صراحة مكة المكرمة: قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله : إننا في المملكة العربية السعودية، استطعنا أن نجرد الفكر المنحرف، من كل الشبهات التي حاول أن يجد فيها سنداً له، وينشر من خلالها دعايته، بفضل التعاون بين علمائنا وأجهزتنا الأمنية ووسائلنا الإعلامية والثقافية، فكوّنا بذلك جبهة موحّدة عملت على كل المستويات، وفي كل الاتجاهات، لإيجاد تحصين قوي ومستقر في المجتمع من هذه الآفة الدخيلة.جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه -أيده الله صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة, اليوم في حفل افتتاح مؤتمر مكة المكرمة الخامس عشر الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي تحت عنوان : الثقافة الإسلامية: الأصالة والمعاصرة , وفيما يلي نصها : أصحاب الفضيلة والمعالي والسعادة, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, ويسرني أن أنقل إليكم تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله وأرحبُ بالإخوة المشاركين في هذا المؤتمر، الذي يعقد في هذه الأيام التي عظمها الله: ((والفجرِ وليالٍ عَشْرٍ)) وفي هذا البلد الأمين الذي يستقبل ملايين المسلمين، قادمين من كل فج عميق.نسأل المولى الكريم أن يرزقنا التوفيق والعون على خدمتهم، والسهر على أمنهم وراحتهم، حتى يؤدوا مناسكهم على أحسن وجه، ويرجعوا إلى أوطانهم سالمين غانمين.أيها الإخوة: إن الثقافة الإسلامية هي التي تعرّف بالأمة وتحدّد وجهتها الحضارية، وتربط أطرافها بعضهم ببعض، فبهذه الثقافة يرتبط المسلم بمئات الملايين من المسلمين المبثوثين في مختلف أنحاء العالم، ويشترك معهم في الدين الذي يدين به، والرسالة التي يتبعها، والمشاعر والآمال والتطلعات التي تعتلج في وجدانه، تجاه حاضر الأمة ومستقبلها.إن الثقافة الإسلامية هي التي توحد الأمة وتصل بين شعوبها ودولها؛ فينبغي أن يعطى لها ولمكونها الأساسي وهو الدين، اهتمام أساسي في الاعتناء بالثقافات المحلية والوطنية وتنميتها، وبذلك يكون الانتماء الوطني مؤسساً على الانتماء الإسلامي في مختلف البلدان الإسلامية. وأمتنا الإسلامية أمة كاملة الشخصية، لها تجربتها الحضارية المشرقة، وسجلها التراثي الزاخر، إضافة إلى تميزها عن غيرها من كونها خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله، وتحمل رسالة الله العالمية الخاتمة، وهي رسالة نور ورحمة: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا)) [النساء/174]؛ ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)) [الأنبياء/107]. فمن الواجب على الأمة الإسلامية أن تتمسك بثقافتها وتدافع عنها بالطرق المشروعة، ووفاؤها بالتزاماتها في التعاون الدولي والإنساني، لا يتعارض مع خصوصيتها الثقافية، ذلك أن التنمية البشرية، وما يتصل بها من مفاهيم كالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، لا يجوز أن تكون خارجة عن إطار البيئة الثقافية للأمة. وصلتنا بثقافتنا تتطلب موازنة بين جانبي الأصالة والمعاصرة فيها.فالمعاصرة هي الاتصال الفاعل بعصرنا، والتعامل مع مشكلاته وملابساته، والاستفادة مما يتوفر فيه من تطورات في العلوم والمعارف ونظم الحياة المختلفة، وذلك يقتضي إقامة علاقات إيجابية مع الآخرين للتعايش والتعاون في فضاء المشترك الإنساني الواسع.والوفاء بمتطلبات المعاصرة لا يتعارض مع التمسك بالجانب الثابت من ثقافتنا، وهو ديننا ولغتنا العربية وقيمنا العربية الإسلامية، وذلك يتطلب منا الاعتزاز بتراثنا والاهتمام به والاستفادة منه في تنظيم شؤون حياتنا. واليوم تعيش أمتنا واقعاً ثقافياً مضطرباً، يحتاج منكم أيها العلماء والدعاة وأصحاب الأقلام، أن تدرسوه دراسة ضافية، وتتبعوا أسباب الخلل فيه، وتعالجوها بالحكمة والحجج المقنعة، حتى يستقيم على المنهاج الصحيح الذي يتصف بالوسطية والاعتدال، ونبذ التطرف والعنف والإرهاب.والأمر يتطلب تنسيقاً تتكامل فيه الجهود، ويتحقق فيه التعاون في وضع البرامج والخطط التي تنشر الوعي الصحيح، وتحارب الفكر المنحرف، وتصحح التصورات الخاطئة في المفاهيم الإسلامية. ونحن في المملكة العربية السعودية، استطعنا أن نجرد الفكر المنحرف، من كل الشبهات التي حاول أن يجد فيها سنداً له، وينشر من خلالها دعايته، بفضل التعاون بين علمائنا وأجهزتنا الأمنية ووسائلنا الإعلامية والثقافية، فكونّا بذلك جبهة موحدة عملت على كل المستويات، وفي كل الاتجاهات، لإيجاد تحصين قوي ومستقر في المجتمع من هذه الآفة الدخيلة ,ولئن كان التفريط في الثقافة الإسلامية والتقصير في حمايتها، أحد العوامل التي أوقعت بعض أوطاننا العربية والإسلامية في دوامة من المشكلات، فإن الاستقرار الذي تنعم به المملكة والحمد لله، يستند إلى محافظتها على ثقافتها التي هي الثقافة الإسلامية.وسنستمر بإذن الله على هذا المسار الذي تأسست عليه المملكة, وقد استطعنا بتوفيق الله أن نصل إلى معادلة التوفيق بين الأصالة والمعاصرة في المسألة الثقافية، فلم يمنعنا التمسك بأصالتنا وبناء منهجنا عليها، من مواكبة العصر والاستفادة من كل إبداعاته وتطوراته المفيدة التي لا ضرر فيها على ديننا وأخلاقنا، ولم نجد في هذه المواكبة الواعية المُرَشَّدَةِ، ما يؤثر على هويتنا وانتمائنا لأمتنا وتراثها وحضارتها المشرقة.وفي الختام أشكر رابطة العالم الإسلامي ورئيس مجلسها الأعلى وأمينها العام، على ما تسهم به من جهود متميزة في توعية الأمة بواجباتها نحو دينها وأوطانها وقضاياها، ودحض الشبهات والأباطيل الموجهة ضد الإسلام وحضارته ورموزه ومقدساته، ومواجهة الإرهاب والتطرف والغلو.وأسأل الله تعالى أن يكلل أعمالكم بالنجاح والتوفيق لما فيه الخير للأمة الإسلامية جمعاء.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وكان مؤتمر مكة الخامس عشر الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي لمدة ثلاثة أيام قد بدا أعماله بالقران الكريم ثم ألقى معالي رئيس جامعة الأمير عبدالقادر للعلوم الإسلامية بالجزائر الدكتور عبدا لله بن إبراهيم بو خلخال, كلمة المشاركين التي عبر فيها عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله- على رعايته الكريمة لهذا المؤتمر .وأوضح أن الثقافة الإسلامية ذات قيم ربانية المصدر لأنها مستمدة من نصوص الكتاب والسنة فهي ثابتة من حيث قيمها وخصائصها وتتسم بالأخلاقية وتطبع المجتمع بالاستقامة والآداب السامية وهي ذات قاسم مشترك بين المجتمعات الإسلامية وان اختلفت ألوانها ولغاتها وأعرافها وتقاليدها وعاداتها كما إنها ضمان للمحافظة على ذاتية الأمة ووحدتها وتماسكها فالثقافة الإسلامية ثابتة في قيمها وخصائصها وسماتها لكنها في الوقت ذاته قابلة للتطور والتكيف مع المتغيرات والانسجام مع التطورات الجديدة ومسايرة المستجدات وهي إنسانية، ذات بعد عالمي إنساني , تدعو إلى التعاون والأخوة والمحبة والاحترام المتبادل.وبين أن الثقافة الإسلامية السليمة بعيدة كل البعد عن الدعوة إلى التطرف والكراهية والعدائية وقتل الآخر فهي تدعو إلى التسامح ونبذ العنف والتطرف وهي الكفيلة بتحقيق الأمن والسلم العالميين فالتطرف الواقع في المجتمعات الإسلامية إما نتيجة الجهل أو بسوء تفسير نصوص الوحي والخطأ في توظيفها وإما بتضخيم ومبالغة من وسائل الإعلام المختلفة، أو بتحريك من أياد خفية وبائنة لإثارة الفتن البينية وإضعاف الأمة من داخلها, مؤكدا أن الثقافة الإسلامية كفيلة بالمحافظة على قوة الأمة وتماسكها ومواجهة مخططات التقسيم والاستلاب الحضاري والتصدي للغزو الثقافي.وأشار إلى أن موضوع هذا المؤتمر الخامس عشر لهذا العام جاء في وقته بل هو متأخر قليلاً نظرًا للفتن الكبرى التي عاشها ويعيشها العالم العربي والإسلامي, لافتًا النظر إلى أن العالم العربي والإسلامي يعيش ظروفا صعبة طبعت صورته أمام العالم دمًا ودموعًا وخرابًا وتقتيلًا فسمعة الإسلام والمسلمين قد شوهت أيما تشويه وتفككت عرى العلاقات الإنسانية بين أفراد المجتمع الواحد بل الأسرة الواحدة حتى فقد الأخ الثقة في أخيه وأصبح الكل يخشى من الكل على نفسه وماله وعرضه .ورأى أن إصلاح ذات البين بين المسلمين يتطلب عدد من الامور منها تجفيف منابع التطرف الفكري والمذهبي والطائفي والديني باسم الإسلام وتفعيل دور المؤسسات الدينية والثقافية والإعلامية والنوادي الأدبية والعلمية في نشر الثقافة الإسلامية الأصيلة وربط الخطاب الديني الإسلامي بالواقع المعيشي والقيم الإنسانية المعاصرة والعمل الجماعي على تصحيح صورة الإسلام والمسلمين عند الآخرين وصورة الآخرين عند المسلمين في إطار الضوابط الشرعية والقيم الإنسانية المعاصرة وتفعيل جمعيات المجتمع المدني باستيعاب القيم الإسلامية والإنسانية المعاصرة واستغلال وسائط التواصل الاجتماعي المعاصرة في التعريف بالإسلام ومبادئه وقيمه وحضارته وتفعيل مؤسسات الاجتهاد والمجامع الفقهية في إصدار الفتاوى، والرد على الفتاوى الضالة المضللة. إثر ذلك ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الاسمي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي ,كلمة رحب فيها بسمو أمير منطقة مكة المكرمة وبسماحة مفتي عام المملكة وبالحضور المشاركين في هذا المؤتمر سائلاً الله تعالى أن يوفق حجاج بيته الحرام، لأداء مناسكهم على الوجه الذي يحبه ويرضاه في راحة واطمئنان، ويتقبل منهم، وأن يثيب خادمَ الحرمين الشريفين وسموَ ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي العهد، وسمو أمير منطقة مكة، على الجهود العظيمة في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما.وقال معاليه : لقد رأت الرابطة أن تجعل موضوع الثقافة الإسلامية بين الأصالة والمعاصرة، عنواناً لمؤتمر مكة المكرمة في هذا العام، ونرجو أن يوفق المشاركون لتسليط الضوء على هذا الموضوع المهم بمختلف جوانبه، ويقدموا رؤية جلية في محاوره وعناصره الأساسية، تستفيد منها الأمة وتستنير بها في طريقها نحو إصلاح حالها، وإيجاد مكان لائق وملائم لثقافتها في ظل الانفتاح والتنافس اللذين يشهدهما عالمنا المعاصر, مبينًا أن الأمة الإسلامية تتميز عن غيرها من الأمم، بأنها أمة مؤتمنة على الرسالة العالمية الخاتمة، في العمل بها وتبليغها للعالم فهي أمة تستمد قيمتها من صلتها بهذه الرسالة، وتستنير بها في مسيرتها، وتستلهم منها معالم الحضارة الإنسانية الراقية.وبين الدكتور التركي أن الأمة في عصر من العصور، أكثر تعرضاً للتحديات المهددة لخصوصيتها الثقافية وانتمائها الحضاري، منها في هذا العصر وهذا يوجب على المخلصين من أبنائها، أن يواجهوا هذه التحديات بالوسائل والآليات الكفيلة بصيانة ثقافة الأمة من أخطارها والأمر يتطلب في ذات الوقت، العمل على مسار آخر، وهو تغيير الصورة السلبية التي انطبعت في أذهان الآخرين عن المسلمين، نتيجة الأوضاع السيئة التي يعيشونها، وحملات التشويه المستغلة لها استغلالاً تعصبياً مغرضاً، فإن تصحيح صورتهم لدى الآخرين، خطوة ضرورية لإسهامهم في معالجة القضايا الإنسانية المختلفة، والتأثير بثقافتهم في الأنظمة الدولية والإنسانية.وأكد معاليه أن من أبرز التحديات الداخلية التي تواجهها الثقافة الإسلامية اليوم، الخلل الذي وقع في أذهان بعض المسلمين، في فهم بعض أحكام الإسلام، في أصوله أو فروعه، أو في أهدافه والمغزى من رسالته، أو في كيفية التعريف به، أو تطبيقه في واقع الحياة وهذا الخلل من أبرز أسباب الاضطراب الذي يعاني منه العالم العربي والإسلامي، فقد أدى إلى ظهور الطائفية البغيضة، والحزبية الضيقة المفرقة، والتطرف المنتج للتكفير والإرهاب. وقال : فالطائفية التي تهدد وحدة المسلمين اليوم، وتستنزف طاقاتهم في تخريب ديارهم وتعريضها للتدخلات الأجنبية المغرضة، وتعمل لتحقيق أهدافها بوسائل شتى، فهمت الإسلام بصورة منحرفة نشأت من أخذ موقف سلبي مريب من سلف الأمة، الذين صدقوا الله ورسوله وأبلوا بلاء حسناً معه وبعده، وانتشر الإسلام في الآفاق بجهودهم، وتلقوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأمانة وإيمان، ثم أدوه إلى الذين جاؤوا من بعدهم بأمانة، وكانوا في ذلك قدوة لغيرهم في هذه الأمانة التي بها وصل إلينا محفوظاً من كل سوء. وتابع يقول : الحزبية التي يدعي أصحابها العمل على التمكين للإسلام وتحكيمه، جرت على المسلمين شراً وبيلاً، وأوقعتهم في فتنة ساحقة ماحقة. وتسببت في تهديد الاستقرار السياسي، والوحدة الاجتماعية، بنشر فكر ضيق العطن، يوهم أن لأصحابه وحدهم مزية الغيرة على الإسلام وحمايته في المجتمع، وأن كل من لا يتبنى منهجهم يعتبر جاهلاً بالإسلام مقصراً في حقه، وكل من ينتقده أو يعارضه في التوجهات والمواقف، خارجاً عن الإسلام مناوئاً له متحالفاً مع أعدائه. والإرهاب أدهى وأمر، إذ لا يقف أصحابه عند حد الرأي المتطرف الذي يتبنونه، ولا يرون في المجادلة عنه بالتي هي أحسن أي جدوى، بل لا يرون شافياً لما في صدورهم من الغيظ المتكون عندهم من تضليل الآخرين وتكفيرهم، إلا في حمل السلاح على الناس واستهدافهم في أنفسهم وأموالهم، واستقطاب ذوي الثقافة البسيطة والأفهام الضعيفة الذين تنطلي عليهم الخدع بسهولة، وتجنيدهم في عصابات تندفع إلى أهدافها الإجرامية، متوهمة أنها تسعى لنيل ما جاء في فضائل الجهاد، وتقتدي بسير رجال الإسلام الأوائل، غافلين عن أهم شرط من شروط العمل الذي يبتغى به وجه الله تعالى، وهو أن يكون صواباً، وتمييزُ صواب العمل من خطئه، إنما يتلقى من أهل العلم الموثوقين لا من الأدعياء المضلين.وأشار معاليه إلى أن في أخبار الخوارج عبرة بليغة، لكل مستهين بتحقيق شرط الصواب في العمل الذي يبتغى به وجه الله، إذ لا يخفى ما دونه المؤرخون في أخبارهم، من مظاهر عباداتهم، غير أن ذلك لم يكن ليشفع لهم فيما وقعوا فيه من وقيعة استحلال دماء المسلمين بتوهمات وفهم سقيم معرض عما كان يجب عليهم من رد ما لم يعلموه إلى عالمه. ولخطورة هذا المسلك الشنيع، أنبأ النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث مستفيضة، عن أوصافهم، محذراً من الاغترار بظاهرهم، مرغباً في التصدي لهم وتخليص المسلمين من شرهم. وشدد الدكتور التركي على أن هذه الآفات الثلاث التي أصيبت بها الأمة، هي أخطر ما يواجه الثقافة الإسلامية اليوم، ومن ثم ينبغي أن تتضافر الجهود، من العلماء والمثقفين والإعلاميين والمسؤولين عن التربية وكل من له تأثير في التوجيه الثقافي والاجتماعي، في التعاون مع المسؤولين في مكافحة هذه الآفات، من خلال توعية الناس بالانحراف الذي تنطوي عليه مناهج أصحابها وأهدافها، والأخطار التي تنجم عن وجودها وانتشارها وتمكنها، والإرشاد إلى سبل مواجهتها، ومن أهمهما تصحيح المفاهيم المغلوطة التي أدت إلى نشأتها. وحيث يعتبر التطرف والإرهاب أخطر هذه الآفات، بحسب ما يدل عليه الواقع من اتساع نطاقه وكثرة أضراره، فإنه يحتاج في مكافحته إلى مضاعفة الجهود وتنسيقها بين الحكومات والمنظمات الحكومية والشعبية، ومؤسسات الفتوى والإعلام، لتوفير تحصين قوي للناشئة والشباب، من الأفكار المتطرفة التي أصبحت تروج بسهولة عبر وسائل الاتصال المتنوعة المنتشرة في كل مكان.وأثنى معاليه على الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية في مكافحة التطرف والإرهاب حيث تعد تجربة فذة رائدة، تحتوي على رصيد كبير من الخبرة والنجاح، وهي جديرة بأن يشاد بها وتستثمر في الدراسات والبحوث التي تعتني بهذا الموضوع المهم. وقال لا شك أن وراء هذه الجهود المضفرة، قيادة حكيمة في مقدمتها خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، الذي يغتنم كل مناسبة لإطلاق توجيهات قوية وبعيدة الأهداف في معالجة قضايا الإرهاب وما يتعلق به، ويحث الشخصيات ذات الشأن في الأمة، للاضطلاع بمسؤولية تصحيح المفاهيم وتوعية الناس ونشر ثقافة الوسطية والاعتدال، والاعتناء بشباب الأمة، والتضامن بين دولها وشعوبها ومنظماتها، والإرشاد إلى أن التعامل مع الآخرين ممن يخالفنا في الدين والحضارة، إنما يكون بفتح سبل الحوار ودعم جهوده والتوعية بحاجة الإنسانية إليه لإزالة ما بينها من التصورات الخاطئة، وتهيئة الأجواء للتعاون في النطاق المشترك بينها.وبين معاليه أن رابطة العالم الإسلامي، ومؤسساتها والجهات المتعاونة معها، تقدم الشكر الجزيل لخادمِ الحرمين الشريفين، الملكِ عبدِ الله بنِ عبد العزيز آلِ سعود، سدده الله وأيده، ووليِّ عهده الأمين صاحبِ السمو الملكي الأميرِ سلمانِ بنِ عبد العزيز آلِ سعود، ولولي ولي العهد صاحبِ السمو الملكي الأميرِ مقرن بن عبد العزيز آلِ سعود، حفظهما الله وأعانهما، على ما تلقاه الرابطة من التشجيع والرعاية لمختلف مناشطها ومناسباتها.وشكر الدكتور التركي في ختام كلمته صاحب السمو الملكي الأميرِ مشعل بن عبد الله بن عبدالعزيز أميرِ منطقة مكة المكرمة، على جهوده، ودعمه للرابطة وأعمالها، وتفضله بافتتاح هذا المؤتمر نيابة عن خادم الحرمين الشريفين ولسماحة الشيخ عبدِ العزيزِ بنِ عبدِ الله آلِ الشيخ المفتي العام للمملكة، ورئيسِ المجلس الأعلى للرابطة الشكرُ الجزيلُ على جهوده وحرصه على تحقيق الرابطة أهدافها. عقب ذلك ألقى سماحة مفتي عام المملكة رئيس المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي الشيخ عبدا لعزيز بن عبدالله آل الشيخ كلمة قال فيها : شرف المؤمنين إيمانهم برب العالمين وإيمانهم بنبيه الكريم و إيمانهم بالكتاب المبين وإيمانهم بالشرع القويم هذه وسائل الشرف و العز لهذه الأمة يجب أن نطبق هذا بكل واقعية في عباداتنا في أخلاقنا في سلوكنا .وأوضح أن الإسلام دين كمال حل جميع المشاكل فلا قضية إلا ورد فيها بيان من حيث الوجوب و الإستحباب و الكراهية و التعليم تبينًا للحق وتوضيح له , وبين سماحته أن الإسلام بيّن العقيدة السليمة بالإيمان بالله و ملائكته وكتبه ورسله و اليوم الآخر و بالقضاء و القدر, وأوضح للمسلمين المعاملات التي يتعاملوا بها في بيعهم وشرائهم وسائر علاقاتهم المالية, وأوضح لهم موقف الشرع من الملبوسات و المطعومات و المشروبات الجائز منها و غير الجائز, أوضح لهم اهتمام الإسلام بشأن المجتمع و عنايته به وحرصه على أن يكون هذا المجتمع مجتمعًا متلاحمًا .وأكد سماحته أن الإسلام إهتم بالأقليات غير المسلمة في بلاد الإسلام وحقن دمائهم و أموالهم ولم يمسهم بسوء, احترم الأديان السابقة احترام بمعنى أنه في حال السلم والحرب وأن هذه العلاقات مبنية على العدل و الإنصاف وإعطاء الحقوق حقوقهم متى ما احترموا دين الإسلام ولم يناوئوا المسلمينوأفاد أن هذه المبادئ و النظم هي ثقافة إسلامية ينبغي أن نفتخر ونعتز بها ثقافة دلت على الإيمان بالله و كتابه ورسوله والإيمان بقضائه و قدره ثقافة ترسخ فينا تعظيم أركان الإسلام والمحافظة عليها, تعظيم أوامر الله واجتناب نواهي الله, ثقافة يجب أن تمثل في الدعوة إلى الخير و تبيين محاسن الإسلام وصورته الناصعة في قيمه وأخلاقه وفضائله ثقافة يجب أن تكون توعية للمجتمعات المسلمة مما حل بها من هذه الكوارث والمصائب التي عمت بلاد الإسلام والتي ورائها من ورائها لإذلال المسلمين و استهانتهم وجرهم إلى الذل و الهوان هذه ثقافتنا يجب أن تمثل في الدعوة الى الله وتحذير أمتنا من الأخطار المحدقة بها و من المبادئ الهدامة الإرهابية المتطرفة والإرهاب الظالم و العدوان الغاشم .ودعا سماحته إلى توعية الشباب وعدم الاغترار بهذه المبادئ الضالة و الآراء الزائفة التي جاء بها أعداء الإسلام ليفرقوا جمع المسلمين ويشتتوا كلمتهم و يزرعوا الأحقاد و البغضاء في قلوب أبناء المسلمينحضر الحفل صاحب السمو الأمير فواز بن ناصر آل فرحان مستشار سمو رئيس هيئة تطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة ومعالي المستشار في الديوان الملكي وعضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور صالح بن حميد ومعالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس ومعالي أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة بن فضل البار ومعالي رئيس البنك الإسلامي للتنمية الدكتور أحمد بن محمد علي وعدد من المسئولين .
مشاركة :