تقول «الموسوعة البريطانية» إن الدراسة اللغوية المقارنة تبين أن اللغة اليابانية ربما كانت على صلة باللغة الكورية التي تتشابه معها كثيرا في قواعدها، وربما كانت اللغتان مشتقتين من مجموعة "اللغات التركية المنغولية". كانت بداية اللغة اليابانية في القرن الميلادي الأول، حيث نقلها إلى تلك الجزر حَمَلَة "ثقافة يايوي" Yayoi Culture، والذين نقلوا إلى اليابان كذلك زراعة الرز، وتقول "الموسوعة البريطانية" إن الدراسة اللغوية المقارنة تبين أن اليابانية ربما كانت على صلة باللغة الكورية التي تتشابه معها كثيرا في قواعدها، وربما كانت اللغتان مشتقتين من مجموعة "اللغات التركية المنغولية"، أو ربما "الإينو والجلياك" Ainu and Gilyak. تأثرت اللغتان بشدة بالثقافة الصينية، إذ إن تاريخهما الثقافي يبدأ مع استخدامهما اللغة الصينية في القرن الرابع الميلادي، ورغم اختلاف أصول اللغتين، فإنهما اقتبستا بغزارة من اللغة الصينية، واعتمدت اليابانية في تطورها في نحت المعاني المجردة والفنية على الصينية اعتماد الإنكليزية على الفرنسية واللاتينية واليونانية. وبدأت كلمات أوروبية كثيرة مع القرن السابع عشر تدخل اللغة اليابانية مثل Bata وتعني زبدة من الكلمة الإنكليزية Butter، كما تغير استخدام بعض هذه الكلمات لاستعمالات محددة، فالكلمة الألمانية "أربايت" Arbiet وتعني العمل باتت تستخدم في اللغة اليابانية بمعنى "العمل الإضافي"، Part-time job وقد تستخدم كلمة إنكليزية مثل Strike، وهي باليابانية Sutoraiku بمعنى Strike في لعبة البيسبول والكلمة نفسها بمعنى إضراب العمال Sutoraiki وكلمة Garasu بمعنى Glass أي زجاج وكلمة كأس. وفي اليابانية مجموعتان للمقاطع الأبجدية Two Syllabaries في كل منها خمسون رمزا تسمى "كانا" Cana، وبهذه تختلف حروف الطباعة عن أحرف الكتابة السريعة كما في بقية اللغات، وكان من مصاعب إتقان اللغة اليابانية قراءة وكتابة، ضرورة استذكار ما بين ثلاثة إلى خمسة آلاف رمز لغوي، ونظامين من "الكانو" إلى جانب نظام هجائي وإملائي معقد، ومع انتشار التعليم النظامي العام في القرن العشرين، تزايدت المطالبة بتبسيط الكتابة والإملاء، وكانت الإصلاحات اللغوية الشاملة ضمن الخطوات التي أعقبت هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، وقامت وزارة التربية اليابانية باختصار الرموز والأشكال في خطوات تبسيطية شاملة لا مجال هنا لشرحها. ولا تعطي "موسوعة كامبردج" The Cambridge Enc. of Japan Richard Bowring, 1993 هذه الأهمية لعلاقة اللغة اليابانية باللغة الصينية، فاليابانية متعددة المقاطع في حين الصينية أحادية، فمن الخطأ القول إن اللغتين متشابهتان، إذ وقفت هذه المشكلة أمام اللغويين اليابانيين عندما حاولوا تبني الخط الصيني في القرنين الثامن والتاسع الميلاديين، وتقول الموسوعة إن جذور اللغة اليابانية مجهولة وليست بالضرورة نابعة من المجموعة التركية- المنغولية كما يقول الكثيرون، وكما توحي جذور الأفعال في اللغة اليابانية وفي هذه اللغات. وتضيف الموسوعة أن اليابانية والكورية تبدوان شقيقتين، غير أن مفردات اللغتين متباعدتان تماما، وكثيرا ما يصعب تحديد أصل مشترك بينهما. وللغة المهذبة التي تخاطب بها الطبقات الرفيعة والشخصيات البارزة وكبار السن أهمية وتأثير بالغين في تركيب الجمل وأسماء الإشارة، وتبين الموسوعة أن القاموس الياباني ضخم الحجم ليس بسبب قدمه فحسب، بل لنزوع اليابانيين إلى الاستعارة من اللغة الصينية أولا، ثم لاحقا من اللغات الأوروبية وبخاصة البرتغالية والهولندية وحاليا من الإنكليزية، وتشكل الكلمات المقتبسة من اللغة الصينية اليوم نصف القاموس الياباني، في حين تستخدم الكلمات ذات الجذور الأوروبية في سائر مجالات الحياة المعاصرة في اليابان، وبخاصة الإعلانات. وكثيرا ما يتم اختصار هذه الكلمات الغربية المستعارة لدرجة يصعب الاهتداء إلى أصولها، فكلمة Strike التي ذكرناها منذ قليل تنطق في اليابان sutoraiki وتختصر إلى suto! وكلمة word- processor تنطق wado purosessa وتُكتب مختصرة wapuro، والبقالة الكبيرة أي "السوبر ماركت" supermarket" تنطق supa maketto وتكتب مختصرة supa وهكذا. وتنتشر في اليابان اللهجات المحلية التي لا يكاد الياباني نفسه يفهم بعضها، وكانت الثقافة واللهجة المركزية المهيمنة قبل القرن الثامن ثقافة "كيوتو"، ثم تحولت مع تحول العاصمة إلى طوكيو أو Edo كما كانت تسمى، ولغة طوكيو الثقافية المكتوبة هي اليوم لغة الراديو والتلفاز والإعلام، ومن المحرج استخدام اللهجات الشمالية الجنوبية، ربما كما هو الحال في دول شرق أوسطية وأوروبية عديدة. ومرت الكتابة اليابانية كذلك بمراحل عدة تبلغ الست أهمها في العصور الحديثة عصر التوجوغاواTokugawa 1600-1868، ومرحلة (1908-1868) ما بعد انفتاح اليابان وثورة ميجي والإصلاحات، التي تسمى عادة Past Restoration ومرحلة (1908-1945) أي بالتقريب فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى ونهاية الحرب العالمية الثانية، وأخيراً المرحلة المعاصرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وبداية اليابان الحديثة. اشتريتُ من المكتبة، كما مع اللغة الصينية، كتاباً تجارباً مبسطا بعنوان "تعلم اليابانية من غير معلم"، وعلى الغلاف عبارة لغوية مغرية تقول "طريقة مبتكرة لتعليم اللغة اليابانية في أقصر وقت"، وهو من إعداد "لودي يوسف وسّوف"، ومن مطبوعات دار الشمال بلبنان 2005. مجموع صفحات الكتاب 120، وتقول المقدمة ما يلي: "يتكلم اللغة اليابانية حوالي 125 مليون إنسان في اليابان وجميع أنحاء العالم. واللغة اليابانية تحتوي على عدة لهجات وأن المتكلمين في بعض اللجهات ليس بالضرورة يفهمون على المتكلمين باللهجات الأخرى، ولكن كل ياباني يتكلم اللغة اليابانية الفصحى، بالإضافة إلى لهجته المحلية. واللغة اليابانية الفصحى يتكلمها الناس المتعلمون في طوكيو، وهي تُدرّس وتفهم في كل أنحاء اليابان، وإن التلفزيون والراديو في اليابان، وكذلك المؤسسات التعليمية، تلعب دوراً في نشر استخدامها بشكل أوسع". ألقيت نظرة اليائس المستصعب من تعلم هذه اللغة على محتويات الكتاب الصغير، فإذا ما يسميه الكتاب "الأحرف الأبجدية اليابانية" نحو مئة مع الحركات، والمد والتشكيل الموجود داخل الكملة، أي أنها Built in كما يقال مع الآلات والسيارات، ونظرتُ في الأعداد فرأيت مصداق ما قيل في مقدمة هذا المقال، حيث يسمي اليابانيون العدد "صفر" زيرو كما الإنكليز، ولكن لا تسل عن بقية الأرقام، وهي من واحد إلى خمسة مثلا "إيتي، ني، سان، يون، غو" والعشرة "دْجيو" فإذا أردت أن تقول أحد عشر قلت "دجيو إيتي"، واثني عشر "دجيوني" أما العشرون فهي عشرتان، أي "ني دجيو" والأربعون "يون دجيو" وهكذا. وفي الألوان لم ألحظ إلا "بيجي" للون "البيج" أو البني الفاتح أما البني نفسه فهو "تساييرو"، وكلمات الأسبوع وأسماء الأشهر والفصول لا علاقة لها باللغات الأوروبية، وكذلك الوقت والجهات، ومن الكلمات التي نسمعها في المسلسلات اليابانية "كوني تيباء" أي مرحبا، وتجد الكثير من الكلمات الغربية الأصل في قسم أدوات الزينة، ومنها مثلا كريم الوجه "فيسي كريم"، وماء الكولونيا "كورون" لصعوبة نطق حرف اللام على أهل اليابان، وفرشاة الشعر "هيّا براسي" بمعنى "هيربرش" ومجفف الشعر "هيا دوويّا" أي Hair Dryer وظلال العيون" آيشادوو" وماسكارا" و"سامبو" بمعنى شامبو، فحرف الشين عندهم صعب النطق كما اللام. وهناك في مجال المقاييس والأوزان بعض الكلمات التي يمكن تخمين معناها ومنها "بوندو" أي باوند و"غرام" و"ياردو" و"ميتوري" للمتر، و"كيروغرام" أي كيلو غرام. وتأملت باب الفاكهة والخضراوات فوجدت "توماتو" التي يسمها الكتاب "بندورة" بمعنى الطماطم، وهي بدورها ربما من أصل إيطالي pomodoro أو من لغة يديش اليهودية Pomidor، في حين يسميها الفرنسيون tomate ، ووجدت كلمة "بيتس" بمعنى شمندر beet وقرنبيط "كاريغرافا" وأصلها بالإنكيلزية "كولي فلاور" Cauliflower والخيار "كيوري" وهي ربما تحريف لكيوكامبر "cucumber" ، والأرضي شكوي Artichoke التي تصبح باليابانية "أرتيتشوك" وأخيرا خضار الأسبراغوس أو الهليون asparagus التي هي باليابانية "أسبارغوس" والفطر "ماشروم" والكوسا "زكيني" وأصلها ربما زوشيني zucchini. ويسمي اليابانيون الليمون "دمون" والعنب "دودو" والموز "بنانا" والبرتقال "أوريندجي" من التسمية الغربية Orange ويسمون الدجاج المشوي "تشيكين" والجبنة "شيزي" والهامبرغر "هامباغ" والخردل أو الماسترد "مستادو" والقهوة "كوخي" والعصير "دجيوسي" والليمونادة "ريمونيدو" والشكولاته "تشوكوريتو". ويسمون جواز السفر "باسبوتو" والقارب "بوتو" وسيارة الأجرة "تاكسيو" والجيب "بوكيتو" ووجبة الطعام السريعة "فاستوفودو" والمياه المعدنية "مينيرارووتا" ويسمون الأب "تيتي" والأم "هاها" ! وكلمة مساء الخير سهلة كما تبدو من الكتاب، فهي "كوم باهغا" ولكن كلمة شكراً طويلة "أريناتوغو سايماس" فإن نطقت بدايتها، نسيت نهايتها! ومن الكلمات التي قد لا تنسى "كيمشوه" أي السجن، فهي تشبه "كمشوه" بمعنى ألقوا القبض عليه في لهجاتنا!
مشاركة :