صنعاء - وكالات - في تطور صادم من شأنه إضافة مزيد من التعقيدات للوضع المعقد أصلاً في اليمن، اغتالت ميليشيات الحوثيين، أمس، الرئيس السابق علي عبدالله صالح بدم بارد مع عدد من مرافقيه، غداة إعلانه فض الشراكة معها، في خضم معارك متواصلة منذ أيام بين القوات الموالية له وعناصر الميليشيات في صنعاء ومناطق أخرى. وذكرت مصادر يمنيّة أن الرئيس السابق كان برفقة الأمين العام المساعد لحزب «المؤتمر الشعب العام» عارف الزوكا والقيادي ياسر العواضي واللواء عبدالله محمد القوسي ونجل صالح العقيد خالد. وأوضحت أنّه فور اتجاه موكب صالح من شارع الستين في اتجاه سنحان، تمّت ملاحقته من قبل عناصر حوثيّة تُقدّر بـ 20 مركبة عسكريّة، وعند وصوله قرب قرية الجحشي، تمّ إطلاق النيران نحو السيّارات التي كان يستقلّها صالح وقيادات حزبه، ما أدّى إلى مقتل صالح وإصابة نجله خالد الذي تم أسره من قبل الميليشيات. وفي العملية نفسها، لقي الأمين العام المساعد لحزب «المؤتمر» ياسر العواضي مصرعه أيضاً. ووفقاً للمصادر، قامت ميليشيات الحوثي بإنزال صالح من السيّارة التي كان يستقلّها مع مرافقيه، وقتلته بدم بارد. وذكرت التقارير أن مصير كل من طارق صالح، نجل ابن شقيق الرئيس السابق المقتول، وأيضاً عارف زوكا الأمين العام لحزب «المؤتمر» اللذين كانا متواجدين مع صالح، مازال غامضاً. ورداً على رواية الميليشيات بأن الرئيس السابق سقط في اشتباكات، جزمت مصادر في حزب «المؤتمر» بأن صالح قُتل برصاص قناصة في الرأس وليس في تفجير، متهمة الحوثيين بإعدامه والتمثيل بجثته. وفيما أكد علي البخيتي، القيادي في حزب «المؤتمر»، أن قناصاً نجح في إصابة رأس صالح، ذكرت تقارير أخرى أن الحوثيين نجحوا في البداية باعتقال صالح وعدد من مساعديه ثم أعدموهم بدم بارد. وفي رواية لتفاصيل الاغتيال تداولتها أوساط يمنية، فإن الحوثيين كانوا قد عززوا مواقعهم في صنعاء منذ ليل السبت الماضي، مع إعلان صالح الانتفاضة عليهم. وانتشر مسلحو الميليشيات في أرجاء العاصمة مزودين بأسلحة ثقيلة ومتوسطة أخرجوها من مخابئ سرية كانوا قد احتفظوا بها عند سيطرتهم على صنعاء في سبتمبر من العام 2014. وركّز الحوثيون في حملتهم في اليومين الماضيين على محيط منزل صالح ومقار حزبه ومنازل قياديي حزبه وأماكن تواجدهم. وحسب المعلومات، اجتمع صالح صباح أمس مع مقربين منه وأعضاء في حزبه في شارع الستين بالعاصمة. وبعد أن قرر التوجه مع قياديين من حزبه إلى بلدة سنحان، مسقط رأسه، التي تبعد 40 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء، نجحت الميليشيات الحوثية في تطويق موكبه، لتندلع اشتباكات قُتل فيها عدد من حراسه وأيضاً قياديون من حزب «المؤتمر». وأثناء محاولة صالح وعدد من مساعديه، من ضمنهم نجل شقيقه طارق الذي يقود القوات المكلفة بحراسته، الفرار، حسب تقارير من بعض مقربيه، طاردته قافلة عسكرية من الميليشيات وعمدت إلى تصفيته. من جهتها، أعلنت ميليشيات الحوثي أنها قتلت صالح «بهجوم على سيارته بالرصاص والقذائف الصاروخية». وأظهرت لقطات فيديو نشره الحوثيون مشهداً شبيهاً بمقتل العقيد الليبي معمر القذافي، حيث لف مسلحون حوثيون جثة صالح في غطاء وظهرت آثار رصاصة على الجانب الأيسر من رأسه. ووصف بيان صادر عن وزارة الداخلية التابعة للحوثيين علي عبدالله صالح بـ«زعيم الخيانة». وكانت الميليشيات استبقت تصيفة صالح بتفجير منزله في صنعاء صباح أمس. جاءت هذه التطورات الدراماتيكية بعد ساعات من إعلان الرئيس السابق، ليل أول من أمس، أن حزب «المؤتمر الشعبي العام»، الذي يتزعمه، قرر فض الشراكة مع ميليشيات الحوثي. وقال في رسالة وجهها إلى الجيش والشعب اليمني وقواعد حزبه إن ذلك جاء بعد «حماقات» ارتكبتها جماعة الحوثي التي تسببت في «تجويع الشعب» من أجل مطامعها الشخصية ورؤيتها الضيقة التي رسمتها لها إيران. كما جاء قرار صالح وحزبه لإنقاذ اليمن من مخططات تحاك ضده، حسب ما جاء في رسالته. وأشار الرئيس السابق إلى أن «ساعة الصفر قادمة» على صعيد المعارك في صنعاء و«سيهبّ الجيش والحرس الجمهوري»، داعياً إلى انتظار الساعات المقبلة. التحالف يطلب من المدنيين الابتعاد عن مواقع الحوثيين هادي يدعو للانتفاض ضد الميليشيات ويطلق عملية «صنعاء العروبة» الرياض، عدن - وكالات - دعا الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، في كلمة له مساء أمس، بعد مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، كل اليمنيين للانتفاض ضد ميليشيات الحوثي، معزياً الشعب بمقتل صالح. وقال هادي إن الجيش المرابط على حدود صنعاء سيدعم الانتفاضة، و»لنضع أيدينا بأيدي بعضنا للقضاء على ميليشيا الحوثي الإرهابية». وأضاف «إنّنا نراهن على انحياز الشعب، وصنعاء انتفضت لعروبتها وستنتصر»، داعياً قيادات حزب «المؤتمر الشعبي العام» إلى «التوحّد خلف الشرعية الدستورية». وكان هادي أمر في وقت سابق، أمس، بإطلاق عملية عسكرية واسعة لاستعادة السيطرة على صنعاء، بدعم من التحالف العسكري الداعم للشرعية بقيادة السعودية، الذي طلب بدوره من المدنيين في صنعاء إخلاء أماكنهم القريبة من مواقع تمركز الحوثيين. وأفاد مصدر في الرئاسة اليمنية أن «الرئيس هادي أصدر توجيهات إلى نائب الفريق علي محسن الأحمر المتواجد في مأرب بسرعة تقدم الوحدات العسكرية للجيش الوطني والمقاومة الشعبية نحو العاصمة صنعاء» التي تسيطر عليها ميليشيات الحوثيين وتشهد معارك دامية بينهم وبين قوات حزب «المؤتمر الشعبي العام». بدورها، أكدت مصادر حكومية يمنية أن هادي وجه ببدء عملية عسكرية تحت اسم «صنعاء العروبة» تتجه للعاصمة لتحريرها من الميليشيات الحوثية. ونقلت قناة «الاخبارية» السعودية عن التحالف تأكيده أن «الابتعاد عن آليات وتجمعات» الحوثيين يجب أن «لا يقل عن 500 متر» من المناطق الخاضعة لسيطرتهم. وأفادت تقارير عن صدور أوامر من قيادة الجيش الوطني اليمني بتحريك سبعة ألوية من مأرب لفتح جبهة خولان والتحرك نحو صنعاء، حسب ما أكدته مصادر لقناتي «العربية» و«الحدث». وأشارت المصادر إلى أن قيادة الجيش الوطني أصدرت أوامر عاجلة للقوات المتواجدة في جبهة نهم بتكثيف عملياتها العسكرية والزحف نحو العاصمة صنعاء. وتوازياً، قال رئيس الوزراء اليمني أحمد بن دغر، في خطاب ألقاه في عدن، العاصمة المؤقتة للسلطة المعترف بها، إن «الرئيس سيعلن قريباً عن عفو عام وشامل عن كل من تعاون مع الحوثيين في الشهور الماضية وأعلن تراجعه». وأضاف «سنفتح صفحة جديدة من العلاقات الأخوية أساسها التسامح»، مشيراً إلى أن «صنعاء تمر بحالة حرب بين حلفاء الأمس. قلنا كشرعية: نحن سنقف مع كل من يقف ضد الحوثي. ذلك رأي القيادة، والأحزاب الوطنية، والغالبية الكبيرة من أبناء اليمن». جاءت هذه التطورات قبل ساعات من مقتل رئيس حزب «المؤتمر الشعبي العام» الرئيس السابق علي صالح بيد ميليشيات الحوثيين، وبعد ساعات من إعلانه ليل أول من امس عن فض الشراكة مع الميليشيات. ولليوم السادس على التوالي، تواصلت المعارك في صنعاء بين قوات «المؤتمر» وميليشيات الحوثيين التي لجأت إلى نشر دبابات في حي حدة وقصف مقار ومنازل قياديين في حزب «المؤتمر». كما لجأت الميليشيات إلى قصف أحياء العاصمة من التلال الغربية بالدبابات، ما أدى إلى سقوط الكثير من القتلى والجرحى. إلى ذلك، استهدفت سلسلة من الغارات الجوية، أمس، مواقع بالقرب من مطار صنعاء الدولي ووزارة الداخلية في المدينة. سياسياً، بحث الرئيس هادي مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد المستجدات والتطورات الجارية على الساحة اليمنية، لا سيما تطورات الأحداث الراهنة في صنعاء. أكثر ما كان يُخيف علي صالح كتب الزميل خيرالله خيرالله مقالاً نُشر في «الراي»، يوم السبت في 21 أكتوبر الماضي، ألقى فيه الضوء على المخاطر المحيطة بالرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، ملمحاً إلى أن ميليشيات الحوثيين قد تلجأ إلى تصفيته، وهو ما حدث فعلاً أمس. وجزم خيرالله، أبرز خبير عربي في الشؤون اليمنية، في مقاله بعنوان «الفصل ما قبل الأخير في صنعاء»، بأن «أكثر ما يخيف الرئيس السابق هذه الأيّام (آنذاك في أكتوبر الماضي) أن الحوثيين لا يتركون ليلة تمرّ إلّا ويفهمونه أنّهم يعرفون تماماً البيت الذي سينام فيه. يقولون له بكلّ بساطة إن أمنه مخترق حتّى النخاع...». واستهل مقاله بالإشارة إلى أن «ما نشهده حالياً في صنعاء هو الفصل ما قبل الأخير من عملية انفضاض التحالف الذي قام في مرحلة معيّنة بين الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح من جهة والحوثيين (أنصار الله) من جهة أخرى»، متسائلاً «كيف سيكون الفصل الأخير الذي بدأت ترتسم معالمه في الرابع والعشرين من أغسطس الماضي؟». ولفت الزميل خيرالله إلى أن «الرئيس السابق الذي لم يعد يمتلك ما يكفي من الامكانات للدخول في أي مواجهة عسكرية مع خصومه القدامى، وهم خصومه الجدد، بات أسير الحيّ الذي يقيم فيه في صنعاء».
مشاركة :