نزاهة الفن بقلم: فاروق يوسف

  • 1/29/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الجريمة تقع حين يسطو فنان على جهود فنان آخر ويدّعيها لنفسه، يظل المقلّد إنسانا نزيها بعكس اللص الذي يسعى إلى مقاومة الحقيقة عن طريق الكذب.العرب فاروق يوسف [نُشر في 2018/01/29، العدد: 10884، ص(16)] ما لم يكن الفنان نزيها، فإن كل ما ينجزه لا يمكن أن يكون مصدر ثقة، ينظر البعض إلى فنه كما لو أنه حدث منفصل عنه، نوع مختلق من العلاقة من أجل إقناع الآخرين بأن ما يُرى، وهو العمل الفني، لا يشف عما لا يُرى، وهو ما يتعلق بطريقة الفنان في النظر إلى عمله الفني. غير أن القاعدة التي يهرب منها الكثيرون تنصّ على أن الفنان يحتاج إلى إقناع نفسه بأصالة عمله قبل أن يقنع الآخرين. اللصوصية ليست هي العبارة المناسبة لوصف الوضع الذي انتهى إليه عدد من الفنانين العرب، صحيح أن الفن ينطوي على شيء من الخديعة التي تمزج الحقيقي بالوهمي، كما لو أنهما الشيء نفسه، غير أنها الخديعة التي تقدّم حلولا نبيلة لمشكلات الإنسان. وهو ما يعني أن الفنان حين يقدم على الممارسة الفنية، فإنه يكون مسلحا برغبة عميقة في قول شيء لم يقله الآخرون من قبل، وهو تعبير مجازي لا يتعلّق بالمضمون، بل يتعلّق بالأسلوب، فليس المطلوب أن نخترع مضامين جديدة، بل المطلوب أن نبثّ الروح بالمضامين الإنسانية الخالدة بما يتناسب ولغة عصرنا. من هذه النقطة بالضبط تنبعث شروط الأصالة بما يتنافى مع قيام الفنان بتقليد الآخرين، الفنان المقلّد لا يزوّر، غير أنه لن يكون نزيها إذا ما طُلب منه أن يعترف بحقيقة ما قام به. ليس صعبا الاهتداء إلى مواقع التقليد، غير أن من العسير أن يعترف الفنان بفعلته، ولكن التقليد شيء والسرقة شيء آخر، فحين نقول إن فنانا قلّد فنانا آخر لا نقصد الإشارة إلى وقوع جريمة. الجريمة تقع حين يسطو فنان على جهود فنان آخر ويدّعيها لنفسه، يظل المقلّد إنسانا نزيها بعكس اللص الذي يسعى إلى مقاومة الحقيقة عن طريق الكذب، كلما كثر اللصوص ضاعت الحقيقة، ولكنها لعبة لن تقوى على إلحاق الهزيمة بالفن الحقيقي، لا تزال النزاهة ممكنة. كاتب عراقيفاروق يوسف

مشاركة :