الطعام حق للجميع، ولكن الجميع لا يستمتع به، فهناك البعض يمنعهم المرض من تناول بعض الأطعمة، كذلك الديمقراطية حق للجميع بحكم القانون والدستور، ولكن البعض بل الغالبية العظمى وللأسف متصدرو المشهد السياسي يجهلون أبجديات الديمقراطية ويضلون سبل ممارستها وكيفية تحسين مستوى الثقافة السياسية للشعب. وعلينا جميعًا أن نواجه الحقيقة التاريخية التى كتبها الزعيم الراحل " سعد زغلول " فى مذكراته عام 1908 م ، وقال فيها إن الغالبية العظمى من الفلاحين يحركهم الدين أكثر من المصلحة الشخصية ، وأن العمال تحركهم المطامع غير العقلانية ورأى أن وجود الاحتلال الإنجليزى قد يساهم فى تثقيف الشعب سياسيًا ، وقال الدكتور "طه حسين" فى كتابه مستقبل الثقافة فى مصر أن أكثر شيئ يشفق منه هو حصول الشعب المصرى على الاستقلال، والذى ستكون تابعيته عدم القدرة على الاستفادة منه ما يدفع الغرب للسخرية من المصريين الذين ناضلوا وحاربوا من أجل الاستقلال ولم يستفيدوا منه، وهذا ما أكدته الاستحقاقات الانتخابية التى تمت دعوة الشعب للمشاركة فيها بعد ثورة يناير والتى غلب عليها الاستقطاب السياسي والدينى.وبالنظر إلى الانتخابات الرئاسية المقرر لها مارس القادم نجد أنها إنعكاس لعدم جاهزية الغالبية العظمى ليس من الناخبين بل من المرشحين ، فعندما نرى أحد المرشحين ينسحب قبل أن يشترك ، أعلن فى الإعلام أنه سيترشح ووضع بعض الشروط التى طلب من السلطة تنفيذها له ليترشح ، بعدها عجز عن تقديم التوكيلات المطلوبة للترشح فأعلن فى مؤتمر صحفى حاشد انسحابه من الانتخابات الرئاسية ليذكرنا بالثعلب الذى أخفق فى القفز على سور جنينة العنب فعاد إلى أصحابه يقول لهم أن العنب حصرم لم ينضج بعد ، ومرشح آخر يعلن أنه قرر خوض الأنتخابات الرئاسية لانقاذ الشعب المصرى من ظروفه الأقتصادية والسياسية وينتظر موافقة المؤسسة التى ينتمى إليها للسماح له بخوض الانتخابات ، بعدها تصدر المؤسسة بيانا تعلن فيه أن إعلان الترشح وطلب الترشح مخالف لقوانيين المؤسسة ، وحزب أخر عريق يمتلك من التاريخ السياسي ما لا يملكه حزب أخر يعلن فى الأيام الأخيرة نيته الدفع بمرشح لخوض إنتخابات الرئاسة التى ستنطلق خلال شهرين وكأنه يعلن للعالم أنه يسعى بالدفع بمرشح لا للمنافسة بل لنيل شرف المشاركة ، فأبجديات الديمقراطية هى الاستعداد للاستحقاقات الانتخابية ومنها حشد الأنصار وإعلان برنامج إنتخابى يكون بمثابة مقدمة تعاقدية بين المرشح والشعب ، والتجهيز لشروط الترشح المعلنة والمعلومة مسبقًا طبقًا للدستور القائم ، لذلك لا يمكن أن نضع الترشح والإنسحاب موضع حسن النية والوطنية التى أنأى بنفسي عن إتهام أحد فى وطنيته ولكن النتيجة الوحيدة المطلقة هى محاولة إحراج النظام وإظهاره امام العالم بأنه يضع عراقيل امام المنافسين ، مع العلم أن مرشح النظام قدم ملامح برنامجه الإنتخابى ، و قام بعمل الكشف الطبى ، وأعلن عن تشكيل قيادات حملته الإنتخابية والتى تقدمت للهيئة الوطنية العليا المشرفة على الإنتخابات بالمستندات المطلوبة للترشيح .لذلك أرى أن الشرعية الأكبر من شرعية الصندوق التى يحاول أعداء الوطن استغلالها هى شرعية الظروف التى تمر بها البلاد كتلك التى وضعت " قطز " على عرش مصر لمواجهة التتار ، ومنحت "عرابى" شرعية مواجهة الإنجليز بعيدًا عن الملك بتفويض من شيخ الأزهر و بابا الكنيسة و حاخام اليهود ونقيب الأشراف ، لأنها مصر قبلة الغزاة .
مشاركة :