لقد اعتادت أسماعنا في الغناء العربي على سماع كلمتي (يا ليل يا عين) وخاصة عندما يؤديها المطرب الماهر لتسبق الموال فيتجول بها في المقام ما بين قراراته وجواباته, مرورًا بمنطقته الوسطى, حتى أصبح الغناء بـ (يا ليل يا عين) رمزًا للطرب والتمكن من الغناء، كما أصبح استهلالا محبوبا يؤديه المطرب قبل الموال, يرشده ذوقه الفني وما يحيط به من عوامل التطريب وشدة الانفعال والتعايش مع الجمهور, بعد أن يعيش في جو من (السَّلْطَنة) مع التقاسيم التي يؤديها العازفون المهرة على الآلات الشرقية الأصيلة.ويقول أحد الآراء أن المطرب يكسو نغماته بــ (يا ليل يا عين) بدلًا من (الآه), ومدلولها الإحساس بالألم والاستزادة منه، فالليل دلالة الحزن والشجن، أما العين فدلالة على نهر من دموع العاشقين الموجوعين، والعين أشرف الحواس وأدقها تركيبًا وأوسعها إدراكًا وأصدقها دلالة على ما تُكِنه القلوب؛ فبها يتخاطب المحبون وبها أيضًا يتخاصمون..ويُقال أن أصل كلمة يـ (ليل) في الغناء هو (الأليل) وهو في اللغة العربية (الحنين), فيقول الشاعر (أما تراني أشكو الأليلا), والأليلُ أن يرفع الإنسان صوته بالشكوى ليفصح عما يجيش به صدره من أحاسيس ومشاعر.ولا يفوتنا فى هذا المجال الإشارة إلى التفسير الأسطوري لــ ( يا ليل يا عين) حيث يقول "على أحمد باكثير" أن (ليل وعين) إسمين لبطلي أسطورة شعبية من أساطير الحب، فيُقال أن أميرة أسمها "عين الحياة" هبطت مع أمها وادي النيل بحثًا عن الزوج المناسب للأميرة، فتعرفت على شابين صديقين مَلَّاحَين الأول أسمه " ليل" وكان ولا يزال اسم (أبو الليل) من الأسماء الشهيرة في مصر، والشاب الثانى أسمه " شهاب"، وقررت الأميرة (عين الحياة) أن تختار منهما زوجًا لها، فدعت كل منهما على حده من أجل الزواج منها والذهاب معها والتخلي عن صديقه، فرفض " شهاب" وقَبِل " ليل" وبالفعل تزوجها وسافر معها، بينما تبقى " شهاب" بقية حياته يُبحر في النيل وهو يبحث عنهما وينادي (يا ليل ياعين).وهُنا يحضرني أبيات من الأدب الشعبي القديم أُسردها لكم:سأل النهار الليل .. ليه ياليل غنوا لك؟وليه البُكاء بالليل، وليه يا ليل بيجولك؟رد الليل وقال لأني أنا سُتْرَه ..وجودي فــ الحياة مقدمة لبُكْرَه ..بس على فِكْرَه .. لو غيران هيجولك..يا ليل ياعين يا ليلوفي النهاية مش مهم نقول ياليل .. مش مهم نقول ياعين.. المهم نغني صح ونحترم المستمعين..... دُمتم بخير وفن.
مشاركة :