الفنان العراقي نديم كوفي بخبرته الطويلة مع عدد من المهتمين باستخدام تقنية الطباعة كوسيلة مُعاصرة للتعبير الفني، وذلك منذ بداية تصميم وتخطيط الرسم إلى تحويله إلى نسخة ديجيتالية، ومن ثم العمل عليها بتقنية “الفوتوشوب”، قبل طباعتها بواسطة تقنية “الآيزر كات”، وخلال هذه الورشة تمّ استخدام وسائط أساسية في فن الطباعة كالحبر والقماش القطني و”البيكسي غلاس”.العرب ميموزا العراوي [نُشر في 2018/01/26، العدد: 10881، ص(17)]تنوع لولبي لا يرتوي من استخدام التقنيات والمواد المختلفة بيروت – منذ افتتاحها أرادت صاحبة صالة "آرت سبيس" البيروتية، الفنانة العراقية ليلى كبّة كعوش، أن تجعل منها مساحة فنية لا تقتصر على عرض الأعمال الفنية لفنانين جدد ومخضرمين، بل جعلها مُلتقى فنيا تقام فيه الورش الفنية، إضافة إلى الندوات وتقديم العروض الفنية الإيقاعية. وها هي منذ فترة قصيرة تعلن هذا التوجه بشكل رسميّ عبر تنظيم العديد من ورش العمل الفنية بالغة التنوع والمُعاصرة، لتلبي حاجة مُلحة لهكذا نوع من “الدورات” الفنية التي تنظم خارج إطار الدراسة الجامعية المُتكاملة، وهذا ما أكده أحد المُشاركين بهذه الكلمات “لا يُمكنني أن أعبّر عن مدى أهمية هكذا ورش فنية تختارها صالة يديرها فنانون وضليعون بشؤون الفن، وفي قلب بيروت، فليس كل فنان هو قادر لضيق وقته على العودة إلى الدراسة الجامعية عبر تخصّص يدوم لسنوات من أجل اكتساب المعرفة والخبرة في استخدام التقنيات الفنية الجديدة التي تزداد مع مرور السنوات، حيث جاء نظام تقديم الورش الفنية من قبل فنانين مُكرسين كي يسدّ هذه الثغرات المعرفية بوقت أقصر وبتركيز أكبر”. نظمت صالة “آرت سبيس” البيروتية خلال السنوات القليلة التي مضت على تأسيسها العديد من ورش العمل التشكيلية، بداية بالورشة الفنية التي أدارها الفنان العراقي محمود شُبر، حيث نظّم دورات للرسم للفئات العمرية الصغيرة من 6 إلى 12 سنة، تحت عنوان “الكفّ الصغيرة”. ولم يعتمد شُبر، وأيضا الفنانون الآخرون الذين شاركوا في تفعيل الورشة، الأسلوب التقليدي في تعليم الفن، إذ كان الهدف الرئيسي إثارة اهتمام المُشاركين الصغار بعناصر الفن الأساسية كاللون والشكل والخط، دون أن يتم في السياق فرض نظام معين للتعبير أو “لتصويب” طريقتهم في التعبير الفني. قد تكون المساحة-الصالة ليست هائلة، ولكنها تمتلك تصميما نموذجيا إن لناحية تعرضها للنور الطبيعي من نوافذ شاسعة تطل على شارع الحمرا الشهير، أو لناحية تصميم الغرف، إذ تتألف صالة “آرت سبيس” من خمسة أقسام.نديم كوفي فنان عراقي يقف بثبات على أرض الواقع بالرغم من اعتماده الأساسي على الإصغاء إلى الأحلام التي تأتي إليه في المنام والقسم الأول هو الصالة الفنية المجهزة بتقنية عالية لعرض الأعمال مختلفة الأحجام من رسم ونحت، أما الثانية، فأصغر، لكنها لا تقل أهمية، وهي مجهزة كليا لتستضيف عروض الفيديو آرت والتجهيز الفني والفن المفهومي. أما القسم الثالث من الصالة، فهو عبارة عن غرفة كبيرة ومنيرة، هي المشغل الفني، إذ تعطى فيها دروس في الرسم للمهتمين، حيث قسم من “آرت سبيس”، هو محترف للفنانة ليلى كبّة كعوش، مُؤسسة ومديرة الصالة، وقد فتحت بابه مؤخرا للمشاركين في ورشة عمل الفنان نديم كوفي، إضافة إلى باقي أقسام الصالة. ومن الورش الفنية التي سبقت هذه الأخيرة نذكر تلك التي ركّزت على مساعدة الفنانين على كيفية كتابة “البيان الفني/الشخصي” الذي بات يرافق كل معرض فني، وأيضا نظمت ورشة أخرى وجّهت الفنانين المهتمين إلى كيفية ترويج أعمالهم الفنية على شبكات التواصل الاجتماعي. لعل ما يُمكن أن يختصر، إذا جاز التعبير، الكلام عن الفنان نديم كوفي هو تخيله على هذا النحو: فنان يقف بثبات على أرض الواقع بالرغم من اعتماده الأساسي على الإصغاء إلى الأحلام التي تأتي إليه في المنام، لكي تنطلق منها خطواته الأولى في تشكيل أعماله الفنية. أعمال تهجس بمجملها، وبشكل أو بآخر بتورطه العاطفي والفكري في الأزمات المعاصرة، وبأحوال الغربة التي اختبرها بعد مغادرته للعراق هو وعائلته عام 1995 نحو أوروبا قبل أن يستقر في هولندا. فنان يقف في وسط لا يمكن تحديد ماهيته الجغرافية، إلاّ أنه شكل من أشكال وطن فردوسي بديل عن العراق، ومن حوله تدور شتى أنواع الأساليب الفنية المُجسدة بأدواتها الخاصة أو بالمواد المُختلفة التي تُستخدم لإنجازها، ويقوم باستدعائها تباعا نحوه ليخلط بعضها ببعضها الآخر، أو ليقوم بتوأمة بعضها الآخر مع مواد أخرى في تشكيله لأعمال فنية كثيرة التنوع. ومن تلك المواد نذكر أقلام الرصاص والحبر والألوان الزيتية والقماش القطني والورقي والسيراميك والفحم والصفائح المعدنية والفخار والكريستال الصناعي والكاوتشوك، وأدوات النحت والحفر والمعجون الملون والشمع والصابون والحنّة والشاي والتمر والصور الفوتوغرافية والرسم الغرافيكي وجهاز الكمبيوتر بالتطبيقات الفنية الديجيتالية المتنوعة. وتتصف أعمال نديم كوفي بالتنوع اللولبي الذي لا يرتوي من استخدام التقنيات والمواد المُختلفة، ومن هناك استعار في تقديمه الأخير لورشة عمل في صالة “آرت سبيس” من عالم الغرافيكس وسائله في خدمة التعبير الفني، وهو تأكيد جديد على ما يؤمن به الفنان العراقي بأن “كل مادة أو أداة يمكن تطويعها من أجل التعبير الفني عن فكرة أو شعور ما هذا هو عصب الفن المُعاصر، وهذه هي تشعباته غير المحدودة”.
مشاركة :