زاد عدد العاطلين من العمل في المغرب نحو 49 ألفاً عامي 2016 - 2017، ليرتفع مجموع الباحثين عن وظيفة إلى 1.21 مليون شخص تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة، وفقاً لتقرير المندوبية السامية في التخطيط حول سوق العمل. وأفادت بأن الاقتصاد المغربي «تمكّن من استحداث 86 ألف فرصة عمل جديدة العام الماضي، لكنه فقد 37 ألف وظيفة قبل سنة، ما زاد معدل بطالة الشباب بنسبة 4.2 في المئة». ولم تتطور سوق العمل «سوى بنسبة 0.8 في المئة بعد انضمام 135 ألف شخص إلى قائمة الباحثين عن عمل للمرة الأولى». وقدّرت الإحصاءات «معدل البطالة لدى الشباب (بين 15 و24 سنة)، بـ26.3 في المئة، وبلغ 18 في المئة لدى حاملي الشهادات الجامعية، ما يرفعه في المدن إلى 14.7 في المئة ويستقر على 4 في المئة في الأرياف والقرى». وسجل المعدل الوطني للبطالة «نحو 10.2 في المئة وهو الأعلى منذ سنوات، على رغم تحسن النمو البالغ 4.2 في المئة سنوياً، وتنامي قيمة الاستثمارات الحكومية والأجنبية، لا سيما منها المسجلة في قطاعات الصناعة والتكنولوجيا والخدمات والبنى التحتية. وأظهرت الدراسات سابقاً، أن «نسبة نمو من واحد في المئة كانت توفّر 30 ألف وظيفة جديدة سنوياً، أي أن معدل 4 في المئة يمكّن من تشغيل 120 ألف شاب في سوق العمل سنوياً». لكن هذه المعطيات تغيّرت في السنوات الأخيرة، إذ أصبح النمو على رغم ارتفاعه غير قادر على امتصاص بطالة الشباب، ولم تعد الشهادات الجامعية كافية للارتقاء الاجتماعي كما كان الأمر قبل عقود. وكشفت المندوبية السامية في التخطيط، عن أن «معدلات البطالة مرتفعة لدى النساء أكثر من الذكور بواقع 14.7 في المئة، وهي تزيد لدى الجامعيين أكثر منها لدى غير المؤهلين بواقع 17.9 في المئة، وتلامس 27 في المئة لدى الشباب أقل من 26 سنة». وبسبب هذه الوضعية، ازداد عدد السكان الذين يمارسون أعمالاً ناقصة أو هشة أو مهمشة إلى أكثر من مليون شخص، تتعاطى غالبيتهم مهناً لا تضمن دخلاً كافياً». وتنتشر ظاهرة الباعة المتجولين والشباب المتسولين وحتى المنحرفين، وهي حالات غريبة عن المجتمع المغربي. ووفق تقرير مندوبية الإحصاء، «تنتشر ظاهرة العمل الناقص لدى الرجال أكثر منها لدى النساء بواقع 11 إلى 5.4 في المئة على التوالي، وترتفع ستة أضعاف في العالم القروي». ونتيجة ضعف فرص العمل، تراجعت معيشة الطبقات الوسطى التي لديها أعداد أكثر من العاطلين من العمل. ويُقدر عدد الأشخاص القادرين على العمل في المغرب بنحو 25 مليوناً، لا يعمل منهم سوى 10.7 مليون شخص، ولا تشمل التغطية الصحية والرعاية الاجتماعية وخدمات التقاعدن سوى أربعة ملايين شخص بين القطاعين العام والخاص وبعض المهن الحرة. ويعتقد صندوق النقد الدولي، أن «70 في المئة من الشباب غير راضين على أداء حكوماتهم، ولا يعملون كفاية في مجال توفير فرص العمل». وتقدر البطالة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بـ 35 في المئة، وهي من أعلى المعدلات في العالم. وخلال السنوات الخمس المقبلة، «سيكون 52 مليون شخص إضافي قادر على العمل في المنطقة العربية، وستحتاج إلى توفير 27 مليون وظيفة جديدة، وفق صندوق النقد الذي قدم في مراكش الأسبوع الماضي، نصائح إلى الحكومات العربية بـ «تجنب ربيع عربي جديد عبر معالجة بطالة الشباب والمرأة وإدماجهم». وأوضح الصندوق أن معدل العمل في العالم «يقدر بـ 55.8 في المئة من مجموع السكان، ولا تتجاوز النسبة 49 في المئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على رغم موارده الطبيعية والمالية والبشرية. وتساهم الثقافات المحافظة ضد تطور المرأة ومجال عملها، في ارتفاع بطالتها ثلاث أضعاف ويقل الدخل مرتين وكذلك المسؤوليات الوظيفية. وهذا ينعكس «على جودة التعليم والتربية في المجتمعات العربية، التي تبدو أقل استفادة من التقدم الاقتصادي والتكنولوجي والعلمي الذي يشهده العالم، حيث تراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة 53 في المئة بين عامي 2010 - 2015 «. ورأى الصندوق في المقابل، أن المنطقة تزخر بالمواهب والكفاءات والعقول القادرة على اغتنام الفرص العالمية والتكنولوجيات الحديثة، لتطوير الاقتصاد والمجتمع والثقافات السائدة. لكن الحكومات وأصحاب القرار تحكمهم غالباً كوابح ضد التطور والتغيير، وهو ما قد يضيع فرصاً جديدة سانحة على المنطقة أو يدفع بها نحو ربيع عربي جديد. علماً أن شرارتها الأولى التي انطلقت من تونس سيدي بوزيد عام 2010 كانت من أجل العمل والدخل والكرامة.
مشاركة :