مواجهات عنيفة بين الجيش السوري وفصائل جهادية عند أطراف المحافظة.العرب [نُشر في 2017/12/30، العدد: 10856، ص(2)]الفرار من الجحيم دمشق – تشي التطورات العسكرية عند أطراف إدلب في شمال غرب سوريا بأن روسيا جادّة في السير بعملية عسكرية واسعة في المحافظة التي تعتبر معقل جبهة فتح الشام (النصرة سابقا)، ومركز نفوذ تركيا في سوريا. وكان وزير الخارجية الروسية سيرجي لافروف واضحا حين قال قبل أيام إن “المهمة الرئيسية الآن لمحاربة الإرهاب في سوريا هي دحر جبهة النصرة”. مشيرا إلى أن الجيش السوري وحلفاءه بدعم روسي يتقدّم على مواقع التنظيم الإرهابي، الذي يُبدي “مقاومة بفضل الحصول على دعم من الخارج، حسب معلوماتنا”. وعدّ مراقبون تصريحات لافروف تعكس نفاذ صبر روسيا من المناورات التركية وعملية ليّ الذراع التي تستخدمها ضدها لتحصيل جملة من المكاسب لعل في مقدمتها إقصاء وعزل الأكراد عن العملية السياسية التي تسعى لإطلاقها من سوتشي في الشهر الماضي. ومعلوم أن تركيا هي من توفر الغطاء والدعم لجبهة فتح الشام التي تحكم قبضتها على إدلب، على الرغم من كون التنظيم الجهادي مدرجا على القوائم الدولية للتنظيمات الإرهابية. وقتل أكثر من 66 شخصاً بينهم 19 مدنياً خلال الساعات الأخيرة، جراء المعارك بين الجيش السوري وقوات رديفة له من جهة وجبهة فتح الشام مسنودة بفصائل جهادية ومقاتلة على أطراف محافظة إدلب، وفق ما أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان الجمعة. وتدور منذ الاثنين معارك عنيفة بين الجيش والفصائل الجهادية في المنطقة الحدودية بين محافظتي إدلب وحماة (وسط)، إثر هجوم واسع بدأه النظام في محاولة للسيطرة على ريف إدلب الشرقي، حيث تمكّن الأخير الخميس من السيطرة على عدد من القرى والبلدات داخل الحدود الإدارية لمحافظة إدلب.تركيا توفر الغطاء للنصرة لإحكام قبضتها على إدلب، على الرغم من كون التنظيم مدرجا على القوائم الدولية للإرهاب وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن “قتل 27 عنصرا من قوات النظام وحلفائه مقابل 20 مقاتلاً من الفصائل في الساعات الـ24 الأخيرة جراء المعارك بين الطرفين في بلدات عدة في محافظة إدلب”. كما تسببت الغارات السورية والروسية الداعمة لهجوم الجيش منذ الخميس بمقتل 19 مدنياً على الأقل بينهم سبعة أطفال، بحسب المرصد. وذكر شهود عيان في منطقة محاذية لتلك التي تدور فيها المعارك، أن أعمدة الدخان تتصاعد من عدد من القرى والبلدات تزامناً مع دويّ غارات كثيفة تنفذها طائرات حربية تحلق في سماء المنطقة. وأفادوا بخلوّ القرى والبلدات المحاذية من سكانها حيث شوهدت العشرات من السيارات المحملة بالمدنيين مع حاجياتهم تغادر المنطقة تزامناً مع إعلان المساجد في البلدات المأهولة عبر مكبّرات الصوت إلغاء صلوات الجمعة ودعوة السكان لملازمة منازلهم. وكان غارات جوية قد مهّدت قبل فترة لهذا التصعيد العسكري الذي يتوقع أن يزداد في الأيام المقبلة، في ظل أنباء عن تعزيزات عسكرية للنظام قدمت من العديد من المناطق وبخاصة من محافظة دير الزور، فضلا عن حديث عن حركة غير اعتيادية في مطار حماة. وخرجت محافظة إدلب الحدودية مع تركيا عن سيطرة القوات الحكومية منذ العام 2015. وتسيطر جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً) منذ أشهر على الجزء الأكبر منها، فيما يقتصر تواجد الفصائل الإسلامية الأخرى على مناطق محدودة فيها. وتشكّل محافظة إدلب مع أجزاء محاذية لها من محافظات حلب (شمال) وحماة واللاذقية (غرب) إحدى مناطق اتفاق خفض التوتر الذي تم التوصل إليه في مايو بموجب محادثات أستانة برعاية روسيا وإيران حليفتي دمشق وتركيا الداعمة للمعارضة. وباستثناء دخول قوات تركية إلى ريف إدلب الغربي وتمركزها أساسا بالقرب من مدينة عفرين التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردي، بعد أيام من الاتفاق، إلا أنه لم يحدث أيّ تطور ملموس يشي بدخوله حيّز التنفيذ، ما يؤكد أن هناك خلافات بين الأطراف المعنية أي إيران وروسيا وتركيا. ويأتي تحرّك الجيش السوري باتجاه إدلب، بعد انتهائه من آخر أكبر المعارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية في محافظة دير الزور (شرق) الحدودية مع العراق. ويرى مراقبون أنه لا يمكن بالمرة الجزم فيما إذا كانت المواجهات الدائرة الآن على أطراف إدلب الهدف منها السعي للسيطرة على كامل المحافظة، وبالتالي إسقاط الورقة القوية لتركيا، أم أنها لا تعدو على المستوى السياسي أن تكون مجرد ضغط على أنقرة، وعلى الصعيد العسكري استعادة بلدتي كفريا والفوعة المواليتين للنظام، ومطار أبوالضهور العسكري، إضافة إلى تأمين الطريق الواصل بين حلب ودمشق. وشكلت إدلب خلال العامين الماضيين وجهة لمقاتلين معارضين ومدنيين تم إجلاؤهم من مناطق عدة في سوريا قبل أن تستعيد القوات الحكومية السيطرة عليها، آخرهم عناصر النصرة الموجودون في بيت جن جنوب غربي دمشق التي بدأت عملية إجلائهم إلى إدلب الجمعة، بعد اتفاق مع النظام الذي فرض قبل أيام حصارا خانقا على البلدة الاستراتيجية التي تقع في تقاطع بين الحدود السورية مع الجولان المحتل ولبنان. ولطالما رأى البعض أن إدلب قد تشكل الهدف المقبل لقوات النظام وحليفته روسيا بعد الانتهاء من المعارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وتشهد سوريا نزاعا داميا تسبب منذ اندلاعه في العام 2011 بمقتل أكثر من 340 ألف شخص وبدمار كبير في البنى التحتية وفرار وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
مشاركة :