أمام هذا الكتاب، لا حاجة كبيرة ولا حتى صغيرة، للانتظار أو طلب الانتظار من الآخرين إلى حين قراءة الكتاب، ولا للقول إن الكتاب لا يُقرأ من عنوانه فقط، ومثل هذه الكلمات التي لا تحمل في حقيقتها سوى زيف أخلاقي مبتذل، أكتب خبط لصق: نحن أمام كتاب تافه، ما لم تحدث معجزة، وزمن المعجزات انقضى!. ولكن!. ـ سأظل أكتب أنني مع حركة الطباعة، ومع الإصدارات الورقيّة، مهما كلّف الأمر، ومهما تدنّى المحتوى!. وأعترف: ربما يكون من أسباب دفاعي المستميت عن ذلك، هو خجلي وحيائي من نفسي، ومن ترددي في عدم طباعة أي كتاب حتى الآن!. لكنه أبدًا ليس السبب الوحيد، ولا الأهم!. ـ أنا مؤمن حقًّا بأهمية الكتب، وبضرورة نجاح دور الطباعة والنشر والتوزيع، وعلى يقين من فائدة ذلك على المدى البعيد، ليس فائدته فحسب، بل وبتلافي أضراره المحتملة، والأكثر من محتملة، في فترة زمنية قصيرة، إذ ليس مثل الكتاب شيء، يمكن زوال سيئه، وتراخي أثر رديئه ومهلهله، مع الزمن!. ـ الكتابة حريّة، والقراءة حريّة، وهذا أجمل وأطيب وأرق وأعمق ما فيهما، ولا يمكن أنْ يكون المنع والإقصاء وتكميم الأفواه حلًّا!. نعم للحريّة مشاكلها، لكنني أتذكر كمن يرى من خلف ضباب، جملةً نسيت صاحبها: لا حلّ لمشاكل الحرية غير المزيد من الحريّة!. ـ لنسأل أنفسنا: من الذي جعل هذا الإنسان أو ذاك من المشاهير؟!، هل هو الكتاب؟!، لا طبعًا، الكتاب نتيجة وليس سبباً!، عاقبة وليس استهلالاً!،. ـ وعليه فلنبحث عن الأسباب التي جعلت من هؤلاء المشاهير مشاهير، حتى قبل أن نبحث عن الوسائل والبرامج والتقنيات التي جعلت منهم كذلك، فلا ملامة ولا عتب على شبكات التواصل إنْ كانت هذه جواب سؤالنا عن الوسائل!. ـ الأسباب كامنة فينا، في التربية والتعليم والحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية، في غياب معاهد الفن الموسيقية والتمثيلية، في خجل المسرح، وفي انكماش الفن التشكيلي على نفسه ونخبة قليلة من محبيه، في غياب الترفيه الطيب البريء والطبيعي، وفي تردّي الأغنية حيث تُستأجر أطيب حنجرة بشيك من قِبَل شعراء قلّ ما يشعرون، ويقبل المغنّي لأن مهنة الغناء، ومهما قلنا في مديحها، ساقطة في النظرة الاجتماعية العامّة!. ـ ونعم، نحن في عهد سياسي جديد، مُشِعّ ومُبشِّر، وذاهب إلى التغيير بجسارة غير مسبوقة، لكننا ما زلنا في البداية، في بداية البداية، وأهم ما يجب حدوثه هو دعم الحريّة الفكرية، حتى لو استفاد من هذا الدعم الخَبَل والمهَلهَل والرديء والمتهالك!. لا بحر من دون طحالب، ولا غابة من دون نباتات متسلِّقة!.
مشاركة :