استياء في البرلمان التونسي بسبب تواصل ظاهرة تغيب النواب بقلم: آمنة جبران

  • 1/20/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

استياء في البرلمان التونسي بسبب تواصل ظاهرة تغيب النوابعاد الجدل مجددا إلى أروقة البرلمان التونسي بسبب تغيب عدد كبير من نواب الشعب عن أداء مهامهم التشريعية خلال جلسة مناقشة المواد المعدلة والطعون الخاصة بالهيئات الدستورية، ويشير مراقبون إلى أن البرلمان لم يستطع النأي بنفسه من حالة التجاذب السياسي والحزبي بداخله، حيث تتواصل الاختلافات حول فصول قانون الهيئات، ما يثير المخاوف من تعثر جديد في مهمة تركيز المؤسسات الدستورية. العرب آمنة جبران [نُشر في 2018/01/20، العدد: 10875، ص(4)]غياب التوافق مشهد يتكرر بالبرلمان تونس - أجل مجلس نواب الشعب (البرلمان) النظر في تعديلات الفصول الخاصة بالهيئات الدستورية إلى موعد لاحق، وذلك بعد أن أدّى تغيب أكثر من 100 نائب عن الجلسة العامة الأخيرة إلى تأجيل النظر في الفصول المعدلة في ظل عدم اكتمال النصاب القانوني. وقال رئيس الجلسة، عبدالفتاح مورو، النائب الأول لرئيس البرلمان إنه “لا يمكن النظر في المواد المعدلة من هذا القانون، بحضور 98 نائبا فقط”. وأثار تغيب عدد كبير من النواب جدلا بالبرلمان، وحمّل عدد من النواب الحاضرين في الجلسة نواب كتلة نداء تونس مسؤولية تأجيل النظر في فصول الهيئات الدستورية. وينص الدستور التونسي (دستور 2014) في بابه السادس، على إرساء 5 هيئات دستورية (الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد والهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية وهيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة وهيئة الاتصال السمعي البصري). وأعرب نواب كتل الجبهة الشعبية وآفاق تونس والحرة لحركة مشروع تونس عن استيائهم من ذلك، واعتبروا تغيب نواب الحزب الحاكم “استخفافا بمشروع القانون ومحاولة لمزيد كسب الوقت لصالحهم، لتمرير التعديلات التي يريدونها”. وصادق البرلمان في يوليو الماضي على القانون الأساسي المتعلق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة بـ133 صوتا، في حين تحفظت المعارضة على 5 فصول من القانون وهي الفصول 2 و10 و11 و24 و33، وتقدمت بطعن فيها لدى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين. وأقرت الهيئة الوقتية بقبول هذا الطعن، شكلا وأصلا؛ بعدم دستورية الفصل 33 وما تبعه من تنصيص بالفصلين 11 و24 من القانون الأساسي المتعلق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة ورفض الطعن في ما عداه أي في الفصلين 2 و10. واعتبر النواب في عريضة الطعن أن “الفصل 11 مخالف لعنوان الباب السادس والفصل 125 وما بعده من الدستور لمنحه مجلس نواب الشعب صلاحية الإعفاء، في تضارب مع الدستور الذي يمنح البرلمان مهمة انتخاب أعضاء مجالس الهيئات الدستورية، لا غير”. ولاحظوا أن تنصيص الدستور في الفقرة الأخيرة من الفصل 125 على تنظيم سبل مساءلة الهيئات الدستورية، “لا يعني ولا يبرر إعطاء المجلس لنفسه مهمة مساءلة الهيئات”.أنيس معزون: لم تكن لحركة النداء أي نية مبيتة لتعطيل تعديلات مواد الهيئات ولفت أعضاء المجلس إلى أن “الفصل 24 من مشروع القانون مخالف للفصل 125 من الدستور الذي نص على أن مهمة المجلس تقتصر على مناقشة التقرير السنوي للهيئة”، معتبرين أن “إعطاء البرلمان صلاحية المصادقة على التقرير المالي للهيئة هو تجاوز للصلاحيات المقررة بالدستور”. ويتابع مجلس البرلمان النظر في بقية الطعون الخاصة بالفصلين 2 و10، حيث ترى المعارضة أنهما يتعارضان مع الفصلين 125 و130 من الدستور التونسي. لكن تغيب عدد كبير من النواب أدى إلى تأجيل النظر فيهما، الأمر الذي سيلقي بظلاله سلبا على مسار الهيئات الدستورية ومهمة تركيزها. ونفى أنيس معزون القيادي بحزب نداء تونس في تصريحات لـ”العرب” صحة اتهامات الكتل النيابية الأخرى. وأكد معزون أنه “لم تكن لحركة النداء أي نية مبيتة لتعطيل التعديلات”. وأشار إلى أن “نسق العمل متواصل للمصادقة على مشاريع القوانين غير أن العمل البرلماني تحدده الأولويات”. وأوضح أن “مجلة الجماعات المحلية تُولَى بحيّز أكبر من الاهتمام بالبرلمان حاليا”، وتابع “نسعى لمناقشة فصول المجلة خاصة وأن المجلس تعهد بالمصادقة عليها في شهر فبراير القادم”. ويرى مراقبون أن الأداء التشريعي للبرلمان لم يحقق تقدما، كما لم يف رئيس البرلمان محمد الناصر بما تعهد به الشهر الماضي بتخصيص شهر يناير شهرا يعنى بالهيئات الدستورية وتسريع المصادقة على قوانينها. ويلفت هؤلاء إلى أن تأجيل النظر في الفصول المعدلة يكشف حالة من الصراع بين الكتل النيابية ومن التجاذب السياسي المتواصل بين الأحزاب بسبب التباينات حول الفصول الخلافية، والذي يحتدم مع اقتراب الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في مايو القادم. وبرزت حالة التأزم السياسي في مسار تركيز الهيئات عندما تعسر انتخاب رئيس للهيئة العليا المستقلة للانتخابات بعد استقالة رئيسها شفيق صرصار مايو الماضي. ويتخوف المراقبون من وقوع الهيئات الدستورية رهن الحسابات السياسية والحزبية أو التراجع عن فكرة تركيز الهيئات. ويثير تواصل تغيب النواب عن أداء دورهم التشريعي إحباط المواطن، خاصة وأنه يشكو من غلاء الأسعار ويمر بحالة تذمر، برزت في احتجاجات شعبية في الآونة الأخيرة، تنديدا بحلول الحكومة “القاسية” للخروج من مأزقها الاقتصادي والاجتماعي. وذكرت شركة سبر آراء محلية (سيغما كونساي)، الخميس، أن “نسبة رضاء المواطن عن النائب الذي يمثّل محافظته متدنّية وتتراوح بين 2 و5 بالمئة”. كما يعزز التغيب حالة فقدان ثقة المواطن بقياداته السياسية خاصة أن الحكومة الحالية تعاني مؤخرا من انشقاقات الأحزاب المشاركة في الحكم في إطار وثيقة قرطاج، حيث انسحبت أحزاب الوفاق والجمهوري وحركة مشروع تونس من الوثيقة التي على شاكلتها تأسست حكومة وحدة وطنية برئاسة يوسف الشاهد صيف 2016 تنديدا بالتحالف القائم بين حركتي النداء والنهضة اللتين تمسكان بزمام السلطة وتحظيان بدعم شعبي. وقال عماد الخميري الناطق الرسمي باسم حركة النهضة لـ”العرب” إن” الغيابات ظاهرة لم تتوقف بالبرلمان”. وأشار إلى أن “حركة النهضة طلبت من مجلس البرلمان أن يعرض هذه الظاهرة على جدول أعماله وأن يتخذ التدابير اللازمة حتى يقوم البرلمان بدوره التشريعي كما يجب”. وعن اتهام حركة نداء تونس بتعمد الغياب عن جلسة القوانين للمماطلة وتمرير التعديلات التي تطمح إليها، بين الخميري أن “تغيب النواب ظاهرة في كل الكتل النيابية ولا تشمل كتلة بعينها”. وأوضح أن “تأجيل النظر في فصول الهيئات الدستورية يعود إلى طلب اللجنة المعنية بالهيئات تحقيق المزيد من التوافق”. وأضاف “القانون الأساسي يتطلب نصابا قانونيا الذي (بدوره) يتطلب توافقا بين أغلب الكتل حتى يتم تمرير التعديلات”. وأكد الخميري أنه “ستتم المصادقة على مشروع إحداث الهيئات الدستورية بعد إنهاء مناقشة القوانين داخل اللجان المختصة”. وتهدف الهيئات الدستورية إلى الحفاظ على مكاسب الانتقال الديمقراطي منذ انتفاضة يناير عام 2011، وتحمل على عاتقها مهمة حماية الحريات العامة والفردية. ولم يتم إحداث سوى الهيئة العليا للانتخابات التي انتخبت قبل دستور يناير عام 2014.

مشاركة :