خلافات المشهد السياسي التونسي تقترب من فصلها الأخير بقلم: الجمعي قاسمي

  • 12/1/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تعديل حكومي في الأفق يثير موجة من الانتقادات.العرب الجمعي قاسمي [نُشر في 2017/12/01، العدد: 10829، ص(4)]قادة الائتلاف الجديد تونس - لم يشفع تمسك حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي بالبقاء داخل الائتلاف الحكومي التونسي برئاسة يوسف الشاهد، من تفادي الانتقادات والاتهامات التي انهالت عليه من حركتي نداء تونس والنهضة الإسلامية. وبات المشهد السياسي في البلاد أمام واقع مُتحرك تتبدل فيه مواقع أطراف المعادلة السياسية بسرعة على وقع تناقضات متصاعدة. وبدأت هذه التطورات تدفع نحو مأزق سياسي جديد قد يُزعزع أركان الائتلاف الحاكم، بالنظر إلى ازدحام مفردات المجابهة والصراع بأشكالها المختلفة، وسط قراءات تباينت فيها الآراء، وتعددت فيها السيناريوهات حول مستقبل الائتلاف الحاكم. ويرى مراقبون أنّ هذا المشهد الذي يُنذر بسقوط الائتلاف الحاكم بتركيبته الحالية، لا يخرج عن سياق سعي حركة نداء تونس إلى التخلص من هذا الائتلاف، والعودة إلى المعادلة الحزبية التي أفرزتها انتخابات أكتوبر 2014. ويبدو أنّ هذا السعي الحثيث الذي عكسته مواقف العديد من قادة هذه الحركة التي يقودها حافظ قايد السبسي، يحظى بدعم واضح من حركة النهضة الإسلامية، التي لا تُخفي هي الأخرى رغبتها في إعادة ترتيب المشهد السياسي لتصل إلى حالة من التوازن على مقاساتها، بما يُمكنها من فرض مواقفها لاحقا. وتُحذّر الأوساط السياسية من تداعيات هذا التوجه الذي تُريد حركة النهضة الإسلامية من خلاله التخلص من الوضع الراهن الذي يتسم بالهشاشة، ريثما يتم تكييف الأوضاع استعدادا للاستحقاقين التشريعي والرئاسي القادمين. وكان حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي الذي يُشارك في الحكومة الحالية بوزير هو أمينه العام سمير بالطيب الذي يتولى حقيبة الفلاحة، قد أكد أنه لن ينسحب من الائتلاف الحاكم، ولكنه واصل في المقابل انتقاداته لعمل الحكومة. ودفع هذا الأمر السبسي الابن المدير التنفيذي لحركة نداء تونس إلى اتهام قادة حزب المسار بأنهم “لم يستوعبوا تحوّلات المرحلة، وحوّلوا حزبهم إلى ناد مغلق يقوده متقاعدون”. وأثارت تلك التصريحات استياء حزب المسار الذي رد على لسان منسقه العام الجنيدي عبدالجواد الذي اتهم حركة نداء تونس، وكذلك أيضا حركة النهضة الإسلامية بأنهما “تحميان الفساد”. ودفع هذا التراشق بالاتهامات البرلماني عبدالعزيز القطي الذي عاد مؤخرا إلى الصف القيادي لحركة نداء تونس، إلى محاولة تلطيف الأجواء بين حركته وحزب المسار بدعوتهما إلى الكف عن مثل هذه التصريحات التي من شأنها تعميق الخلافات الحزبية بما يؤثر على تماسك الائتلاف الحاكم. لكن دخول حركة النهضة على خط الخلافات، أعاد السجال بين الحزبين إلى مربّع الخلافات التي بدأت تتوسع لتشمل حزب آفاق تونس الذي سبق له أن دخل في خلافات حادة مع حركة النهضة الإسلامية، وهو ما أعاد إلى الأذهان الضغوط التي تعرّض لها الحزب الجمهوري قبل انسحابه من الائتلاف الحاكم. وتعرّض الحزب الجمهوري إلى هجمة وُصفت بـ”الشرسة” من حركتي نداء تونس والنهضة الإسلامية، قرر على إثرها الانسحاب من الائتلاف الحاكم في السادس من نوفمبر الماضي، بسبب “استحالة العمل داخلها نتيجة هيمنة بعض الأطراف عليها وارتهانها لحركتي نداء تونس والنهضة الإسلامية”. وتُؤشر هذه الخلافات الجديدة بين الأحزاب المذكورة، أي نداء تونس والنهضة الإسلامية من جهة، والمسار وآفاق تونس من جهة أخرى، التي تُشكّل مُجتمعة الائتلاف الحاكم الحالي برئاسة يوسف الشاهد، بأن أمرا ما يُطبخ في الكواليس قد يعيد تشكيل الائتلاف الحاكم على قاعدة جديدة من التحالفات. وأعرب خالد شوكات القيادي بحركة نداء تونس، عن اعتقاده بأن المفهوم المعتمد لعبارة “الوحدة الوطنية” الذي شكل قاعدة لبناء الحكومة الحالية، هو “مفهوم سقيم، ولن يمكّن الحكومة من تحقيق الأهداف التي رسمتها”. وقال لـ”العرب”، إن الأمر لا يتعلق بشخص رئيس الحكومة وفريقه الحكومي، بقدر ما يتعلّق بالسياق السياسي القائم الذي لا يمكن أن تنتج عنه حكومة قوية قادرة على فرض الإصلاحات المؤلمة”. ولم يتردد شوكات الذي سبق له أن دعا إلى تشكيل حكومة على قاعدة نتائج انتخابات 2014، في القول، إن بقاء الوضع على ما هو عليه، “يعني أننا نقامر بمستقبل النظام الديمقراطي، والاقتصاد الوطني، وهو حال لا يجب أن يدوم”. وتتوقع الأوساط السياسية أن حركتي نداء تونس والنهضة الإسلامية قد تكونان قررتا التخلص من بعض الأحزاب المشاركة في الحكومة الحالية، باتجاه فسح المجال أمام حكومة جديدة تتشكل على قاعدة نتائج انتخابات أكتوبر 2014. ويرتكز هذا الطرح الذي بدأ صداه يتردد في المنابر الإعلامية على لسان العديد من الفاعلين السياسيين، على عودة سليم الرياحي رئيس حزب الإتحاد الوطني الحر إلى دائرة الضوء من جديد، وتحالفه المثير للجدل مع حركتي نداء تونس والنهضة الإسلامية. وساهمت تصريحات سليم الرياحي التي اعتبر فيها أن حكومة يوسف الشاهد “مُخترقة من قبل أناس يوجّهون لها الضربات من الداخل”، في ترجيح التقديرات التي تُشير إلى أن المشهد السياسي التونسي اقترب كثيرا من الفصل الأخير من المعادلة الحزبية الراهنة التي أفرزت الحكومة الحالية برئاسة يوسف الشاهد.

مشاركة :