الفلول الليلية - نجوى هاشم

  • 8/29/2013
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

هل هي ثقافة مجتمع، أكثر مما هي ثقافة فرد واحد؟ هل هو نظام خاص بمجتمع دون غيره؟ هذا الوعي البسيط الذي يتماهى حتى ينسحب علينا جميعاً بصورة تلقائية، لنتمازج معه بالإذعان تارة.. وبالضغط تارة أخرى وبشيء من التعود تارة أخرى.. لن أزيد الصورة ضبابية.. ولن أوسع المسافة الفاصلة بين ما نحن فيه.. وما ينبغي أن نكون.. فالواقع رغم ما يبدو عليه مرناً.. وقابلاً للتحول.. وقد يكون مصنوعاً من طيننا نحن وبالإمكان تشكيله، إلا أننا بهذا الاستسهال ندخله في دائرة،استنطاق ما تورطنا به.. هو الاعتياد..الذي يشبه الإدمان يمتد معنا منذ بداية أي إجازة صيفية.. ولا يرتبط بمن هم على مقاعد الدراسة، بل ينسحب حتى على الموظفين والموظفات، ومن لا يعملون.. ينسحب لشهر رمضان، ويكمل معه شوال.. ليالي طويلة من السهر لم تتغير بذاتها.. بقدر ما نحن ألبسناها رداءنا، رداء السهر.. والليالي القصيرة.. ناهيك عن انقلاب المعيار، فالليل أصبح نهاراً والنهار أصبح ليلاً.. حتى الأطفال الصغار تماهوا مع سياسة واقع الليل المبهر والنهار الصامت.. لا يتعلق الأمر بمدينة مثل مدينة جدة أو الرياض كمدن تسهر وبالذات جدة مدينة الليل والسهر.. ولكن ينسحب على كل المدن وحتى القرى، توسط مسلسل السهر رمضان الكريم ونكمل معه هذه الأيام.. يستيقظ المنزل ولن أقول من هم يدرسون عند المغرب وهذا إن حصل يدخل في دائرة تميز العائلة في ترويض أطفالها، أما البقية فيستيقظون عند التاسعة، أو العاشرة مساءً حيث يبدأ نهارهم.. وبدايته تحتاج ساعة، أو ساعتين من أجل الدخول في احتفالية الحياة الطبيعية، والانخراط فيما يسمى بداية النهار.. الذي هو في الأصل منتصف الليل، الآباء، والأمهات تماشوا مع نفس الأسلوب، فهم يظلون مع بقية الأسرة ممن هم يدرسون، أو حتى الأطفال حتى موعد الذهاب إلى العمل، فيذهب كل منهما مجهداً، وغير قادر على التركيز، ويظل باحثاً عن لحظة العودة لينام ويستعيد طاقته. الطريف أنه حتى الأطفال الصغار لا يمكن أن تجد طفلة، أو طفلاً في الرابعة، والثالثة نائماً بالليل، النوم أصبح طبيعة نهارية. الآن ولقد بدأت الحياة تعود إلى المؤسسات والدوائر الحكومية والمدارس لم يتبق لها سوى أسبوع واحد، نجد أن الجميع يحاول أن يضبط بوصلته ليعود إلى ما قبل ثلاثة أشهر ينام الليل ويستيقظ النهار، لكن التغيير في العادة يتم بصعوبة شديدة، ويحتاج وقتاً للدخول إليه واعتياده.. خاصة أن نوم الليل لا يمكن أن يعَّوض، حتى وإن كانت ساعاته قليلة، وستجاهد الأسر في الأيام القادمة من أجل فرض التغيير على أرض الواقع، وبمجرد أن يُفرض رسمياً كقانون الطوارئ سيعاود خرقه مرة أخرى وستعود الفلول الليلية بعد شهر ونصف مع بداية إجازة عيد الأضحى المبارك التي تستمر أسبوعين، وبسرعة سيتم الاندماج في التغيير غير الاعتيادي واستنزاف الليل لمصلحة النهار. كل عام وأنتم أصحاء ومستمتعون بنوم الليل..

مشاركة :