تعرضت اللجنة المالية البرلمانية، عقب قرارها الذي اتخذته أمس بسحب تقاريرها المتعلقة بــ«التقاعد المبكر» وخفض الفائدة على قروض المتقاعدين لمزيد من الدراسة، لهجوم حاد ونيران صديقة جاءت من ثلاثة من أعضائها ممن رفضوا القرار، إضافة إلى هجوم خارجي من عدد من النواب الرافضين لهذا التوجه، الذين اعتبروا أنه جاء بتدخل حكومي لدفن الموضوع. بأغلبية 4 مقابل 3، وافقت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية البرلمانية، في اجتماعها أمس، الذي وصفه أحد أعضائها بـ"الكارثي"، على مشروع قانون بالإذن للحكومة بعقد قروض عامة، وعمليات تمويل من الأسواق المالية المحلية والعالمية، ورفع سقف الاقتراض إلى 25 مليار دينار، ومد فترة الاقتراض إلى 30 سنة، وسحب التقريرين الخاصين بالتقاعد المبكر وخفض الفائدة على قروض المتقاعدين لمزيد من الدراسة بواسطة شركة عالمية، تم تكليفها من جانب مكتب المجلس. وأوضح رئيس اللجنة النائب صلاح خورشيد، في تصريح صحافي عقب الاجتماع، أن اللجنة وافقت بأغلبية أعضائها على الطلب المقدم من الحكومة بشأن مشروع قانون السماح برفع سقف الدين والاقتراض من الأسواق الخارجية والمحلية إلى ٢٥ مليار دينار، وزيادة فترة الاقتراض إلى 30 عاما، وسترفعه إلى المجلس للتصويت عليه. وأضاف خورشيد أن اللجنة درست الأمر من جميع أبعاده، وناقشت في اجتماعها الطلب مع وزير المالية ومحافظ البنك المركزي، اللذين شرحا وجهة نظرهما في هذا الموضوع. من جانب آخر، قال خورشيد إن اللجنة وافقت بالأغلبية على سحب التقريرين الثاني والخامس عشر المتعلق أحدهما بموضوع التأمينات الاجتماعية بشأن خفض نسبة الفائدة المستحقة على قروض المتقاعدين (الاستبدال) من 6.5 في المئة إلى 3 في المئة، والتقرير الآخر متعلق بالتقاعد المبكر. وبيّن أن التقريرين سحبا بسبب تكليف مكتب المجلس شركة أجنبية محايدة وضع دراسة متكاملة حول هذا الموضوع، على أن يتم إنجاز تقريرها في مدة لا تتجاوز الشهر ونصف الشهر من تاريخ توقيع هذا العقد. وقال: "كما تعلمون، نحن لا نثق بالأرقام التي تقدمها الحكومة ممثلة في التأمينات الاجتماعية، ولذلك كلفنا الشركة دراسة الوضع، وبعدها سنعيده إلى المجلس للتصويت عليه بشكل نهائي"، معربا عن أسفه بسبب أن الموافقة السابقة جاءت من دون مراجعة للبيانات ولا الأرقام بشكل دقيق. وذكر أن اللجنة استعانت بتقرير من صندوق النقد الدولي فيما يتعلق بالجوانب المالية للدولة للاستفادة من خبراته وإمكاناته، مضيفا: "رأينا ضرورة وجود شركة محايدة، وأن نتأنى في اتخاذ القرار، لنأخذ الرأي النهائي منها في خفض سن التقاعد بحيث يكون للمرأة ٢٠ سنة، والرجل ٢٥ سنة خدمة". وتابع: "لا أحد يزايد علينا أمام الشعب الكويتي، ونحن اليوم أمام أرقام علينا التحقق منها، ولا نثق بالأرقام التي تقدمها التأمينات الاجتماعية والخاصة بوجود عجز اكتواري". وأضاف: "انني اليوم لا أدافع ولا أمانع ولا أعترض ولا أوافق إلا بعد أن تصل إلي الأرقام الحقيقية من الشركة المحايدة التي سيكون لها الحق في أن تدخل على جميع أرقام التأمينات الاجتماعية وترفع تقريرا متكاملا". وأكد خورشيد أهمية مراعاة مصلحة جيل من الممكن ألّا يجد دينارًا في التقاعد، مشيرا إلى أنه "يجب مراعاة ما اؤتمنا عليه أمام الله والشعب الكويتي لحماية المتقاعدين الجدد في المستقبل بأن نوفر لهم العيش الآمن والحياة الكريمة" ولفت إلى أن اللجنة ناقشت أيضا عشرة اقتراحات برغبة، وتمت الموافقة على بعضها، ورفض البعض الآخر لتعارضه مع القوانين. ما يستجد من أعمال من جانبه، أعرب مقرر لجنة الشؤون المالية والاقتصادية البرلمانية النائب صالح عاشور عن أسفه لتقديم بعض أعضاء اللجنة طلبا على بند ما يستجد من أعمال لسحب تقريري اللجنة بشأن خفض سن التقاعد وإلغاء فوائد المتقاعدين للمرة الثانية، بعد رفضه والموافقة عليه بأغلبية ٤ أعضاء مقابل 3 ، مشيراً الى أن اللجنة وافقت في الوقت ذاته على مشروع القانون الحكومي برفع سقف الدين العام الى 25 مليار دينار، ومد اجل السداد إلى 30 عاما. وذكر أنه اعترض على فتح بند ما يستجد من أعمال وطلب سحب تقريري اللجنة لمزيد من الدراسة، وخاصة أنه في الاجتماع قبل الماضي للجنة طرح طلب السحب وتم رفضه، واليوم تمت إعادة الطلب ذاته للاستئناس برأي أحد المكاتب الاستشارية. وأوضح أن تحفظه مبني على أن تقريري اللجنة تمت الموافقة عليهما بالإجماع في دور الانعقاد الماضي، وسبق أن طرح طلب السحب وسقط، كما أن الكثير من المواطنين ينتظرون هذه القوانين، وبالتالي لا يجوز السحب. وأضاف: "كنت أتمنى أن يأتي قرار السحب من الحكومة لا من أعضاء مجلس الأمة، وخصوصا أن هناك طلباً نيابياً من أكثر من 40 نائباً لمناقشة هذا الموضوع المهم"، مؤكدا أن "قرار سحب المقترحين ليس في مصلحة المجلس، فنحن نحتاج إلى إنجاز، وهذا الإنجاز لابد أن يكون لمصلحة المواطن، كما أن مبررات الجهات الحكومية ضعيفة". واستغرب عاشور أن تحيل الحكومة المواطن للتقاعد بالإجبار قبل إكمال سن الستين، وفي الوقت نفسه ترفض قانون التقاعد المبكر، مشيرا إلى أن من يرغب في الاستمرار في العمل من المديرين والمحققين والمهندسين وغيرهم تتم إحالتهم للتقاعد في سن فوق الخمسين، وفي المقابل ترفض الحكومة التقاعد الاختياري. وتمنى على كل نائب تحمل مسؤولياته في جلسة الغد، وأن يتخذوا موقفا من طلب سحب تقريري اللجنة بشأن خفض سن التقاعد وإلغاء فوائد قروض المواطنين برفض هذا الطلب، وإقرار التقريرين، وتحقيق انجاز للمجلس. اجتماع كارثي بدوره، وصف عضو اللجنة النائب أسامة الشاهين اجتماع اللجنة المالية، أمس، بأنه اجتماع "كارثي"، داعيا الشعب إلى مراقبة تصويت النواب والحكومة في جلسة الغد. وقال الشاهين: "ضد قانون اقتراض الدولة 25 مليار دينار، وضد سحب تقرير التقاعد الاختياري المبكر، وضد سحب تقرير إسقاط فوائد التأمينات". من جانبها، قالت عضو اللجنة النائبة صفاء الهاشم: "درسنا في اللجنة المالية باستفاضة تقريري فوائد قروض المتقاعدين وخفض سن التقاعد، فعلى أي أساس يتم سحبهما"، متساءلة: "من هذا المكتب الخارجي الذي سيتم استقدامه بحجة الحساب الاكتواري؟، شنو هالخرابيط". من جهته، قال النائب علي الدقباسي: "أوجه نداءً لنواب مجلس الأمة بعدم الموافقة على سحب تقرير خفض سن التقاعد، لأنه مر بمراحله الطبيعية، وكل الدعوات لمزيد من الدراسة يمكن أن تحقق، ونحن نكرر إننا مع مصلحة خزانة الدولة". وتابع الدقباسي، في تصريح صحافي: "لكن هذا لا يمنع مناقشته، وإقراره في المداولة الأولى، ثم الاستمرار في دراسته، لأن هذا يضمن جدية العمل في إقرار القوانين التي يتقدم بها النواب، وبالتالي فإن سحب التقرير يدل على حجر الرأي". وأضاف: "نحن لسنا ضد المحافظة على البيانات المالية، ولكن هذا حقنا بأن يكون هناك مناقشة وإقرار في المداولة الاولى، ولن أكل أو أمل في توجيه نداء لجميع أعضاء المجلس بأن يقروا تعديل القانون بشأن خفض سن التقاعد". وزاد: "لست من انصار الصدام، لكنني من أنصار المرونة السياسية والانجازات في اقرار قوانين مهمة، وببساطة شديدة، فالمناقشة في المداولة ممكنة ومرحب بها، وهي مطلبنا وستوفر رأي السادة اعضاء المجلس، وفيما بعد سيكون هناك تصويت على المداولة الثانية".
مشاركة :