نظام جديد للبرلمان التونسي ينهي التجاذبات السياسية وضعف الأداء بقلم: آمنة جبران

  • 6/17/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

نظام جديد للبرلمان التونسي ينهي التجاذبات السياسية وضعف الأداءاختلف المشهد البرلماني في تونس منذ انطلاق أعمال مجلس نواب الشعب عقب الانتخابات التشريعية عام 2014. ويعزو المراقبون ذلك إلى التجاذبات السياسية والتصدعات الحزبية التي نجم عنها إرساء كتل جديدة داخل المجلس، ما أدى إلى المزيد من الخلافات، في ما يبقى الرهان الفعلي للبرلمان التونسي هو التعاطي مع الاتهامات الموجهة لبعض النواب بالفساد في ظل المعركة التي تخوضها الحكومة.العرب آمنة جبران [نُشر في 2017/06/17، العدد: 10666، ص(4)]نحو تأسيس جديد للعمل البرلماني تونس - صادقت لجنة النظام الداخلي بمجلس نواب الشعب التونسي الخميس على التقرير النهائي لتعديل أحكام النظام الداخلي للبرلمان، بعد أن أنهت النظر في اقتراحات التنقيح. وقالت رئيسة لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والانتخابية كلثوم بدرالدين في تصريحات لـ”العرب” إن “التعديلات شملت العديد من الفصول لإضفاء نجاعة أكثر على عمل المجلس وللتسريع في إنجاز المهام الموكولة للنواب في أشغالهم البرلمانية”. وقامت اللجنة بتنقيح الفصلين عدد 169 و170 من المدونة المتعلقين بالتزام النائب بعدم ممارسة أي نشاط تتضارب فيه المصالح مع مهامه، إضافة إلى التزامه باحترام إجراءات الإعلام بالغياب المنصوص عليها صلب النظام الداخلي. ويشير مراقبون إلى أن الغيابات في مجلس نواب الشعب ليست استثناءات أو حالات معزولة وإنما ظاهرة جدية يمكن ملاحظتها في مختلف هياكل المجلس، من شأنها تعطيل سير الجلسات العامة واجتماعات اللجان. وأوضحت بدرالدين أن “هذه المقترحات متعلقة بتدوين سلوكيات وأخلاقيات النائب، حيث من الضروري أن يلتزم النائب في إطار عمله ببعض الأخلاقيات والسلوكيات من بينها الإعلام عن كل عمل سيقوم به من شأنه أن يكون فيه تضارب للمصالح بين المهام النيابية والمصلحة الشخصية”. وأضافت بدرالدين “المصلحة العليا للوطن أهم المبادئ الأساسية التي وجب أن يلتزم بها النائب كما يلتزم بمتابعة كل أشغال المجلس وكل الإجراءات المتعلقة بالإعلام عن الغيابات، والالتزام بعدم الاعتداء على زملائه النواب والمس من هيبة وسمعة المجلس”. ومنذ انطلاق أعمال مجلس نواب الشعب خضع المشهد البرلماني في تونس للتجاذبات السياسية التي انعكست بدورها على مسار الجلسات العامة. واتسمت جلسات البرلمان بحدتها خلال نقاشات مختلف نواب الكتل التمثيلية بالحزب، وتبادل نواب الاتهامات في أكثر من مناسبة، ما أثار جدلا وانتقادا لدى الرأي العام في تونس.كلثوم بدرالدين: التعديلات تهدف لإضفاء النجاعة على عمل المجلس وتسهيل مهام النواب ويرى النائب محمد الجيلاني عن حزب الجبهة الشعبية خلال تصريحات لـ”العرب” أن “التعديلات الأخيرة لن تحد من التجاذبات داخل المجلس باعتبار أن التجاذبات مسألة سياسية، وطالما هناك كتل ووجهات نظر مختلفة متباينة وأحيانا متناقضة ستبقى التجاذبات بمعنى الصراعات حول المواقف وكيفية أداء المجلس قائمة الذات”. ويضيف الجيلاني “النظام الداخلي لن يستطيع أن يخفف من التجاذبات لكن من جهة أخرى هناك جوانب إجرائية تتعلق بسير الكتل كإشكالية الإعلام والغيابات، ذات طابع تنظيمي إجرائي قد تؤدي إلى إصلاح الأوضاع داخل المجلس”. وألقت الانشقاقات والاستقالات داخل حزب نداء تونس بظلالها على المشهد البرلماني في تونس حيث انبثقت كتلة نيابية جديدة، وأدت إلى خسارته أكثر نسبة تمثيل بالمجلس لصالح حركة النهضة. وتصدرت كتلة حركة نداء تونس البرلمان بـ86 مقعدا، واحتلت كتلة حركة النهضة المرتبة الثانية بـ69 مقعدا. ويلاحظ مراقبون تغير المشهد البرلماني الحالي في تونس واختلافه عن نتائج الانتخابات التشريعية عام 2014، حيث تنقل 57 نائبا من جملة 217 من كتلة إلى أخرى نتيجة الخلافات السياسية والأزمات التي عرفتها الأحزاب والكتل. وحاول حزب نداء تونس تخطي أزمته السياسية ومواجهة الكتل الجديدة بالمطالبة بتنقيح النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب وذلك بالتنصيص على أن الاستقالة من الكتلة تعني الاستقالة من المجلس. ويلفت الجيلاني إلى “أن النظام الداخلي للمجلس وضع في ظل موزاين قوى ونتيجة الانتخابات وفي إطار تحالف حزبي النهضة والنداء، لذلك كان هناك تسرع في ضبط جملة من الأحكام، واتضح في ما بعد أن النظام الداخلي فيه الكثير من الجوانب لا تستقيم والعمل الديمقراطي”. وبالإضافة إلى أزمته الداخلية يشهد مجلس نواب الشعب حالة ارتباك عقب توجيه تهم بالفساد لبعض النواب في إطار حملة تشنها الحكومة التونسية ضد الفساد. وعبر عدد من النواب من مختلف الكتل البرلمانية أبرزهم من كتلة مشروع تونس وبعض المستقلين وغير المنتمين، عن استعدادهم للتنازل عن الحصانة من أجل محاسبتهم في حالة وجود شبهة أو تهمة حقيقية ضدهم. ويقول الجيلاني“إذا تأكدت حكومة يوسف الشاهد من وجود شبهات فساد تشمل النواب فلا أحد فوق القانون. ولا نائب يستطيع أن يكون فوق القانون”. واعتبر محمد الناصر رئيس مجلس نواب الشعب أن “تخلي بعض النواب عن حصانتهم هو موقف شخصي يُعبر عن تأييدهم لحملة مكافحة الفساد التي انطلقت الحكومة في تنفيذها مؤخرا”. وكان رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد أعلن “الحرب على الفساد” أواخر مايو الماضي لتشمل اعتقالات لرجال أعمل ولا تزال الحملة متواصلة. ويرى المحلل السياسي بشير الجويني خلال تصريحات لـ”العرب” أنه “إذا ما ثبت تورط بعض النواب فلا بد من التشهير بهم والضرب على يد كل من تسول له نفسه الاحتماء بمنصب وحصانة، لكن هذا لا يجب أن ينسحب على المجلس ككل فهو مكسب أساسي وضمان رئيسي لاستمرار المسار الديمقراطي والنظام الجمهوري”. ويعتقد الجويني أن “التغييرات داخل تركيبة اللجان متنوعة الأسباب منها ما هو دوري بموجب القانون الداخلي ومنها ما أملته شغورات، لذلك لا يمكن الجزم بالخلفيات وراء إبعاد أسماء وتعويض أخرى”. ويضيف الجويني “تبقى في كل الحالات المؤسسة البرلمانية مكسبا يجب المحافظة عليه وحمايته بقوانين نافذة من كل محاولات استغلاله لتبييض الفساد أو شراء الذمم، فلا خيار لمجلس نواب الشعب إلا الانخراط في الحرب على الفساد وقيادتها عبر صياغة مشاريع قوانين ومساءلة رجال الدولة في كل مواقعهم من أجل إرساء ثقافة الشفافية ومبدأ المحاسبة والتصرف الرشيد”.

مشاركة :