خروج الكبار على النص في الملاعب المصرية بقلم: عماد أنور

  • 2/9/2018
  • 00:00
  • 21
  • 0
  • 0
news-picture

خروج الكبار على النص في الملاعب المصريةيمثل شهر فبراير ذكرى سيئة لجماهير كرة القدم في مصر، خصوصا جماهير الأهلي والزمالك، وكان فبراير شاهدا على حادثين مأساويين، أولهما يطلق عليه إعلاميا (مجزرة بورسعيد) ووقع عام 2012، عقب مباراة بين الأهلي والمصري على ملعب الأخير بالدوري، وأودى بحياة 74 مشجعا أهلاويا، وبعدها بثلاث سنوات، جاء حادث ملعب الدفاع الجوي قبل مباراة الزمالك وإنبي، وراح ضحيته 19 فردا.العرب عماد أنور [نُشر في 2018/02/09، العدد: 10895، ص(22)]توأم متكامل القاهرة – في الأول من فبراير الجاري، أحيا مجلس إدارة النادي الأهلي، برئاسة محمود الخطيب، ذكرى ضحايا أحداث بورسعيد، بوضع أكاليل الزهور على نصب تذكاري أقيم لهم بالنادي، بمشاركة بعض أهالي الضحايا، وأحيا لاعبو الزمالك ذكرى ضحايا حادث الدفاع الجوي في 5 نوفمبر، ونشروا كلمات الرثاء، عبر صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل. وتسبّب حادث ملعب بورسعيد في غياب الجماهير عن المدرّجات حتى الآن، لكن يخطئ من يتصوّر أن الجماهير وحدها سبب شغب الملاعب، حتى وإن كانت عنصرا أساسيا في الكوارث التي تشهدها المدرّجات، فهي من تنفذ سيناريو الاشتباكات بالألفاظ أو الأيدي، غير أن هناك لاعبين ومدربي الأندية يشعلون، عن عمد أو دونه، فتيل الأزمات، بتصريحات مسيئة للمنافسين، وإشارات خادشة يشاهدها الملايين عبر شاشات التلفاز. ولعل ابتعاد الجماهير عن الملاعب في ظل هذه الأحداث لهو أمر إيجابي أو رحمة إلهية تقي الشارع الكروي من كوارث جديدة، فالمباريات تنتهي وينفضّ المولد، ويُمكن أيضا أن يعتذر المدرب عما بدر منه، لكنه تناسى أن فعلته تبث حالة احتقان بين جمهور فريقه وجمهور المنافس، وتتعامل البعض من البرامج التلفزيونية مع تلك الأحداث المسيئة على أنها الكنز، بما تمثله من مادة جاذبة للمشاهدين ومن ثم زيادة نسب المشاهدة والإعلانات. أبطال الانفعالات داخل الملعب يعتبر التوأمان، حسام حسن المدير الفني لفريق المصري البورسعيدي، وشقيقه إبراهيم مدير الكرة بالنادي، هما بطلا آخر مشهد انفعالي في ملاعب كرة القدم المصرية، أما خارج الملعب فيعتبر رئيس نادي الزمالك بطل الأزمات دون منازع، لما يحمله سجل ظهوره على الشاشات من ألفاظ خادشة وهجوم حاد على معارضيه. وقام المدير الفني للمصري بأداء إشارة مسيئة عقب مباراة فريقه أمام فريق بتروجت بالدوري المحلي، وتعاملت البرامج التلفزيونية مع تلك الفعلة وكأنها “كليب” جديد لمطرب شهير، وأعادت بثه العشرات من المرات، وفتحت المداخلات التلفزيونية أمام المشاهدين وخبراء الكرة، لإعطاء حسام حسن درسا في الأخلاق والقيم، فيما برر حسن نفسه تلك الإشارة بأنها للتعبير عن القوة والنصر.التوأمان، حسام حسن مدرب فريق المصري البورسعيدي، وشقيقه إبراهيم، هما بطلا آخر مشهد انفعالي في الملاعب المصرية والطرف الثاني لهذه المباراة (بتروجت)، يدربه أحد نجوم نادي الزمالك السابقين، وهو طارق يحيى، وكان ذلك كاف لظهور مرتضى منصور في المشهد، لكن تعليقه على الأحداث ما هو إلا مشهد كوميدي، فقد قال “ما كان يجب على مدرب المصري أداء هذه الإشارة التي تسببت في خدش حياء المشاهدين في البيوت، لا سيما وأن بينهم أطفال”، وكان من الأولى أن يلقّن رئيس الزمالك نفسه هذه النصيحة. والوقائع المؤسفة داخل وخارج الملعب كثيرة، وإن كانت ما عرفته مباراة الزمالك وبتروجت أكثرها حداثة، فالموسم الماضي مثلا، شهد أكثر من واقعة للاعتداء على الحكام، واتهام بعضهم بالعملاء والمرتشين، ولم يفطن المدربون إلى أن تصرّفاتهم الانفعالية تتبعها حالة احتقان جماهيري، وينجرف خلفها عشاق ومؤيدو النادي. ويفتح هؤلاء النار على جمهور الفريق المنافس الذي لم يجد أمامه مخرجا سوى الردّ بنفس المنهج والأسلوب، وتتحوّل مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحات حرب افتراضية، ولولا ابتعاد الجماهير عن ملاعب الكرة في هذه الفترة، لحدث ما لا يحمد عقباه ولتكررت أحداث بورسعيد والدفاع الجوي بصورة أسوأ. ويبدو أن غياب القوانين الرادعة أحد أسباب استمرار نجوم المشهد الرياضي في سلوكهم العدواني الذي يعكس صورة سلبية عن الرياضة المصرية، ويتنافى مع جملة (الروح الرياضية) التي يتشدقون بها ليلا نهارا، ما يهدد الشارع الرياض، وقد ألمح الناقد الرياضي حسن المستكاوي إلى أن غياب المحاسبة أدى إلى انتشار الظاهرة. وقال المستكاوي لـ”العرب”، “إن نقل كل الوقائع تظهر لحظة بلحظة عبر شاشات القنوات الفضائية، ومنها إلى مواقع التواصل الاجتماعي، ويؤدي ذلك إلى استقطاب البعض من روّاد تلك المواقع، بالتالي تزداد درجات التعصب الأعمى ويرتفع مؤشر الكراهية، وكل ذلك يؤدي إلى تأخر عودة الجماهير إلى المدرجات. عودة الروح تحتاج الملاعب المصرية إلى عودة الروح إليها، بعد أن تحوّلت إلى مساحات صماء بسبب غياب الجماهير لنحو ست سنوات، واقترح المستكاوي فرض عقوبات متدرجة تتصاعد إلى حد وقف المتجاوزين عن ممارسة العمل، والأهم تفعيل مبدأ المحاسبة ليشمل العاملون في الرياضة، من لاعبين ومدربين وإداريين ورؤساء أندية. ولجأ اتحاد كرة القدم المصري إلى تكوين لجنة القيم، وهي معنية بتلقّي كافة الشكاوى من كل عناصر اللعبة في حالات الخروج عن النص، ويترأسها المستشار صالح عبده، وتتكون من خمسة أعضاء بينهم أربعة مستشارين هم، وائل مصطفي ومحمد قدري ومحمود عابدين وطارق النفراوي، وعضو من الوسط الكروي هو لاعب الزمالك وعضو اتحاد الكرة السابق أيمن يونس. وتتسلم لجنة القيم الشكاوي، ثم تنتدب شخصا للتحقيق في الشكوى، بعدها تجتمع اللجنة لاتخاذ القرار دون وجود العضو الذي قام بالتحقيق، وهذه الصلاحيات من اختصاصات الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، وتصل العقوبات إلى الإيقاف ثلاثة أشهر أو ست مباريات أو غرامات مالية تصل إلى 30 ألف جنيه (نحو 1800 دولار)، ومن حق اللجنة توقيف أي رئيس ناد مدى الحياة. وعمل اللجنة بهذه الطريقة من شأنه التقليل من تجاوزات العاملين في الوسط الكروي، لكنّ هناك امتدادا لهذه التجاوزات، يتعلق بما يتبعه من مشادّات أخرى عبر شاشات الفضائيات، ما دفع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إلى إلى أن يصدر قرارا بشأن تنظيم إدارة البرامج التلفزيونية. وإذا كان البعض يطالب الجماهير بضبط النفس وعدم الخروج عن المألوف، فالأولى إسداء النصائح إلى رؤساء ومدربي البعض من الأندية، لأن الجماهير قد تنساق وراء هذه الحالة وتتكرر المأساة.

مشاركة :