ما إن أطلّ تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) بوجهه الدموي وأعماله الإرهابية على المشهد الإقليمي، حتى بادرت المملكة في تصنيفه تنظيماً إرهابياً، بل واعتبرته خطراً على الإسلام بمزاعمه الباطلة حول تحكيم الشريعة وإقامة الخلافة، من واقع شعاراته الفاسدة وأفعاله الشيطانية وفظائعه الدموية، التي يحاول من خلالها اختطاف الإسلام وتقديمه إلى العالم كدين للتطرف والكراهية. والمملكة بموقفها المشرف والتاريخي تجاه هذا التنظيم الإرهابي إنما تؤكد دورها الدولي، وتبرهن على مسؤوليتها السياسية في حماية المنطقة العربية والعالم الإسلامي ككل من كل التنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة المتسترة بالدين، خصوصاً أن للمملكة تجربة عميقة وثرية بالمعاني والإنجازات في محاربة الإرهاب، عندما نجحت عبر أجهزتها الأمنية الباسلة وعيونها الساهرة في دفع ومنع شرور تنظيم (القاعدة)، وملاحقة عناصره والقضاء على بؤره، وتجفيف مصادر تمويله على مستوى كل الوطن، حتى إن التنظيم لم يجد له موطئ قدم إلا في بعض المناطق والدول الهشة أمنياً كاليمن والصومال ومالي والعراق، فضلاً عن إسهاماتها العالمية في الحرب على الإرهاب. من جهةٍ أخرى لم تكن المملكة طائفية في التعامل مع تنظيم (القاعدة) أو (داعش) باعتبارهما من التنظيمات السنيّة، كما تفعل بعض الدول التي تسكت عن بعض التنظيمات الإرهابية التي تشترك معها بالمذهب، وتعتبرها في بيانات إعلامها وعبر تصريحات مسؤوليها أحزاباً أو ميليشيات سياسية، بل لقد جنَّدت المملكة خطابها الديني لفضح خطورة (القاعدة) و(داعش) على الإسلام والأمة والمجتمعات حتى وإن انطلق هذان التنظيمان من نفس الثقافة الدينية السنيّة أو الفكر السلفي.. وهذا يحمل أكبر الدلالة على صدقية المملكة في حربها على الإرهاب، وثبات موقفها ضد من يقتل أو يدمر أو يعبث بأمن البلدان أو يهدد المجتمعات، فالإرهاب عند السعوديين لا دين له ولا جنسية ولا مذهب. لهذا كان من الطبيعي والمفترض أن مواقف كل الدول، التي تشترك في الحرب على الإرهاب عالمياً، تكون مواقف صادقة، وواضحة، وغير انتقائية، فلا تغض الطرف أو تسكت عن تنظيم أو ميليشيا أو حزب يقوم بأعمال إرهابية ويتبنى مواقف متطرفة، لأجل مصلحة سياسية تخدمها، أو حالة دينية أو مذهبية تجمعها معه، كما هو الحال بالنسبة لمواقف الدول الغربية ونظام إيران وحكومة العراق تجاه ما يُسمى (حزب الله) اللبناني، و(حركة الحوثي) اليمنية، وجيش سرايا القدس الإيراني، ولواء أبو الفضل العباس العراقي، وفيلق غدر المسمى زوراً فيلق بدر وغيرها من التنظيمات الإرهابية الشيعية، التي تقوم بأعمال إجرامية وفظائع دموية لا تقل عن أعمال التنظيمات الإرهابية السنيّة كتنظيم (داعش) أو جبهة النصرة، أو (القاعدة)!!.. ومع ذلك نجد السكوت الغربي تجاهها.. فإذا كانت إيران وحكومة العراق ونظام بشار لا يعتبرون التنظيمات الشيعية المتطرفة إرهابية لأجل استثمار أعمالها في خدمة المشروع الصفوي، وتكريس فكرة (الهلال الشيعي)، فما مبرر الحكومات الغربية في عدم تصنيف هذه التنظيمات باعتبارها (إرهابية)، بحيث تشملها الحرب العالمية على الإرهاب.. أم أن الغرب لا يرى الإرهاب إلا سنيّاً أو سلفياً، ولا يراه صهيونياً أو صفوياً!!
مشاركة :