوزاني

  • 12/2/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ثمة كتاب تُشعرك نصوصهم بأنهم توقفوا عن القراءة، حيث تبدو النصوص، بمعزل عن الأخطاء التي تجتاح لغتها، ميتة، لا أثر فيها لأي مرجعية إبداعية أو فكرية.العرب حسن الوزاني [نُشر في 2017/12/02، العدد: 10830، ص(16)] يبدو مجال الكتابة، كما ترسمه الأدبيات المهتمة بالموضوع، كحلقة تمتدّ من الكاتب، إلى الناشر والمطبعة والموزع، ثم إلى القارئ. غير أن الأدبيات تلك تنسى أن تُقفل الحلقة عبر العودة إلى الكاتب، باعتباره هذه المرة قارئا. إنه القارئ الأول، لنصوصه ولنصوص الآخرين. وإذا كان الكاتب هو صاحب البذرة الأولى التي يتولد عنها فعل القراءة، فإنه يبدو من المفارق أن نجهل عاداته على مستوى القراءة، بحكم ندرة الأبحاث الميدانية التي تخص الموضوع، في الوقت الذي تتوالى فيه الدراسات الخاصة بمختلف فئات القراء، طلبة كانوا أو أساتذة أو رجال سياسة أو غيرهم. وذلك، كما لو أن ثمة توافقا على عدم الوصول إلى منطقة قد لا تُضمن نتائجها، حماية لصورة الكاتب الذي يقرأ كل شيء. الصورة ليست كذلك دائما. ولا يبدو مفاجئا أن تخصص افتتاحية العدد الأخير من المجلة الفرنسية ماغازين لِترير لسؤال مباشر “هل مازال الكتاب يقرأون؟”، حيث تمّ استحضار حالة الكاتب البلجيكي الشهير جورج سيمنون، الذي راكم المئات من العناوين الروائية والقصصية والذي انتهى باتخاذ قرار التوقف عن القراءة بهدف التخلص من تأثيرات الآخرين. وإذا كان امتناع جورج سيمنون يستند إلى تبرير وإن كان غير مقنع، فثمة آخرون امتلكوا الجرأة للاعتراف بكونهم لا يقرأون لأنهم لا يجدون الوقت لذلك. ولعل شهادة الكاتبة الفرنسية آن براغونس خير دليل على ذلك، حيث اعترفت بكون كسلها يمنعها، ليس فقط من قراءة أعمال الآخرين، ولكن أيضا من إعادة قراءة أعمالها قبل النشر. والحقيقة أن الحالات متعددة. فثمة كتاب تُشعرك نصوصهم بأنهم توقفوا عن القراءة، حيث تبدو النصوص، بمعزل عن الأخطاء التي تجتاح لغتها، ميتة، لا أثر فيها لأي مرجعية إبداعية أو فكرية. كما لو أنها نصوص تريد أن تقتل الأب ومعه بقية العائلة. إنها نصوص تولد لكي تموت. وثمة كتاب آخرون لا يضعون حدودا بين قراءاتهم ونصوصهم، التي تبدو كمرايا تظهر فيها وجوه الآخرين بدل وجه الكاتب. إنها النصوص التي تتجوّل داخلها كتابات الآخرين دون رقيب. في حوار كنت قد أجريته مع الشاعر الفرنسي ستيفان شومي، وقف هذا الأخير عند امتناع الشعراء عن القراءة لبعضهم البعض، في الوقت الذي لا يكفون فيه عن الشكوى. غير أنني أجد أن الأمر يبدو، بهذا الشكل، نوعا من التضامن مع “المنتوج الوطني”. وهو الأمر الذي لا ينسجم مع طبيعة القراءة كمتعة خاصة. أتصفح صور الفيسبوك. الكاتب نفسه. في نفس اليوم. في المقهى، أمامه قهوة سوداء وعلبة سجائر مفتوحة وكتاب مغلق. مع أصدقائه. في حفل زواج. في حفل سفارة أجنبية بمناسبة عيدها الوطني. مع أبنائه. الكاتب يتبضع. الكاتب يعلق على عشرات التدوينات. الكاتب مسافرا. أيها الكاتب. متى تجد الوقت للقراءة. متى تجد الوقت للكتابة. كاتب مغربيحسن الوزاني

مشاركة :